مقتل صحافية يابانية في سوريا.. وغموض حول مصير فريق «الحرة» ومراسلة «الجديد»

مريم البسام لـ «الشرق الأوسط»: الصحافية اللبنانية كانت تبدو مرتبكة وتحت تأثير «ضغوط»

ميكا ياماموتو
TT

بينما أعلن أمس رسميا عن مقتل صحافية يابانية في قصف استهدف حي سليمان الحلبي بمدينة حلب شمال سوريا، أعلن الجيش السوري الحر أنه تم اعتقال مراسلي قناة «الحرة» الأميركية، بحسب بيان صادر عن إدارة القناة، فيما بقيت المعلومات حول مراسلة تلفزيون «الجديد» اللبناني يمنى فواز الموجودة في سوريا منذ أكثر من 10 أيام، غير واضحة حتى لحظة كتابة هذه السطور.

وكانت قناة «الحرة» قد ذكرت يوم الاثنين أنها فقدت الاتصال باثنين من موظفيها العاملين في سوريا. وقالت مديرة الاتصالات لشبكات البث في الشرق الأوسط التابعة للقناة، ديردر كلاين، في بيان لها، إن المراسل بشار فهمي والمصور جنيد أونال، دخلا سوريا في وقت مبكر الاثنين، مضيفة: «لقد شاهدنا على موقع (يوتيوب) شريط الفيديو الذي يعلن فيه الجيش السوري الحر أن مراسل قناة «الحرة» فهمي ومصوره أونال أسرا واعتقلا في حلب بسوريا، ولم نتمكن من الاتصال بهما منذ دخولهما إلى سوريا صباح الاثنين، ونعمل حاليا على جمع معلومات إضافية حول وضعهما». في موازاة ذلك، كانت المعلومات عن مراسلة «محطة الجديد» يمنى فواز متضاربة، ففي حين أفادت معلومات صحافية باحتجازها في سوريا مع أربعة صحافيين آخرين، ترددت معلومات أخرى عن مقتلها في حلب.. فيما أكدت مريم البسام، مديرة الأخبار في قناة «الجديد»، أن فواز بخير وهي في تركيا. وكانت فواز قد وصفت الوضع في سوريا في آخر تعليق لها على «فيس بوك» يوم السبت الماضي بكلمات قصيرة واضحة قالت فيها: «ما قبل يوم العيد في سوريا: الناس طوابير أمام الأفران.. البيك آب لشراء الغاز والبنزين، وآخرون مختبئون في المنازل. لا ألبسة جديدة للأطفال ولا قدرة العائلات شراء اللحومات والحلويات».

وقالت البسام لـ«الشرق الأوسط»: «يمنى فواز بخير وتواصلت معنا مرات عدة خلال ليل الثلاثاء، وكان آخر اتصال هاتفي معها عند الساعة السابعة صباحا، وذلك بعد التأكد من وصولها إلى تركيا، بعدما تولت جهة لبنانية تأمين خروجها من سوريا»، مشيرة إلى أنه «منذ ذلك الحين لم نتمكن من الاتصال بها، وقد أبلغنا وزارة الخارجية اللبنانية بالأمر، وذلك بعدما عرفنا أن السلطات الأمنية في تركيا تقوم بالتحقيق معها حول كيفية دخولها الأراضي السورية».

وعما إذا كانت فواز قد تعرضت للخطف أو ضغوط معينة من قبل جهة سوريا ما، قالت البسام: «لم نستطع التأكد من هذا الأمر، لكن كان يفترض أن تعود إلى لبنان منذ نحو 4 أيام وهذا لم يحصل، وعندما كنا نسألها عن السبب كانت تقول إنه لا يزال لديها عمل مع الجهة التي تولت مهمة جولتها في سوريا، من دون أن تعطينا تفاصيل أكثر». وفي حين لفتت البسام إلى أن فواز خلال الاتصال معها، قالت إنها لم تكن محتجزة في سوريا، وأوضحت: «لكن لا يمكننا التأكد من صحة هذه المعلومات إلا عندما تعود، لا سيما أنه بدا لنا من خلال صوتها وكلامها أنها كانت مرتبكة وتتكلم تحت تأثير ضغوط معينة».

