اشتباكات عنيفة في أحياء دمشق ونحو ألف نازح إلى تركيا خلال 24 ساعة

ناشطون لـ «الشرق الأوسط»: حلب تئن.. وإعدامات بالجملة في العاصمة وريفها

عنصران من الجيش الحر يتخذان ساترا من نيران القوات النظامية خلال المعارك الدائرة أمس في حلب (أ.ف.ب)
TT

تركز المشهد الأمني يوم أمس، وبحسب ناشطين من الداخل، في العاصمة السورية دمشق التي شهدت ومنذ ساعات الصباح الأولى اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي بالتزامن مع اشتداد القصف العنيف على أحياء كفرسوسة والقدم والعسالي والحجر الأسود كما على مجمل المدن والمناطق السورية ومنها حلب، ما أدى بحسب لجان التنسيق المحلية إلى سقوط ما يزيد عن 144 قتيلا.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الأمنية التركية أن عدد اللاجئين السوريين الذين عبروا الحدود إلى تركيا خلال الساعات الـ24 الماضية بلغ 923 شخصا، اتهمت منظمة «العفو الدولية» القوات الحكومية السورية بـ«قصف المناطق السكنية في حلب بصورة متكررة»، داعية مقاتلي المعارضة إلى «وقف الانتهاكات والقتل غير القانوني للمعتقلين».

ميدانيا، أفاد ناشطون عن اشتباكات عنيفة دارت في الساعات الأولى من يوم أمس الخميس بين الجيشين الحر والنظامي في محيط مطار المزة العسكري بدمشق. وقالت شبكة «شام» الإخبارية إن جيش النظام شن حملة مداهمات في حي كفرسوسة بدمشق، بالتزامن مع قصف مروحي على أحياء القدم والعسالي والحجر الأسود.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حي الحجر الأسود شهد اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين. وأشار أيضا إلى قصف على الحي وحي العسالي المجاور، وتحدث المرصد عن أن مقاتلين معارضين هاجموا حاجزا للقوات النظامية في حي القدم (جنوب) على طريق دمشق درعا، وقتلوا وجرحوا ما لا يقل عن عشرة عناصر من القوات النظامية.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن حي دمر في جنوب غربي دمشق يتعرض «للقصف بالمدفعية الثقيلة من الدريج وجبل قاسيون». وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على الإنترنت جثث خمسة شبان محملة في شاحنة صغيرة في حي التضامن الدمشقي. وقال ناشطون إنه تم العثور عليها صباح يوم أمس، مشيرين إلى أن هؤلاء أعدموا على يد القوات النظامية.

وودع أهالي حي نهر عيشة الصحافي مصعب العودة الله الذي قيل إن قوات الأمن قتلته أول من أمس أثناء مداهمة منزله. وأوضح الناشطون أن مصعب كان يعمل في جريدة «تشرين» الحكومية إلى جانب تغطيته لأحداث محافظته درعا منذ بداية الثورة السورية تحت اسم أبو سعيد. واتهمت رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «مراسلون بلا حدود»، سوازيك دوليه النظام السوري بممارسة انتهاكات منظمة ترتكب بحق الصحافيين في سوريا، مشيرة إلى أن عشرة صحافيين سوريين قد لقوا مصرعهم منذ اندلاع الثورة.

وفي الأثناء، استمر القصف المروحي والمدفعي على بلدات ببيلا ومسرابا وداريا ومعضمية الشام بريف دمشق. ويقول ناشطون إن عمليات الإعدام الميداني تضاعفت على نحو مقلق في أحياء دمشق وريفها، ففي المعضمية وحدها قتل 86 شخصا منذ يوم الاثنين نصفهم أعدموا وهم مكبلو الأيدي، بينما أعدم أول من أمس 46 شخصا في حي القابون بدمشق. وفي بلدة جرمانا بريف دمشق، أعلن وجهاء المنطقة ولجان العمل الديمقراطي أنها «منطقة للسلم الأهلي، وتمثل بسكانها من مختلف الطوائف والقوميات نموذجا للتعايش المشترك».

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة العامة للثورة السورية على صفحتها بموقع «فيس بوك»، عن اعتبار «معضمية الشام» مدينة منكوبة. فيما أعلن عن اكتشاف نحو 10 جثامين نفذ بحقهم إعدامات ميدانية في كفرسوسة، وتبدو عليهم آثار تعذيب.. بينما تصاعدت أمس مخاوف الناشطين ونداءاتهم عقب اعتقال القوات النظامية لنحو 100 شاب بحي جوبر في دمشق بعد اقتحامه.. متوقعين أن يتم تنفيذ إعدامات مماثلة بحقهم.

وفي حلب، تجدد القصف المدفعي والجوي على أحياء الصاخور وطريق الباب وبستان القصر والسكري والزبدية والفردوس والشعار، بينما يواصل الجيش الحر اشتباكاته في أحياء الزهراء والحمدانية وصلاح الدين.

ومن داخل مدينة حلب، تحدث محمد الحلبي، الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة لـ«الشرق الأوسط» عن «سيطرة الجيش السوري الحر على نحو 65% من أحياء المدينة»، مؤكدا أن «أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والسكري وطريق الباب وبستان القصر وغيرها كلها تحت سيطرة الجيش الحر، في وقت تنحصر سيطرة قوات النظام على حي الأعظمية وشارع كلية العلوم والأحياء الراقية كالفرقان وحلب الجديدة والشهباء».

