هدنة هشة في طرابلس بعد معارك أدت إلى مقتل 8 وجرح 75 آخرين

الجيش اللبناني يعلن عن مبادرة لإجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية في جبل محسن وباب التبانة

مسلحون لبنانيون معارضون للنظام السوري يركضون في أحد شوارع باب التبانة بطرابلس خلال مواجهات مسلحة أمس (أ.ف.ب)
TT

تشهد مدينة طرابلس في شمال لبنان هدنة هشة بعد توافق الفرقاء المتقاتلين في المنطقة على وقف إطلاق النار منذ الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم أمس، في وقت أعلنت قيادة الجيش اللبناني عن مبادرة لإجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية في جبل محسن (حيث الأغلبية العلوية) وباب التبانة (حيث الأغلبية السنية) من أجل وأد الفتنة ونزع فتيل التفجير، مع تأكيد حسمها في ضبط الوضع وفضح المخلين باتفاقات التهدئة والمحرضين على العبث بالأمن والاستقرار.

وكانت الاشتباكات التي اندلعت في المدينة مساء الاثنين الماضي أدت لمقتل 8 أشخاص على الأقل وجرح أكثر من 75 بينهم 15 عسكريا. وقالت مصادر ميدانية، إن المعارك التي عصفت في المدينة ليل الثلاثاء/ الأربعاء كانت الأعنف منذ سنوات طويلة استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية.

ودعت القوى السياسية في المدينة يوم أمس لوقف فوري لإطلاق النار عند الساعة الخامسة وطالبت الجيش بالدخول إلى مناطق المواجهات. وقد أعلن الحزب العربي الديمقراطي التزامه بوقف إطلاق النار في طرابلس، وبما يقرره الجيش اللبناني، بينما أعلنت المجموعات المسلحة في التبانة أنها ستلتزم بما سيقرره سياسيو المدينة لجهة وقف إطلاق النار.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحزب العربي الديمقراطي عبد اللطيف صالح، أن الحزب «ملتزم بوقف إطلاق النار منذ الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم أمس، ويترك الجيش يرد على الطلقات النارية التي تطال الجبل»، لافتا إلى أنهم «سيلتزمون بكل ما تقرره قيادة الجيش». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما فجر الوضع في المدينة ليس رمانة، بل قلوب مليئة، كما وصول مجموعات مسلحة وبأعداد كبيرة من منطقة عكار، وهي مجموعات تابعة للنائب خالد الضاهر وما يمثله من إرهاب»، مذكرا بأن «النائب الضاهر نفسه هو من كان يحرض ولا يزال على قيادة الجيش».

وإذ نفى نفيا قاطعا ما أشيع مساء أول من أمس عن تطويق الجيش لمنزل مسؤول الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد لوجود أحد المطلوبين بداخله، أوضح أن الحزب «تلقى معلومات تفيد بإمكانية تعرض المنزل لعمل إرهابي لذلك تم الطلب من الجيش حماية المكان». وأضاف: «أما ما حكي عن اقتحام إحدى المجموعات للجبل فهو محض خيال، والكل يعلم أنه لا إمكانية ليفكروا حتى بذلك».

وفي المقابل، ربط أمام مسجد التقوى في طرابلس الشيخ سالم الرافعي مشاركة فعاليات باب التبانة بالحوار الذي دعت إليه قيادة الجيش بموقف الحزب العربي الديمقراطي، متسائلا: «هل قرارهم داخلي يعود لهم أم أنه قرار بشار الأسد؟ لأنه وإذا كان كذلك لن ينفع الحوار». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على رفعت عيد أن يعلن ولاءه للبنان وأهل جبل محسن، وبالتالي لا يربط مصيرهم بمصير الأسد أو يعلن الولاء لبشار. وبالتالي يخرج إلى سوريا لدعمه هناك».

واعتبر الشيخ سالم أن الأمور تفاقمت أمنيا في طرابلس بسبب غياب الدولة وتركها الأمور تكبر، لافتا إلى أنه كان على الأجهزة الأمنية أن تتدخل منذ البدء لتضع حدا لتدهور الأوضاع.

وكانت قيادة الجيش أكدت في بيان أن قوى الجيش لم تنسحب لحظة واحدة من مناطق الاشتباكات أو محيطها، وهي تنفذ خطة عسكرية كاملة، وتؤدي واجبها التام في التصدي للمخلين بالأمن والرد بحزم وقوة على مصادر النيران من أي جهة كانت، لافتة إلى أنه يتم التعاطي مع الوضع بحكمة وتبصر لمنع تحويل المدينة إلى ساحة للفتنة الإقليمية.

بدوره، شدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد سلسلة اجتماعات أمنية عقدها لضبط الوضع في مدينة طرابلس على أنه «على الجيش اللبناني والقوى الأمنية التشدد في ضبط الوضع ومنع إطلاق النار وتوقيف المخلين بالأمن»، مؤكدا أن «أمن مدينة طرابلس وسلامة أهلها مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون بين الجميع».