الباعة الجائلون بالقاهرة غصة في حلق الحكومة

لم تنصفهم وعود الرئيس وصرخاتهم تتناثر على الأرصفة: «نروح فين؟!»

TT

بين النظارات الشمسية والملابس والمفروشات والخردوات وغيرها من البضائع، يقف هؤلاء الباعة الذين تقدر أعدادهم بـ5 ملايين مصري، بمناطق وسط القاهرة والشوارع الرئيسية يروجون لبضاعتهم بين المارة، أمنيتهم «أن لا تحاربنا الحكومة في أكل عيشنا»، يحيون على أمل أن تتغير السياسات في مصر تجاههم خاصة في العهد الرئاسي الجديد.

لكن رغم ذكر الرئيس محمد مرسي لهم وتعهده برعايتهم في أول خطاباته بعد توليه السلطة، ثم قراره بإنشاء نقابة جديدة تحتضنهم، فإنه يوما بعد يوم تتفاقم مشكلة تكدس «الباعة الجائلين» فوق الأرصفة في قلب القاهرة، مما حولها إلى ما يشبه معسكرات دائمة لهذه الفئة، التي تتزايد بما يشكل إمبراطورية تربك أية جهود رسمية لوضع حد لها.

يعوق الباعة الجائلون حركة المرور ويخلقون حالة من الفوضى العامة تسيء إلى المظهر الحضاري لشوارع العاصمة وأكبر ميادينها وعلى رأسها ميادين التحرير ورمسيس والعتبة. وهو ما أدى إلى حراك حكومي واستنفار لجهود مؤسسات الدولة في الأسبوع الحالي عقب إجازة عيد الفطر من أجل القضاء على تلك الظاهرة التي امتدت إلى أغلب الأقاليم باتخاذ إجراءات مختلفة وحلول عاجلة، كون المشكلة ينظر إليها باعتبارها اختبارا حقيقيا للحكومة الجديدة، وعلى رأس أولويات الرئيس في المائة يوم الأولى له على كرسي الحكم. كما أنه في آخر أيام حكومة الدكتور كمال الجنزوري تقرر إعداد مشروع مرسوم بقانون لتغليظ عقوبة مخالفات الباعة الجائلين الذين يعملون دون ترخيص.

ومنذ أمس (الأربعاء) شرعت وزارة الداخلية في تنفيذ مشروع سوق اليوم الواحد، الذي يقوم على نقل الباعة الجائلين إلى أماكن محددة في أيام محددة وفق جدول أسبوعي، بحيث يتم تنظيمهم في ذلك المكان بشكل يتيح لهم ممارسة نشاطهم الذي يؤمن لهم احتياجاتهم المعيشية دون التأثير على حركة المرور والمظهر العام للشارع. وهو ما يعد ضمن الحلول العاجلة لظاهرة انتشار الباعة الجائلين بالشوارع والميادين الرئيسية لحين الانتهاء من تجهيز أماكن وأسواق بديلة لهم لنقلهم إليها. إلا أن بائع المفروشات المنزلية بوسط القاهرة محمد أمين، والحاصل على مؤهل جامعي قبل 4 سنوات، يقول غاضبا ومعترضا: «يبدو أن الحكومة معترضة على أن نعمل بالحلال، وتريدنا أن نتسول أو نسرق أو نلجأ للمخدرات، لأنها تحاربنا في أكل عيشنا، أين نذهب ومن أين نربح؟». قبل أن يستكمل: «أطالب بحل جذري من جانب الرئيس محمد مرسي لوقف هذا الافتراء علينا».

يطالب محمد وكثير من زملائه الجائلين أيضا بإنشاء كيان نقابي يدافع عنهم. وهو ما استجيب له بالفعل مع ما قرره الاتحاد العام للعمال قبل أيام قليلة بإنشاء نقابة جديدة للباعة الجائلين بناء على طلب الرئيس مرسي، وذلك للحفاظ على حقوقهم والدفاع عن مطالبهم وحل مشاكلهم. وأكد الاتحاد أنه تقرر تنظيم حملة قومية لحصر وتوعية هذه الفئة التي تقدر بنحو 5 ملايين بائع، وفتح مقار اللجان النقابية والاتحادات العمالية بالمحافظات لتلقى طلبات قيدهم في النقابة المزمع إنشاء فروع لها بالمدن والمحافظات.

ومع تزايد تصريحات المسؤولين حولها تحولت مشكلة الباعة الجائلين إلى غصة في حلق الحكومة، تستدعي عودة الأمن إلى الشارع. وهو ما أكده وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين قبل يومين، بقوله إن القضاء على ظاهرة انتشار الباعة الجائلين يأتي في مقدمة أولويات الوزارة خلال هذه المرحلة، مشددا على ضرورة الحسم في التعامل مع تلك المشاكل خلال الحملات الأمنية التي سوف يشهدها الشارع المصري خلال الأيام المقبلة وذلك في إطار من الالتزام بالشرعية وسيادة القانون.

فيما أكد وزير الإعلام صلاح عبد المقصود أنه يتم تنفيذ خطة متكاملة للقضاء على إمبراطورية الباعة الجائلين من مختلف الشوارع والميادين في جميع المحافظات بما يضمن عودة المرونة والانسيابية إلى الشوارع‏.‏ لافتا إلى أن الخطة سوف تشهد مشاركة العديد من هيئات الدولة في مقدمتها وزارات الدفاع والداخلية والتنمية المحلية إضافة إلى أجهزة المحافظات‏ خاصة المرافق والخدمات والأحياء‏.‏