مثقفون مصريون يستبقون مليونية الجمعة بمسيرة للدفاع عن حرية الإبداع

مظاهرات 24 أغسطس تنطلق من قبر عبد الناصر

جندي من قوات الحرس الجمهوري بوسط القاهرة أول من أمس (أ.ب)
TT

في الوقت الذي تستعد فيه قوى سياسية ومسيحية مصرية لتنظيم مظاهرات حاشدة غدا الجمعة، دعت إليها شخصيات وقوى مدنية وليبرالية مصرية تصديا لما قالوا إنه محاولة جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على مفاصل الإبداع وتديين الدولة واحتجاجا على سياسات الجماعة والمطالبة بتقنين وضعها الاجتماعي والديني، ينظم مثقفون مصريون اليوم (الخميس) مسيرات بوسط العاصمة المصرية القاهرة للمطالبة بإقرار مبادئ الحريات العامة في الدستور المصري والمحافظة على مدنية الدولة.

وتهدف الوقفة التي يشارك فيها عدد من المثقفين والأدباء والشعراء المصريين إلى إعلان موقف المثقفين من الدستور الذي تجري عملية صياغته، داعين إلى حماية الحريات بصفة عامة، وحرية الرأي والتعبير وحماية حرية الإبداع في كافة المجالات، ويقول الفنان محمد عبلة، أحد المشاركين في المسيرة، إن المسيرة ستبدأ مساء اليوم دون هتافات ولكنها ستكتفي برفع شعارات ولافتات لعدد من رموز التيار المدني في مصر. وتابع عبلة، وهو فنان تشكيلي مصري رئيس أتيلييه القاهرة للفنون والآداب: «المسيرة هدفها الأساسي التنديد بخطورة الحجر على حرية الإبداع والتعبير والتضييق على حرية الفكر ومحاولة السيطرة على وسائل الإعلام، وسنضغط بقوة من أجل الحفاظ على مدنية الدولة لأنها الآن في خطر حقيقي خاصة بعد بوادر عدة ظهرت في تقييد حرية إعلاميين وصحافيين ومنع صحف من النشر».

ومن المقرر أن تتحرك المسيرة من ميدان طلعت حرب باتجاه عدد من المناطق المهمة في وسط العاصمة، للتنديد بما تتعرض له الثقافة والإبداع من محاولات تكميم الأفواه التي تمثلت في مصادرة بعض الصحف ومنع كتاب وصحافيين من الكتابة والاعتداء على بعض الإعلاميين قبل عدة أسابيع. وكان عدد من المثقفين أصدروا بيانا طالبوا فيه السلطة بإثبات نواياها تجاه استقلالية المؤسسات وعدم تسييسها لصالح الجماعة الحاكمة في مصر.

من جهة أخرى، تتواصل في مصر الاستعدادات الأمنية والسياسية للمظاهرات التي ينظمها عدد من القوى الليبرالية وتنطلق من ضريح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصولا إلى عدد من الميادين الهامة، متوازية مع مخاوف المثقفين والتيارات المدنية والليبرالية في مصر من إحكام جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية في مصر لقبضتها على الحكم والانقضاض على الدولة المدنية، وعلى الرغم من رفض الكنيسة الأرثوذكسية مشاركة تابعيها في المظاهرات، أعلن ائتلاف أقباط مصر مشاركته رسميا في مظاهرات الجمعة 24 أغسطس، مطالبا باستكمال أهداف الثورة المصرية والتي كانت الدولة المدنية وإقرار الحقوق والحريات أهم شعاراتها، وأكد الائتلاف في بيان له أن مشاركته في مظاهرات الجمعة، والتي أطلقت عليها أسماء عدة، منها «مليونية إسقاط الإخوان»، لم تكن استجابة لدعوات أشخاص أو جهات محددة ولكن لرفض الائتلاف استنساخ حزب وطني بشكل جديد ومن أجل التأكيد على المطالب الثورية الوطنية وعلى رأسها الحرية الكاملة والعدالة والمساواة الاجتماعية وعدم التمييز بين طوائف الشعب المصري.

