الإجراءات الأمنية تحول زيارة المتنزه الوحيد في بغداد إلى ماراثون بلا ميداليات

إعلام أمانة العاصمة لـ«الشرق الأوسط»: زواره هدف مثالي للإرهاب

TT

«إلى الزوراء وإن طال السفر» هذا هو شعار معظم العراقيين منذ أول يوم من أيام عيد الفطر الأقل «سعادة» في العراق، وربما الأكثر تعاسة من أي مكان آخر في العالم، بعد أن فرضت السلطات الحكومية طوقا مشددا من الإجراءات الأمنية تضمن إغلاق معظم الطرق والمنافذ المؤدية لأوسع وأقدم متنزه في بغداد، تحسبا لأي هجمات إرهابية.

المفارقة أن السلطات المحلية في بغداد بدأت مبكرا بدعوة المواطنين لزيارة المتنزه، وفتحت أبوابه مجانا خلال أيام العيد، في حين قامت بإغلاق معظم المنافذ المؤدية لها، لمسافات طويلة تزيد على 3 كيلومترات عن بوابتها وتشديد عمليات التفتيش التي تستغرق وقتا طويلا، مما دعا كثيرا منهم إلى العودة والاعتكاف في المنازل عوضا عن ممارسة رياضة المشي الإجبارية التي ابتكرتها الحكومة.

يقع متنزه الزوراء في منطقة الكرخ بالعاصمة بغداد، وهو المتنزه الوحيد في عموم العاصمة المترامية الأطراف (طولها 60 كلم) ويقطنها نحو (6 ملايين نسمة)، وكان قبلا معسكرا لسرايا الجيش العراقي، وتوجد فيها مدينة ألعاب حديثة وحديقة حيوانات واسعة وبرج مرتفع وبعد الغزو الأميركي عام 2003، أعيد تأهيل المتنزه وأضيفت إليه خدمات جديدة، وصار ملاذ العراقيين خلال أيام الأعياد والمناسبات.

المواطن مثنى حمزة (45 عاما) من حي البلديات، قال لـ«الشرق الأوسط»: «الإجراءات الأمنية التي فرضت في العاصمة بغداد، حولت المدينة إلى ثكنة عسكرية مقطعة الأوصال، وفرضت عزلة إجبارية على المواطنين خلال أيام الأعياد، وأصبحت زيارة المتنزهات أو الأقارب صعبة المنال».

وأضاف: «حشود زوار المتنزه المترجلين مشيا على الأقدام إجباريا للوصول إليها، بدوا كأنهم في ماراثون للمشي في أمر لا يتعلق بأولمبياد رياضية، بل هو عقوبة فاجأت الجميع، وإجراء أمني مارسته القوات الأمنية بكل برود أعصاب لأجل حمايتهم من العمليات الإرهابية، كما يدعون».

عائلات بغدادية وجدت بالقرب من الكتل الخراسانية والأسلاك الشائكة التي وضعت في الطرقات المؤدية للمتنزه وصفت الخطة الأمنية بالفاشلة، لأنها اعتمدت على إرهاق المواطن وإجباره على البقاء ساعات طويلة للوصول إلى المكان الذي يقصده أو المشي الإجباري واجتياز طوابير طويلة للعجلات التي تراصفت في الطرقات المغلقة والشوارع الفرعية.

وكانت قيادة عمليات بغداد قد أعلنت، في وقت سابق، عن خطتها الأمنية الخاصة بعيد الفطر، وقالت إن الخطة ستشمل إغلاق بعض الطرق القريبة من متنزه الزوراء والأماكن الترفيهية والمرافق الحيوية، مقابل توجيهات صدرت إلى كل أفراد القوات بتسهيل حركة السير، وتقديم التسهيلات للمحتفلين بالعيد، بينما دعت المواطنين للتعاون مع القوات الأمنية، لإنجاح الخطة وتوفير الأمن.

وانتقدت الحاجة أميرة شمة من منطقة البلديات (شرق بغداد) إجراءات الحكومة خلال أيام العيد، وقالت: «سمعنا كثيرا عن دعوات أمانة بغداد لتأهيل متنزه الزوراء وتهيئته للزوار باعتباره الملجأ الترفيهي الوحيد المناسب للعائلة العراقية، لكن هذه الدعوات لم تخبرنا بأن علينا المشي مسافات طويلة، والانتظار قبلها في طرقات مغلقة لأجل الوصول إلى المتنزه».

بدوره، قال المواطن علي أحمد، من سكنة منطقة المنصور، وسط بغداد: «الخطة الجديدة التي اتخذتها القوات الأمنية قبل أيام من عيد الفطر المبارك، وحتى الآن، لم تراع راحة المواطن ووضعته في أسفل اهتماماتها، وركزت على إغلاق الطرق وهذا دليل على فشلها في بسط الأمان ومحاربة الإرهاب. وشكت المواطنة أسماء عبيد من سكنة منطقة البياع، جنوب غربي بغداد، من الحبس الإجباري الذي فرض عليها وعلى عائلتها بعد إغلاق معظم مداخل ومخارج المدينة التي تقطنها».

وقالت إنها اعتمدت على الهاتف الجوال لأجل تهنئة الأهل والأقارب عوضا عن زيارتهم.

وعن رأيه بشكاوى المواطنين بغلق الطرقات المؤدية إلى متنزه الزوراء قال المتحدث الرسمي للأمانة ومدير قسم العلاقات والإعلام حكيم عبد الزهرة: «نعلم بمعاناة الناس وتصلنا شكاواهم، لكننا أمام حالة أهم وهو تأمين سلامة زوار المتنزه.. وهو هدف مثالي للإرهاب الذي يستهدف تلك التجمعات لأجل بث الرعب وإزهاق المزيد من الأرواح».