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية اليابانية مقتل الصحافية ميكا ياماموتو التي تعمل لحساب وكالة الأنباء المستقلة «جابان برس» ومقرها طوكيو، موضحة أن زميلا لها كان معها تعرف على جثتها. وقال مسؤول في الوزارة إنها «كانت تعمل في حلب عندما علقت وسط تبادل لإطلاق النار». وأظهر شريط فيديو نشر على «يوتيوب» جثة امرأة ممددة في قاعدة، قيل إنها الصحافية اليابانية التي قتلها «الشبيحة»، وظهر على معصمها الأيمن جرح كبير، وإلى جانبها رجل ذو ملامح آسيوية وبدا يطلب مساعدة طبيب.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قوله إن الصحافية اليابانية «أصيبت بجروح بالغة وهي تغطي المواجهات في حي سليمان الحلبي المستمرة منذ ثلاثة أيام، وتم نقلها إلى أحد المستشفيات حيث قضت متأثرة بجروحها»، مشيرا إلى أنه استقى معلوماته من مصادر طبية في هذا المستشفى، وأضاف أنه ليست لديه تفاصيل عن الصحافيين الآخرين المفقودين.

ونقلت «رويترز» أن زميل الصحافية اليابانية كازوتاكا ساتو، الذي يعمل معها في «جابان برس»، وكان مسافرا معها، قال في اتصال هاتفي مع برنامج إخباري ياباني: «يبدو أنها أصيبت بنيران القوات الحكومية». وأضاف: «رأينا مجموعة من الناس ترتدي زيا مموها تتقدم نحونا، يبدو أنهم كانوا جنود الحكومة، وبدأوا في إطلاق النار بشكل عشوائي.. كانوا على بعد 20 أو 30 مترا فقط، وربما أقل».

مع العلم أنه بمقتل الصحافية اليابانية ياماموتو، يرتفع عدد الصحافيين الأجانب الذين قتلوا في أعمال العنف في سوريا منذ مارس (آذار) 2011 إلى أربعة، وهم: جيل جاكييه، كبير مراسلي القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي «فرانس 2» الذي قتل في 11 يناير (كانون الثاني) في حمص، والأميركية ماري كولفن من صحيفة «صنداي تايمز» والفرنسي ريمي أوشليك، اللذين قضيا خلال القصف على مركز للصحافيين في حمص في فبراير (شباط). وانضمت ياماموتو إلى «جابان برس» عام 1995 وغطت عدة نزاعات مسلحة، من بينها الحرب التي شنها الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة على أفغانستان نهاية 2001، والحرب على العراق عام 2003، حسب الموقع الإلكتروني للوكالة.

وذاعت شهرة الصحافية اليابانية بعد نجاتها من الغارات على «فندق فلسطين» في بغداد عام 2003، حيث قتل صحافيان من وكالة «رويترز» وإسباني.

من جهتها، أعربت فرنسا أمس عن أسفها لمقتل الصحافية اليابانية أثناء تغطيتها للمواجهات في حلب، مذكرة النظام السوري بأنه من واجبه حماية حرية الصحافة والصحافيين.

وقال معاون المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني: «في حين أنه من واجب السلطات السورية حماية الصحافة والصحافيين، فإنها تمارس بشكل منهجي تجاوزات وتفرض قيودا على ممثلي وسائل الإعلام». وأضاف أنه «منذ بداية النزاع قتل عدد من الصحافيين والمدونين السوريين وتعرضوا للتعذيب والاعتداءات الجسدية بصورة يومية. واعتقل مراسلون أجانب وطردوا».