الشرطة تفرق مظاهرة في الرباط لمطالبين بإلغاء تقليد حفل «الولاء والبيعة»

مصدر رسمي: المغرب لن يتنازل أمام أصوات أقلية

TT

قالت مصادر مغربية رسمية إن تحقيقا يجري حول تعنيف تعرض له صحافيون ونشطاء خلال مظاهرة، عندما تدخلت الشرطة لتفريقهم أول من أمس في الرباط، وكانت المظاهرة ترمي إلى معارضة تقليد حفل «البيعة والولاء» والذي يشارك فيه سنويا ممثلون لجميع الأقاليم المغربية لتجديد الولاء للملك. ونظم هذا الحفل التقليدي يوم الثلاثاء الماضي في الرباط، بمناسبة الذكرى الـ13 لتولي العاهل المغربي الملك محمد السادس للحكم.

وتدخلت الشرطة لتفريق المظاهرة التي كانت قد تمت الدعوة لها عبر الشبكات الاجتماعية ضد تقليد «حفل البيعة». وتجاوبا مع الدعوة للتظاهر تجمع عدد من المشاركين في ساحة قبالة البرلمان في وسط العاصمة المغربية وكانوا يهتفون بعبارات «كرامة.. حرية.. عدالة اجتماعية» لكن سرعان ما بادرت قوات من الشرطة لتفريقهم، وطلبت من الجميع الابتعاد عن الساحة وشارع محمد الخامس الذي يتوسط الرباط.

وحاول نشطاء تغيير مكان التجمع ونقله إلى إحدى الساحات القريبة من وسط المدينة، لكن الشرطة لاحقتهم وحاصرتهم ومنعتهم من التجمهر، مما اضطرهم للتفرق. ومنعت الشرطة تجمع أي مجموعة في شارع محمد الخامس، كما حالت دون وصول متظاهرين كان يعتقد أنهم سيصلون بالقطارات من مدينة الدار البيضاء. ومعظم أعضاء المجموعة هم في الوقت نفسه من أعضاء «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية، بيد أن مصدرا في «المجلس الوطني» المساند للحركة، قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم ليسوا أصحاب الدعوة للمظاهرة.

وسمح لمراسلين ومصورين كانوا يغطون المظاهرة بالوقوف في ممرات شارع محمد الخامس، وكانوا يطلبون منهم إبراز بطاقاتهم الصحافية، لكن أحد مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية تعرض إلى تعنيف من طرف الشرطة بعد جدال حول إبراز بطاقته الصحافية، وهو ما أدى إلى احتجاج المراسلين وحدوث تدافع بين الشرطة والصحافيين، وقال مصدر في مكتب الوكالة في الرباط لـ«الشرق الأوسط» إن مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام) والناطق الرسمي باسم الحكومة عبر عن أسفه للواقعة. وأشار المصدر إلى أن الأمر تزامن مع لقاء بين الخلفي ورئيس مكتب الوكالة في الرباط، الذي جاء لوداعه بعد أن انتهت مهمته في المغرب، ونقل إليه الخلفي أسفه، وأبلغه أن وزارة الداخلية ستحقق في الواقعة.

وقال المشاركون في المظاهرة، إنهم كانوا يعتزمون تنظيم حفل مفتوح له طابع فني ودلالات سياسية تحت شعار «حفل ولاء للحرية والكرامة» احتجاجا على طقوس «حفل الولاء والبيعة». وقالت مصادر الداعين إلى المظاهرة إن قرابة 1500 شخص عبروا عن عزمهم المشاركة فيها عبر موقع «فيس بوك»، لكن لم يكن في الساحة قبل تدخل الشرطة سوى عشرات.

وهذه المرة الأولى التي يجري فيها نقاش في المغرب وتثار انتقادات حول حفلة «الولاء والبيعة» التي ظلت تجري سنويا ومنذ مئات السنين في البلاد، وفي هذا السياق نشرت وكالة الأنباء المغربية مقالا كتبه خليل الهاشمي الإدريسي مدير عام الوكالة قال فيه إن حفل البيعة «شكل على مدى قرون واحدا من الأسس التي تقوم عليها الخصوصية السياسية المغربية.. سواء على مستوى الممارسة والقانون» وقال الإدريسي في مقال نادر بثته الوكالة «إن هذه السنة هي السنة الأولى في عمر الدستور الجديد الذي فتح آفاقا ديمقراطية جديدة.. في إطار من الاستمرارية المتسمة بالشرعية وتقديم الولاء للملك بصفته رئيس الدولة وممثلها الأسمى كما هو منصوص عليه في الدستور». وفيما يعتبر ردا على الانتقادات الموجهة لموضوع البيعة قال الإدريسي «النظام السياسي المغربي قادر على التجدد بشكل مستمر، والانخراط في المستقبل وكذا حل الأزمات حين وقوعها بشكل سلمي.. ومشروعية السلطة ليست موضع نقاش كما يمكن أن نلحظه غالبا في دول أخرى». وزاد قائلا «سوء الفهم من قبل البعض للدستور أدى بهم إلى الاعتقاد بأن تعديلا يمكن أن يؤثر على عقد البيعة الذي يشكل في رمزيته وجوهره أساسا للملكية المغربية. إن الأمر هنا يتعلق بخطأ في التحليل يمكن أن يخفي وراءه - في بعض الأحيان - خلفيات.. حتى وإن كانت تغني النقاش الديمقراطي فإنها لا تعني مصلحة الأمة في شيء» ومضى يقول «المغرب لن يتنازل عن أي شيء أمام الأصوات الداعية إلى تغيير لا يتطابق والتطلعات والمصالح الحقيقة لأمة متشبثة بمؤسساتها، ولن يتنازل أيضا أمام إملاءات مجموعات تشكل أقلية وتسعى لفرض رأيها على الأغلبية».