ولفت الحلبي إلى أن «عددا من القتلى لا يزالون في الشوارع في حي صلاح الدين لعدم قدرة الأهالي والجيش الحر من انتشال الجثث نتيجة عمليات القنص المستمرة المترافقة مع قصف مدفعي وجوي بالميغ والمروحيات». وأشار الحلبي إلى أن «مدينة حلب تعاني من وضع إنساني مأساوي»، لافتا إلى أن «600 ألف نازح تركوا الأحياء المنكوبة واتجهوا إلى أحياء أخرى داخل المدينة أكثر أمنا»، وأضاف: «حلب تئن من الغلاء ومن أمراض مستجدة إذ يعاني عدد كبير من السكان من أمراض صدرية نتيجة الأوساخ المنتشرة ومنذ شهر في ظل منع النظام لعمال التنظيف من القيام بعملهم»، لافتا إلى انتشار عدد كبير من الحشرات والذباب.

وتحدث الحلبي عن ارتفاع الأسعار في المدينة إلى حد غير مسبوق، لافتا إلى وصول سعر قارورة الغاز وإن وجدت إلى حدود الـ5000 ليرة سوريا أي ما يعادل الـ60 دولارا وسعر لتر البنزين لـ250 ليرة سوريا.

واتهمت منظمة «العفو الدولية» القوات الحكومية السورية بـ«قصف المناطق السكنية في حلب بصورة متكررة»، داعية مقاتلي المعارضة إلى «وقف الانتهاكات والقتل غير القانوني للمعتقلين». وأشارت المنظمة إلى أن «المدنيين يتحملون مستوى مروعا من عنف المعركة الدائرة في مدينة حلب بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية، التي تستخدم وعلى نحو متكرر القصف الجوي والمدفعي على المناطق السكنية مما يؤدي على الأغلب إلى وقوع هجمات عشوائية تعرض المدنيين للخطر الشديد». ولفتت المنظمة إلى أن «الهجمات تفشل في الكثير من الأحيان في التمييز بين مقاتلي المعارضة والسكان المدنيين وكانت توجه بشكل عشوائي على الأحياء الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة أو التي يتمركز فيها مقاتلو المعارضة وينشطون، وليس على أهداف عسكرية محددة».

ومن منطقة البوكمال التي سيطر عليها الجيش الحر أول من أمس، أفيد عن اختراق طائرة حربية سورية الأجواء العراقية لقيامها بقصف المنطقة. وأعلن ضابط برتبة مقدم في قوات حرس الحدود العراقية أن «طائرة حربية سورية اخترقت الأجواء العراقية في منطقة حصيبة (الحدودية) عند الساعة الثامنة»، وأضاف المصدر، مفضلا عدم كشف اسمه، أن «الطائرة التي استمر تواجدها نحو 15 دقيقة، قامت بقصف منطقة البوكمال السورية، عند الحدود مع العراق لأكثر من مرة انطلاقا من الأجواء العراقية»، مشيرا إلى إخلاء جميع العاملين في منفذ القائم في الجانب العراقي، تجنبا لوقوع ضحايا. وأكد مصدر في قيادة عمليات محافظة الأنبار، حيث تقع القائم «حدوث اختراق للأجواء من قبل طائرة حربية سورية» دون الإشارة لتفاصيل أكثر. وذكر شهود عيان أن الطائرة قد حلقت على ارتفاع منخفض.

وفي الأثناء، يتواصل وبحسب ناشطين القصف المدفعي على تلبيسة والغنطو في حمص، وعلى أحياء دير الزور ومدينة البوكمال وقرية الحسينة، بينما يشن الجيش النظامي حملات دهم وسلب للمنازل في منطقة الصابونية وحديقة ابن الرشد بمدينة حماه.

وبالتزامن، بث ناشطون صورا على الإنترنت لمظاهرات مسائية خرجت في مناطق مختلفة، ففي ريف دمشق خرجت مظاهرات في يبرود وعربين ودوما وحرستا، كما خرجت مظاهرات في بلدة القورية بريف دير الزور، حيث ندد المتظاهرون بعمليات القتل والإعدامات التي ترتكبها قوات النظام في حق المدنيين.

وكانت شبكة «إن تي في» الإخبارية التركية نقلت عن مصادر الأمنية قولها إنه «ما يقرب من 923 لاجئا سوريا جديدا وصلوا إلى الأراضي التركية خلال الساعات الأخيرة الماضية هربا من أعمال العنف الدائرة في بلادهم»، مشيرة إلى أن المواطنين السوريين دخلوا منطقة «الريحانية» الحدودية الواقعة في محافظة هتاي جنوب البلاد من بينهم عدد من الضباط والجنود المنشقين. وأضافت الشبكة أن «الدفعة الجديدة من اللاجئين ضمت 13 ضابطا بينهم ثلاثة عمداء وأربعة مقدمين ونقيبان وعدد من المجندين المنشقين وتم إرسالهم مع عائلاتهم إلى مخيم ابايدن المخصص للنازحين العسكريين وعائلاتهم فيما سيتم نقل البقية إلى مخيمات محافظة مالاطيا».