تقديرات إسرائيلية بتطوير دول اقليمية اخرى أسلحة نووية اذا أنجزت طهران مشروعها

أشكنازي: مشكلتنا مع إيران هي نظام الحكم وليس السلاح النووي

TT

بعد شهور من الحديث الرمزي عن معارضته توجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران، خرج رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غابي أشكنازي، بموقف صريح ضد هذه الضربة. وقال إن مشكلة إسرائيل والعالم ليست السلاح النووي بل نظام الحكم المتشنج في إيران. وبالمقابل، خرج نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة بنيامين نتنياهو، الجنرال موشيه يعلون، وهو أيضا رئيس أركان سابق للجيش، بتصريحات لمح فيها إلى معارضته للضربة العسكرية. وقال إن مسؤولية منع التسلح النووي الإيراني تقع على الولايات المتحدة، لأن الخطر منه لا يهدد إسرائيل وحدها. وأضاف خلال محاضرة له في حيفا: «التاريخ سيحكم على أميركا، إن هي استطاعت منع إيران من التطوير سلاح نووي».

وجاءت هذه التصريحات في أعقاب نشر تقرير في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، يقول إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنه في حال تمكن إيران من إنتاج سلاح نووي فإن ثلاث دول على الأقل في الشرق الأوسط ستلحق بها تسعى لتطوير قدرات نووية، هي السعودية ومصر وتركيا.

وقالت «معاريف» إن مصر تتجه بوضوح لاستئناف جهودها في المجال النووي مستقبلا، وسيساعدها على ذلك انخفاض النفوذ الأميركي الحالي، في المنطقة وديناميكية الواقع الجاري في الشرق الأوسط، بعد ثورات الربيع العربي. وأضافت الصحيفة أن وجود إيران كقوة نووية سيزيد من خطر سباق تسلح نووي إقليمي وإنشاء نظام إقليمي متعدد الأقطاب قد تدخل مصر طرفا رئيسيا فيه، وقد ينذر بنشوب حرب باردة جديدة بين أطرافه. وقالت الصحيفة العبرية، إن هناك مخاوف كبيرة داخل إسرائيل من خطر سباق التسلح النووي في المنطقة، موضحة أن القادة السعوديين يعلنون دائما بصورة علنية أنهم لن يبقوا مكتوفي الأيدي أمام «قنبلة ذرية» تمتلكها إيران، وأن المملكة قد تطور قدراتها بنفسها وستسعى للحصول على الأسلحة النووية، وقوتها الاقتصادية ستساعدها على ذلك. وأضافت أن تركيا ستكون من ضمن دول المنطقة، التي ستسعى أيضا بشكل جدي لامتلاك قنبلة نووية مثل إيران لزيادة قوتها الإقليمية، بالتالي ستصبح أمام الولايات المتحدة معضلة كبيرة في مواجهة تلك «المظلة النووية».

أما أشكنازي، فقال في محاضرة أمام مجموعة من الجنرالات وكبار المسؤولين السابقين في الجيش وأجهزة الأمن ودوائر الحكم في إسرائيل المنضوين تحت لواء «مجلس السلام والأمن» في تل أبيب، الليلة قبل الماضية، إن إنتاج قنبلة نووية في إيران ما زال أمرا بعيدا. وإرسال طائرات إسرائيلية لضرب إيران أيضا ما زال بعيدا. وقال إن تطوير سلاح نووي في إيران يعتبر بالأمر الخطير إن تحقق، ويجب محاربته بمختلف الطرق السياسية والأمنية والعقوبات الاقتصادية الشديدة والتلويح بالخيار العسكري أيضا. ولكن لا يجب وضع الخيار العسكري في المقدمة كما يفعل البعض بلا مسؤولية (تلميح إلى رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك). ولمح أشكنازي إلى تفضيله أسلوب تغيير القيادات الإيرانية بأي وسيلة ممكنة، بما في ذلك عمليات الاغتيال، إذ قال: «أنا لا أعرف شيئا عن العمليات السرية التي تتم هناك (اغتيال علماء الذرة الإيرانيين)، ولكن من الواضح أنه يجب الاستمرار في الحرب السرية، أكانت ضد علماء أو بالفيروسات الالكترونية، وبكل ما هو تحت سقف الحرب المباشرة».

