المعلومات المتناقضة تزيد من غموض مصير «الشرع» المجهول

أهالي بلدته الحراك يدفعون الثمن بالقصف والتدمير.. وشائعات متتالية عن انشقاقه أو مقتله

TT

لا يزال غياب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع عن الساحتين السياسية والإعلامية السورية يفتح الباب واسعا أمام الشائعات والتحليلات في غياب أي معلومات مؤكدة وواضحة، بينما لا يزال النظام السوري يقول إنه يزاول عمله كالعادة من دون إعطاء أي دليل ملموس، مكتفيا بالبيان الذي صدر الأسبوع الماضي باسم مكتب الشرع. مع العلم، أنّ هذه المعلومات التي تصدر على ألسنة معارضين، كانت قد تفاوتت بين وضع الشرع في الإقامة الجبرية أو مقتله أو هروبه إلى بلد مجاور أو وجوده في سوريا في مكان آمن وغيرها من الأخبار التي تزيد الأمر غموضا.

وفي حين لا يمكن إلا وضع هذه المعلومات في خانة «غير المؤكّدة»، يبقى الوضع المأساوي الذي يعاني منه أبناء مسقط رأس الشرع، درعا ولا سيما الحراك، هو الشيء الوحيد المؤكّد لغاية الآن. وذلك بعدما قال ناشطون إن قوات الأمن هدّدت أبناء الحراك، بتسليم الشرع وإلا فسيعمدون إلى هدمها على رؤوسهم، وهذا ما بدأوا بتنفيذه فعلا منذ 4 أيام بعد حصار استمر 4 أشهر، بحسب ما أكّد ناشطون.

وليست المعلومات الصحافية الأخيرة التي تداولتها بعض وسائل الإعلام يوم أمس إلا نموذجا واضحا لمصير الشرع المجهول، ففي حين كتب أحد مراسلي «يورونيوز» على حسابه في صفحة «تويتر» أنّ معلومات وصلته من أحد مصادر الجيش الحر بأن الشرع قد قتل على الحدود السورية الأردنية، لتعود بعد ظهر أمس وتعلن «سكاي نيوز» أنّ الجيش السوري الحر أكّد خضوعه للإقامة الجبرية.

لكن وفي المقابل، أجمع كلّ من نائب رئيس أركان الجيش الحر العقيد عارف الحمود، وقائد المجلس العسكري في درعا وريفها العقيد أحمد فهد النعمة، لـ«الشرق الأوسط» أنّه ليس هناك أي معلومات أكيدة حول مصير الشرع. وحول ما قيل عن مقتل الشرع على الحدود السورية الأردنية، قال النعمة: «هذه المعلومات غير صحيحة»، مرجحا أن يكون الشرع في الإقامة الجبرية، «فيما المعلومات المتداولة في الإعلام ليست إلا مسرحية يقوم النظام بإخراجها لإظهار المعارضة في موقع الكاذب والمخادع للرأي العام»، مضيفا «وليس ما يقوم به من قصف وتحديد لأهالي الحراك بحجة أنّ الشرع موجود فيها، إلا أحد فصول هذه المسرحية ومبرّر لقصف المدينة». وسأل النعمة «كيف يمكن للشرع أن يدخل الحراك وهي محاصرة منذ أكثر من أربعة أشهر، لا يستطيع أهلها الدخول إليها أو الخروج منها؟».

من جهته، اعتبر جورج صبرا، عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، أنّه لو كانت هناك معلومات متوفّرة ومؤكدة عن الشرع، لكانت أعلنت بشكل رسمي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأكيد هو أنّ الشرع مختفٍ منذ ثلاثة أسابيع، وكان لافتا عدم ظهوره إلى جانب الرئيس الأسد في صلاة عيد الفطر، وبالتالي فهو إما خرج من سوريا وينتظر الوقت المناسب لإعلان انشقاقه، أو تمت تصفيته».

كذلك، أكّد كل من أيمن الحريري وعادل العمري، من تنسيقية درعا، لـ«الشرق الأوسط» أنّه ليس هناك أي معلومات دقيقة حول وجود الشرع في الحراك. وقال العمري: «ما نسمعه لغاية الآن ليس إلا معلومات على صفحات التواصل الاجتماعي وفي غرف السكايب، منهم من يقول إنه قتل ومنهم يقول إنه اعتقل فيما يشير آخرون إلى وجوده في إحدى السفارات الأجنبية في دمشق».

بدوره، اعتبر بشار الحراكي، عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري، أن التسرّع بإعطاء معلومات وتحليلات تتحوّل إلى شائعات عن غياب الشرع، تنعكس سلبا على الشرع نفسه إذا كان ينوي الانشقاق، وعلى أهالي درعا وريفها ولا سيما الحراك بشكل خاص، بعد حصارها وتعرضها لهذا القصف العنيف والوحشي من قبل قوات النظام.

وقال الحراكي لـ«الشرق الأوسط»: «لا أريد أن أدخل في دائرة التكهنات، لكن ما يمكنني تأكيده هو أنّ الشرع لم يكن راضيا عن الكثير من تصرفات الأسد، ولا سيما اعتماد الحل الأمني في حلّ الأزمة السورية، الأمر الذي جعله يتعرّض لضغوط كثيرة وتضييق عليه وعلى عائلته من قبل النظام السوري»، معتبرا أنّ ظهوره في تشييع القادة الأمنيين الذين قتلوا في تفجير دمشق قد يكون قد فرض عليه فرضا، ولم يكن بإمكانه التصرّف غير ذلك خوفا عليه وعلى عائلته.