فشل غير مفاجئ لاجتماع الوكالة الذرية وإيران

استئناف المحادثات بين وكالة الطاقة الذرية وإيران في فيينا

نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هيرمان ناكيرتس والسفير الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية يتحدثان للصحافيين في مقر البعثة الإيرانية لدى فيينا أمس (أ.ب.)
TT

أخفقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران أمس ومن دون مفاجآت في بلوغ اتفاق يهدف إلى تسهيل وصول الوكالة إلى مواقع إيرانية تعتبر مشبوهة، وذلك مع استئناف محادثاتهما حول الملف النووي لطهران.

والتوقعات من هذا الاجتماع كانت متواضعة أصلا وخصوصا بعد الفشل الذريع الذي انتهت إليه اجتماعات سابقة مماثلة منذ مطلع السنة.

وفي أعقاب الاجتماع قال رئيس مفتشي الوكالة هيرمان ناكارتس للصحافيين «كما حصل في اجتماعنا الأخير في يونيو (حزيران)، ننوي وضع اللمسات الأخيرة على وثيقة تتضمن مقاربة بنيوية لا تزال قيد التشاور منذ أشهر عدة». وأضاف أن «محادثات اليوم كانت مكثفة، لكن ما زالت هناك خلافات هامة بين إيران والوكالة حالت» دون الوصول إلى اتفاق. وتابع كبير مفتشي الوكالة الذرية «حتى الآن، لم يحدد موعد لاجتماع جديد».

وكانت الوكالة الذرية، التي مقرها في العاصمة النمساوية، وإيران استأنفتا محادثاتهما بعد توقف استمر أكثر من شهرين. وتسعى الوكالة إلى بلوغ اتفاق حول ما تسميه «مقاربة بنيوية» تهدف إلى حل كل المسائل العالقة المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني.

وأبرز ما تريده الوكالة هو التحقق من كل النقاط التي أثارتها في تقريرها الصارم الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي قدمت فيه للمرة الأولى خلال أكثر من ثمانية أعوام من التحقيق في إيران عناصر تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية عملت على صنع السلاح الذري قبل 2003 ويحتمل بعد ذلك أيضا. وفي هذا السياق، تريد الوكالة بالتوافق مع إيران أن تتمكن من زيارة مواقع، مثل قاعدة بارشين العسكرية، والاطلاع على وثائق أو لقاء علماء، ما يتيح لها توضيح طبيعة البرنامج النووي لطهران المثير للجدل.

ويسعى الجانبان في هذه المحادثات التي تعقد قبل صدور التقرير الفصلي الجديد لوكالة الطاقة حول إيران المتوقع الأسبوع المقبل، إلى مواصلة تحقيق تجريه الوكالة التابعة للأمم المتحدة بشأن شكوك بأن طهران تجري أبحاثا تتعلق بصنع قنبلة نووية وهو الاتهام الذي تنفيه الجمهورية الإسلامية. وتبحث المحادثات أيضا اقتراحا بالسماح لمفتشي الوكالة بالوصول بشكل غير مشروط إلى بعض المواقع التي اعتبرتها الوكالة مشبوهة في تقريرها الشديد اللهجة الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعلى الأخص قاعدة بارشين العسكرية قرب طهران. وأبرز ما تريده الوكالة هو التحقق من كل النقاط التي أثارتها في تقريرها الصارم الصادر في نوفمبر، الذي قدمت فيه للمرة الأولى خلال أكثر من ثمانية أعوام من التحقيق في إيران، عناصر تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية عملت على صنع السلاح الذري قبل 2003 ويحتمل بعد ذلك أيضا.

وفي مايو (أيار) زار المدير العام لوكالة الطاقة الذرية يوكيا أمانو إيران وأعلن عن عودته لتوقيع اتفاق قريبا. لكنه تراجع يوم الأربعاء الماضي عن هذا التفاؤل إذ قال في فنلندا حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إنه «غير متفائل» في نتيجة المفاوضات. كما أبدى رئيس مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هرمان ناكيرتس تحفظا أيضا. واكتفى بالقول ردا على أسئلة الصحافيين إن الوكالة «تريد التوصل إلى اتفاق حول مقاربة منظمة تهدف إلى حل المسائل العالقة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني».

أما السفير الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية فقد كان أكثر تفاؤلا لدى وصوله إلى المحادثات إذ قال «نتوقع تقدما خلال هذا الاجتماع». وأضاف أن «واقع مواصلتنا هذه المحادثات مع الوكالة يشير إلى أننا مصممون على الوصول إلى نتيجة إيجابية، حيث يحاول الطرفان خفض خلافاتهما».

إلى ذلك يرى بعض الخبراء أن الوثيقة التي ستدرج على جدول أعمال مجلس حكام الوكالة الذي يجتمع اعتبارا من 10 سبتمبر (أيلول) ستثبت أن إيران تواصل توسيع أنشطتها النووية على الرغم من العقوبات الدولية غير المسبوقة المفروضة عليها. وبحسب دبلوماسيين غربيين تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية فإنه يتوقع أن تعلن الوكالة في تقريرها أن إيران نصبت أجهزة طرد مركزي جديدة في موقعها تحت الأرض فوردو (وسط) حيث تخصب اليورانيوم بنسب تصل إلى 20%.

وتخصيب اليورانيوم في صلب قلق القوى الكبرى وإسرائيل، لأنه حين يصل إلى نسبة 90% يمكن استخدامه في صنع سلاح نووي. كما يشكل أيضا نقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات بين إيران ومجموعة 5+1 التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وتؤكد إيران، بصفتها موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، أن لها الحق في تخصيب اليورانيوم لإنتاج الكهرباء وصفائح مشعة طبية تستخدم في تشخيص بعض الأمراض مثل السرطان. لكنها تنفي السعي لإنتاج أسلحة نووية، إلا أن رفضها وقف برامج التخصيب النووي دفع الغرب إلى فرض عقوبات صارمة عليها مع تصاعد التكهنات بأن إسرائيل قد تهاجم منشآت إيران النووية.

لكن هذا النفي ولم يقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اتهم إيران مجددا أمس بإحراز «تقدم متسارع نحو امتلاك أسلحة نووية» مضيفا كما ذكرت وكالة رويترز أنها «تتجاهل تماما» مطالب الغرب بكبح جماح برنامجها النووي. وقال نتنياهو هذه التعليقات لعضو بالكونغرس الأميركي يزور إسرائيل بعد أن ذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة رويترز أول من أمس أن إيران قامت بتركيب مزيد من أجهزة تخصيب اليورانيوم في موقع تحت الأرض وهو ما يحتمل أن يمهد الطريق لتوسع كبير في أنشطتها النووية. ونقل مكتب نتنياهو عنه قوله «تلقينا أمس دليلا إضافيا على أن إيران تواصل إحراز تقدم متسارع نحو امتلاك أسلحة نووية وتتجاهل المطالب الدولية تماما».