وهنا قال إن المشكلة التي تواجه إسرائيل والغرب ليست في السلاح النووي، بل في نوعية القيادة الإيرانية. وأضاف: «ها هي باكستان تمتلك أسلحة نووية ولديها صواريخ يصل مداها إلى تل أبيب. فهل يسألها أحد؟ وهل يرحل أهالي تل أبيب؟ ثم أعرب عن تمنياته في أن يصل الربيع العربي إلى إيران أيضا».

من جهة ثانية، شهدت المظاهرات اليومية في إسرائيل ضد الحرب على إيران، تطورا جديدا في الليلة قبل الماضية، إذ أقيمت ثلاث مظاهرات تحت نفس الشعارات، واحدة أمام بيت وزير الدفاع، إيهود باراك (لليوم الثاني عشر على التوالي) والثانية أمام بيت رئيس الوزراء، نتنياهو (لأول مرة حول هذا الموضوع)، وأمام مقر وزارة الدفاع. وقد دعا المتظاهرون إلى الامتناع عن محاربة إيران. ورفعوا شعارات تقول: «العدالة الاجتماعية تتطلب سلاما»، «وزير الدفاع إيهود باراك يقودنا إلى الهلاك»، «بالحوار لا بالحرب»، «ليتم تجريد الشرق الأوسط برمته من السلاح النووي»، نريد تعليما ورفاها وليس صواريخ وحروبا. وانبطح عدد من المتظاهرين على الأرض وهم يرتدون الكفن الأبيض، في رمز إلى الموت. وألقت إحدى المتظاهرات كلمة قالت فيها إنها عاشت فترة طويلة في إيران، وتعرف الشعب الإيراني جيدا: «إنه شعب طيب يريد السلام».

وخرج وزير الدفاع الأسبق، موشيه آرنس، المعروف بقربه من نتنياهو، بدعوة مخالفة للروح السائدة في إسرائيل. فقال إنه يجب وقف المشروع النووي الإيراني. يفضل وقفه بالعقوبات الاقتصادية، ولكن إذا لم تحقق هذه النتيجة المرجوة، فينبغي اتخاذ وسائل عسكرية. ولكن بغض النظر عن محاربة إيران أو عدم محاربتها، فإن الخطر الأساسي على إسرائيل هو من حزب الله اللبناني.

وأضاف آرنس: «صواريخ حزب الله هي خط الدفاع الأول للمشروع النووي الإيراني. أوليس من الحكمة الهجوم على خط الدفاع الأول هذا قبل أي شيء آخر؟! هل يمكن التسليم باستمرار وجود خط الدفاع الأول هذا؟ وإذا كان كذلك، فسواء اتخذت الولايات المتحدة عملا عسكريا ضد إيران أم ستفعل ذلك إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، أو من دونه، فإن على إسرائيل أن تعالج قبل كل شيء صواريخ حزب الله في لبنان. لن يقوم أحد بهذا العمل من أجلنا. صحيح أنه سيكون لطيفا أن نحظى بدعم الولايات المتحدة في هذه المهمة، ولكنه ليس ضروريا. فهنا أيضا، مثلما في حالة المشروع النووي الإيراني، من الأفضل إكمال المهمة من دون عمل عسكري. معظم مواطني لبنان معنيون بتفكيك ترسانة الصواريخ لدى حزب الله تقريبا مثلما هي إسرائيل. ولا يكاد يكون لحزب الله، المنظمة الإرهابية التي تؤيد الرئيس بشار الأسد في سوريا، أصدقاء خارج إيران. يمكن الشروع في معركة جماهيرية تنقل له الرسالة بأن عليه أن يفكك ترسانة السلاح لديه، وممارسة الضغط عليه من اتجاهات أخرى أيضا. وإذا لم يكن هذا مجديا، فلا يزال الخيار العسكري قائما. صحيح أنه مطلوب الاستعداد، ولكن الأمر ممكن».