وبينما انتشرت في مصر عقب الدعوة لمظاهرات 24 أغسطس فتاوى تدعو لتكفير الداعين لهذه المظاهرات وفتاوى أخرى أوجبت إهدار دمائهم، أكدت قوى سياسية مصرية أن حق التظاهر مكفول للجميع بشرط أن تكون سلمية وتحافظ على المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وقال محمد أبو حامد، البرلماني المصري السابق أحد أبرز الداعين لمظاهرات الجمعة المقبل، إنه تم عقد لقاءات مع كافة القوى والحركات المشاركة في المظاهرة. وأكد حزب التجمع المصري ذو التوجه اليساري وحزب شباب مصر أنهما سيشاركان في المظاهرة بينما أعلن حزب الوفد أنه يحترم المشاركين في المظاهرات ويتفهم دوافعهم، إلا أن الحزب لن يشارك في هذه المظاهرات، مؤكدا أن الرد الأفضل على جماعة الإخوان المسلمين، أو الاعتراض على قراراتهم، يكون من خلال انتخابات مجلس الشعب القادم، وبينما قالت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي (الحرية والعدالة)، إن عددا من شباب الجماعة بالتعاون مع قوات الأمن وشباب الثورة سيتولون تأمين منشآت الجماعة والحزب خوفا من الهجوم عليها أثناء المظاهرة الرافضة لسياسات الجماعة، أعلنت أحزاب النور والكرامة والمصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحركتا 6 أبريل وكفاية عن رفضهم المشاركة في المظاهرة.

وأكدت وزارة الداخلية المصرية التزامها بحق المواطنين في حرية الرأي والتعبير السلمي، مشيرة في بيان رسمي أصدرته أمس الأربعاء أنها تحمل الداعين إلى تلك المظاهرات لمسؤولياتهم الوطنية والقانونية تجاه أية تداعيات، أو عمليات تخريبية، أو أحداث شغب أو فوضى، أو الاعتداء على أي منشآت رسمية، أو ممتلكات عامة أو خاصة أو الإضرار بمصالح المواطنين، مشددة في الوقت نفسه على أن أجهزة الشرطة ستتصدى بمقتضى رسالتها ومسؤولياتها والتزاماتها الدستورية والقانونية بحفظ أمن وأمان واستقرار المجتمع المصري، وفي إطار كامل من الشرعية القانونية لأية محاولات تستهدف اقتحام أو التعدي على المنشآت أو المرافق العامة أو الخاصة أو احتجاز العاملين بها أو إحداث فوضى أو شغب بما يؤثر على مصالح المواطنين.

وكشف مصدر أمنى النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تعزيزات أمنية مكثفة حول بعض مقار حزب الحرية والعدالة، ولا سيما بمنطقة القاهرة الكبرى بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية؛ وذلك بعد تلقي الحزب للعديد من رسائل التهديد بحرق تلك المقار خلال المظاهرات، وهو ما دفع الحزب إلى تقديم طلب إلى وزارة الداخلية لتأمين مقار الحزب.

وأكد المهندس صبري خلف الله، المدير الإداري لمكتب جماعة الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، استعداد الجماعة لحماية مقراتها ومقرات حزبها السياسي من أي محاولات للاعتداء، مؤكدا أن الدفاع سيكون بكافة السبل والوسائل ضد من وصفهم بالمجرمين والبلطجية. وقال الدكتور جمال حسان أمين حزب النور السلفي بالإسماعيلية: «نحن مع أي خروج سلمي للتعبير عن الرأي وضد أي فوضى تهدف لمجابهة الشرعية التي جاء بها صندوق الانتخابات». ومن جانبه، قال المهندس محمد حسني، أمين حزب الجبهة بالإسماعيلية، إن حزبه مع النزول في مظاهرات الجمعة المقبل دون المساس بأحد أو التعرض لأية ممتلكات. وأكد حسني بدء التنسيق بين القوى السياسية المشاركة في المظاهرات لفرض تأمين شامل على المظاهرات لضمان سلميتها ومنع أية عناصر مندسة قد تثير الشغب أو الفوضى.