الرئيس الفرنسي يستقبل قادة من المجلس الوطني السوري بعد شائعات عن «برودة» في العلاقات بين الطرفين

مصادر دبلوماسية في باريس: أي تحولات في الموقف الروسي يجب أن تظهر في مجلس الأمن

TT

يبدو أن فرنسا تعمل على استدراك الوقت الضائع في التعاطي مع الملف السوري حيث تتلاحق الاجتماعات على أعلى المستويات مع الجهات الضالعة به. وفي أقل من 24 ساعة، استقبل الرئيس فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه المبعوث الدولي الجديد الأخضر الإبراهيمي «عصر الاثنين» ووفدا خماسيا من المجلس الوطني السوري برئاسة عبد الباسط سيدا ضم بين أعضائه الرئيس السابق برهان غليون والناطق باسم المجلس جورج صبرا عصر أمس. ومن جهته، وبعد جولة الأسبوع الماضي في ثلاث دول من الجوار السوري «الأردن، لبنان، وتركيا» التقى وزير الخارجية لوران فابيوس الإبراهيمي الذي كرر له دعم فرنسا لمهمته واجتمع على انفراد مع الرئيس هولاند كما شارك في لقاء الأخير مع وفد المجلس الوطني.

ويأتي اجتماع الأمس ليخفف من وقع المعلومات التي انتشرت في الفترة الأخيرة حول وجود «برودة» فرنسية إزاء استمرار التعاطي مع المجلس الوطني الذي كانت باريس أبرز الأطراف الدولية في الإعراب عن دعمها له لا بل في سعيها لجعله المحور المعارض الراغبة في التعامل معه. وبحسب المعلومات المشار إليها، فإن فرنسا سعت في الأسابيع الأخيرة إلى توسيع مروحة اتصالاتها عن طريق الانفتاح على مجموعات معارضة أخرى ومنها العميد مناف طلاس الذي انشق وانتقل إلى باريس والجيش السوري الحر الذي قال فابيوس إن باريس تقدم له أجهزة الاتصالات ومناظير للرؤية الليلية وعلى القوى الفاعلة ميدانيا.

وبغض النظر عن الجانب السياسي الموصول بالانتقادات التي تعرض لها هولاند من المعارضة اليمينية بشأن إدارته للملف السوري وغياب أي مبادرة فرنسية جدية، فإن هذه الاتصالات سمحت للرئيس الفرنسي أن يعيد تظهير الخط السياسي الذي تقف عنده باريس في الموضوع السوري وذلك عبر بيان رسمي صادر عن قصر الإليزيه عقب لقاء الإبراهيمي. وبعد البلبلة التي أحدثتها تصريحات الأخير عن مصير الرئيس السوري حرص هولاند على تأكيد أن أي حل سياسي في سوريا يجب أن يمر برحيل الأسد عن السلطة. وهذا الموقف يتطابق تماما مع موقف المعارضة السورية ومع الموقف الأميركي والغربي بشكل عام. وبذلك تكون باريس، وفق مصادر دبلوماسية عربية، قد عجلت في «قطع الطريق» على الأخضر الإبراهيمي لجهة قيامه بأي مبادرة لا تتضمن في النص رحيل الأسد.

وكان هولاند اتهم بالتزام مواقف «مائعة» في الموضوع السوري وبغياب أي مبادرة عن حراك الدبلوماسية الفرنسية. وأهمية البيان الرئاسي أنه يأتي قبل أسبوع من الاجتماع القادم لمجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري الذي دعت إليه فرنسا والذي سيترأسه وزير خارجيتها. وتنتظر باريس أن يبين اجتماع مجلس الأمن ما إذا كانت قد حصلت تحولات في الموقف الروسي. وتريد باريس أن تعرف المضمون الحقيقي لتصريحات نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل أمس في موسكو حيث أشار إلى استعداد الطرف السوري لبحث كل الاحتمالات بما فيها تنحي الأسد. وبحسب هذه المصادر، فإن من المهم معرفة ما إذا كانت هذه التصريحات جاءت بضغط روسي وتعكس رغبة موسكو أم أنها مجرد «بالون اختبار» ومحاولة جديدة لكسب الوقت.

وأعلن عبد الباسط سيدا، عقب الاجتماع مع هولاند، أن المجلس الوطني يدرس حاليا مسألة تشكيل حكومة انتقالية. لكنه اعتبر أن أمرا كهذا يستلزم الكثير من المشاورات وبالتالي لا يمكن «التعجيل» بذلك. ووعد سيدا بأن المجلس سيقوم بهذه المهمة «في أسرع وقت ممكن» معبرا أن الأساس ليس إقامة حكومة في الخارج بل حكومة الداخل.

وكان الوزير فابيوس قد طالب منذ نحو الشهر المعارضة السورية بتشكيل حكومة تتولى الأمور في سوريا بعد سقوط النظام. لكن أطرافا من المعارضة السورية اعتبرت هذا الطلب «متسرعا» وأنه ساهم في زيادة الانقسامات في صفوف المعارضة بعد أن بادرت عدة جهات للإعلان عن سعيها لتشكيل حكومات الأمر الذي أضر أكثر فأكثر بصورة المعارضة ووحدتها.