المئات يتظاهرون أمام قصر الرئيس مطالبين برحيله.. ومناوشات في التحرير

وسط إجراءات أمنية مكثفة في الميادين وحول مقار الإخوان

رجال أمن مصريون يقفون وراء أسلاك شائكة لمنع متظاهرين مناوئين للإخوان المسلمين من الوصول إلى مقر الرئاسة في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

وسط حضور أمني كثيف في ميادين العاصمة المصرية القاهرة والمحافظات، وتأمين مشدد على مقار جماعة الإخوان المسلمين، نجح مئات المتظاهرين المناوئين لجماعة الإخوان في الوصول إلى محيط القصر الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، مطالبين برحيل الرئيس محمد مرسي أول رئيس إسلامي في البلاد.

وباستثناء اشتباكات محدودة في محيط ميدان التحرير، مر اليوم الأول من المظاهرات المناوئة لجماعة الإخوان بهدوء، إذ تظاهر بضعة آلاف فقط في ميادين مصر المختلفة احتجاجا على ما قالوا إنه سعي الجماعة إلى «أخونة الدولة»، بعد نحو شهرين من تولي مرسي أحد قيادات الإخوان مهام منصبه كأول رئيس مدني منتخب عقب ثورة 25 يناير.

ولم تلق الدعوة التي أطلقها القيادي السابق في حزب المصريين الأحرار محمد أبو حامد، والإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة، ودعمها حزب التجمع اليساري المعارض، نجاحا كبيرا بحسب مراقبين، بعد أن خلت الساحات المصرية إلا من بضعة آلاف هتفوا بـ«سقوط مرشد الإخوان»، وطالبوا بحل الجماعة أو تقنين أوضاعها، وسط تشديدات أمنية مكثفة، لكن مظاهرات الأمس لا تعكس بحسب المراقبين رضا القوى السياسية التي عزفت عن المشاركة فيها، عن سياسات الرئيس الجديد.

ونجح مئات المتظاهرين في الوصول إلى محيط القصر الرئاسي، رغم التشديدات الأمنية وإغلاق الشوارع المؤدية إليه، وقال شهود عيان إن مناوشات محدودة وقعت بين قوات تأمين القصر ومتظاهرين هتفوا بسقوط جماعة الإخوان ورحيل مرسي. وأعلن كثير من المتظاهرين عن عزمهم الاعتصام أمام القصر الرئاسي.

وقال أبو حامد وهو برلماني سابق، أحد الداعين الرئيسيين لمظاهرات أمس، إن أنصاره سيعتصمون أمام القصر الجمهوري لمدة ثلاثة أيام حتى تتحقق مطالبهم، وعلى رأسها حل جماعة الإخوان، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد المتظاهرين ستتزايد بمرور الوقت رغم القبضة الأمنية التي فرضتها قوات الأمن حول أماكن التظاهر.

وشهدت شوارع القاهرة الرئيسية أمس وجودا أمنيا مكثفا منذ الصباح، لا سيما المناطق ذات الكثافة السكانية المسيحية في القاهرة، بعد أن أعلنت عدة منظمات وحركات مسيحية مشاركتها في مظاهرات الأمس. كما دفعت قوات الأمن بعناصرها لتأمين مقار جماعة الإخوان المسلمين في أنحاء البلاد. وانتشرت قوات الأمن المركزي بالميادين تحسبا لوقوع أعمال عنف في المظاهرات التي بدأت أمس وتستمر اليوم أيضا. وأغلقت قوات الجيش جميع الطرق المؤدية إلى وزارة الدفاع، ومنعت مرور السيارات، فيما تجمع مئات المتظاهرين في ميدان العباسية القريب من مقر وزارة الدفاع.

وقام ما يعرف بـ«المكتب التنسيقي لثورة 24 أغسطس» بتوزيع البيان الأول له، وقال البيان إن أهداف المظاهرات هي التصدي لما وصفوه بـ«أخونة مؤسسات الدولة، وتقنين وضع جماعة الإخوان المسلمون كإحدى جمعيات المجتمع المدني، وحل حكومة هشام قنديل باعتبارها حكومة طائفية (في إشارة إلى عدم وجود تمثيل مسيحي كاف بها)، وتدشين حكومة إنقاذ وطني، والحفاظ على استقلال القضاء، وحل الجمعية التأسيسية للدستور».

وفي ميدان التحرير اشتبك عشرات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين بمتظاهرين مناوئين للجماعة، وتبادل الطرفان تراشق الحجارة في محيط الميدان. وتحفظ أنصار الإخوان على شاب قال شهود عيان إنه أطلق رصاصات خرطوش من مسدس محلي الصنع.

