الهند تغلق 250 موقعا إلكترونيا للتحريض على الكراهية وإثارة الذعر

رسائل نصية تؤدي لفرار الآلاف بسبب الصدامات العرقية

مواقع الإنترنت حاولت عمدا إثارة المشاعر (واشنطن بوست)
TT

قامت الهند بإغلاق نحو 250 من المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي يوم الاثنين، متهمة إياها بنشر محتوى مهيج للمشاعر أحدث ذعرا بين الآلاف من العمال والطلاب المنتمين إلى الولايات الثماني الواقعة شمال شرقي البلاد الأسبوع الماضي. وامتدت القائمة التي ألقت الحكومة باللوم عليها من موقع «فيس بوك» إلى المواقع الأصولية الباكستانية، ومن موقع «تويتر» إلى الرسائل النصية، ومن موقع «غوغل» إلى فيديوهات «يوتيوب». كما منعت السلطات إرسال الرسائل النصية إلى أكثر من 5 أشخاص في المرة الواحدة لمدة أسبوعين.

كان الآلاف ممن ينتمون إلى شمال شرقي الهند قد فروا من الكثير من المدن في جنوب وغرب البلاد الأسبوع الماضي، بعد تداول رسائل نصية تحذر من أنهم يتعرضون لهجمات انتقامية من المسلمين بسبب الصدامات العرقية التي وقعت مؤخرا في ولاية أسام شمال شرقي البلاد. وأعلنت الحكومة أن عددا من مواقع الإنترنت حاولت عمدا إثارة المشاعر، عن طريق استضافة فيديوهات تم التلاعب بها، حيث تصور أعمال العنف ضد المسلمين في بورما وتؤكد أنه تم التقاطها في ولاية أسام. وقد انتشرت هذه الصور منذ أكثر من أسبوع، وأثارت اضطرابات من جانب أهالي مومباي المسلمين.

وصرح وزير الداخلية آر كيه سينغ للصحافيين في نيودلهي يوم الاثنين: «لقد أغلقنا عددا من المواقع، كما حددنا عددا من المواقع التي تم تحميلها من باكستان». وطالب وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك الهند بتقديم أدلة على وجود هذه المواقع الباكستانية المزعومة، التي قال سينغ إنه سيعلنها.

ورغم أن بعض المحللين يرون أن عمليات الإغلاق هذه مبررة لأن هذه المواقع شكلت تهديدا للنظام العام، يرى آخرون أن هذه الإجراءات كانت رد فعل متسرع من جانب حكومة ضعيفة غير قادرة على أن تهدئ بصورة فعالة من مخاوف مواطنيها المذعورين. وقال مسؤول حكومي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: «هذه حكومة تحاول إخفاء عدم كفاءتها بإلقاء اللوم على الجميع، لكنها ليست مستعدة لأن تنظر إلى نفسها عند الفشل في حماية مواطنيها». ويشير آخرون إلى أن الحكومة بتضييق الخناق على مواقع الإنترنت والإعلام الاجتماعي تتهرب من المشكلة الأعمق المتمثلة في التمييز العنصري والاغتراب الذي يشعر به الكثيرون من أبناء الولايات الشمالية الشرقية، الذين درج إخوانهم الهنود على تشويه صورتهم بادعاء أنهم أقرب في مظهرهم إلى الصينيين أو الجنوب آسيويين. إلا أن علاقة الهند بحرية الإنترنت تزداد تأزما بشكل مطرد، ففي العام الماضي، دخلت الحكومة في صدام مع مواقع «غوغل» و«ياهو» و«فيس بوك»، بالإضافة إلى ناشطين ومدونين محليين، بسبب الرقابة وحجب المحتوى. واتهم المحللون وقتها الحكومة بمحاولة إخراس انتقادات الطبقة الوسطى في أوج حركة وطنية ضد الفساد. كما دأبت الحكومة على عقد لقاءات عامة لمناقشة قواعد مقترحة لمنع مواقع الإنترنت ومقدمي الخدمات من استضافة معلومات يمكن اعتبارها «ضارة» أو «مهينة» أو «مزدرية للأديان». وفي العام الماضي، جاءت الهند على رأس قائمة البلدان التي اعتادت على مطالبة شركات الإنترنت بحذف المحتوى، وذلك طبقا لما جاء في «تقرير (غوغل) للشفافية».

ورغم أن حجم انتشار الإنترنت في الهند ما زال ضعيفا، فإن البلاد لديها ثالث أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم، حيث يدخل أكثر من 100 مليون مواطن بها على شبكة الإنترنت، كما أظهر تقرير حديث أن الهنود يقضون دقيقة واحدة من كل 4 دقائق على الإنترنت في زيارة شبكات التواصل الاجتماعي. ويخشى بعض الناشطين المدافعين عن حرية التعبير من أن تعطي أحداث الأسبوع الماضي للحكومة المبرر الذي كانت تريده لتشديد الرقابة على الإنترنت. ويقول أبار غوبتا، وهو محام ومناصر لحرية التعبير على الإنترنت: «لدي مخاوف من أن الوضع الحالي ينبغي ألا يسبب رد فعل غير متكافئ، مما يؤثر على حرية التعبير على الإنترنت. تاريخيا، كان هناك جدل أمني وطني محتدم للغاية لطرد المصالح التي تتعارض مع حرية التعبير».

ويرى المدافعون الآخرون عن حرية الإنترنت أن الحكومة لديها مبرر في اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة، ولكن كان من الممكن أن تلجأ إلى أسلوب آخر أكثر تلطفا. وأوضح سونيل أبراهام، المدير التنفيذي لـ«مركز الإنترنت والمجتمع»، وهي جماعة تأييد يقع مقرها في مدينة بنغالور الجنوبية، التي شهدت الأسبوع الماضي نزوحا جماعيا لأبناء الولايات الشمالية الشرقية الخائفين: «إن فرض حظر شامل لا يؤدي بالضرورة إلى الحد من تداول الشائعات، لأن الناس يصبحون أكثر عرضة لها في ظل وجود فراغ في الاتصال».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»