وأضاف شهود عيان كانوا في محيط الاشتباكات التي وقعت بين أنصار الإخوان وشبان يساريين إن نحو 7 أصيبوا جراء تبادل التراشق بالحجارة. ومنذ منتصف العام الماضي لا توجد عناصر شرطية في ميدان التحرير أو محيطه تحسبا لاستفزاز المتظاهرين الذين يحملون وزارة الداخلية المسؤولية عن مقتل نشطاء سياسيين خلال أحداث محمد محمود والتي سقط خلالها نحو 50 قتيلا، العام الماضي.

من جانبه قال الدكتور أحمد الأنصاري نائب رئيس هيئة الإسعاف المصرية إنه تم تسجيل حالتي إصابة بطلقات نارية خرطوش، في ميدان التحرير، وأنه تم نقل الحالتين إلى مستشفى المنيرة العام.

وفي الإسكندرية تظاهر المئات أمام المنطقة الشمالية العسكرية مرددين هتافات مناوئة للإخوان. وقال محمد رفقي، أحد المتظاهرين، إنه ينتمي إلى حملة الفريق شفيق الرئاسية، نافيا أن تكون مشاركة أي من أعضاء الحملة قد تمت بالتنسيق مع الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق، مؤكدا أن تحركهم جاء بمبادرة منهم في محاولة للتصدي لما اعتبره «سعي الإخوان للهيمنة على مفاصل الدولة»، وكذلك للمطالبة بحل جماعة الإخوان التي وصفها بأنها «كيان غير شرعي».

ونظم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين سلاسل بشرية لدعم مرسي وحماية مقار الجماعة في الإسكندرية. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات حزب الإخوان قامت بمتابعة حركة الشوارع المحيطة بمقرها عن طريق غرفة تحكم رئيسية بها شاشات تنقل صورا حية للشوارع المحيطة، حيث تم تثبيت كاميرات مراقبة لنقل الصور الحية إلى غرفة التحكم الموجودة في مقر الحزب الرئيسي بمنطقة محطة الرمل وسط المدينة.

وقامت قوات عسكرية تابعة لقيادة المنطقة الشمالية بوضع أسلاك شائكة حول مقرها بمنطقة سيدي جابر شرق المدينة بينما تم تثبيت نقاط تفتيش بالمنطقة وغلق طريق السير أمام السيارات بالشوارع المحيطة بها. وقام المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأعداد من السلفيين بالتظاهر عقب صلاة الجمعة أمام مسجد القائد إبراهيم وسط المدينة مرددين هتافات مؤيدة للرئيس مرسي.

وعلق الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان على مظاهرات أمس قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجماعة كانت تتوقع أن تفشل هذه المظاهرات وأن تخرج بالصورة الهزيلة التي رأيناها، خاصة بعد أن قام الرئيس مرسي بإزاحة قيادات المجلس العسكري واستعادة صلاحياته كاملة»، مضيفا أن «الدعوة إلى التظاهر كانت في بدايتها دعوة لتخريب وحرق مقار الإخوان والشعب المصري بطبعه لا يميل إلى العنف ولا يستجيب للتحريض».

وكان الرئيس مرسي الذي تسلم مهام منصبه مطلع يوليو (تموز) الماضي، قد أطاح بقيادات عسكرية وأمنية رفيعة على رأسها المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق، رئيس المجلس العسكري، ورئيس أركانه الفريق سامي عنان، في عملية رأى فيها محللون أنها تفقد المعارضة المصرية ظهيرا قويا كان بعض أطيافها يستند عليه للحد من قدرة الإخوان على الاستحواذ على السلطة. كما أسقط مرسي الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري قبل نحو شهرين واعتبرته الجماعة انتقاصا من صلاحيات الرئيس المنتخب، وشكل حكومة تكنوقراط بعد أن وعد بحكومة ائتلاف وطني.

ويخشى مناوئون لجماعة الإخوان من التغييرات التي قام بها مرسي الشهر الحالي، خاصة بعد أن أصبحت سلطة التشريع في يد الرئيس، ودفع الإخوان بقيادات صحافية قريبة منهم إلى المواقع القيادية في الصحف المملوكة للدولة، ووزارة الإعلام.

وفي معركة إعلامية جانبية، قالت الصفحة الرسمية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان إن مصادر مقربة من حملة الفريق شفيق قالت إنه يقف بقوة لدعم وإنجاح مظاهرات الأمس، وأنه رصد 5 ملايين دولار لحشد المتظاهرين. وأضافت الصفحة أن الفريق شفيق قام بترتيب اجتماع موسع للوقوف على الترتيبات النهائية لتحركاتهم أمس واليوم، مشيرين إلى أن الاجتماع حضره عدد من ضباط أمن الدولة المفصولين وعدد من رموز الإعلام، وأبو حامد، وعدد من الشخصيات المحسوبة على التيار الليبرالي واليساري.

ونفى الفريق شفيق صلته بمظاهرات الأمس، واصفا ادعاءات الجماعة بتمويل المظاهرات بأنها ادعاءات «تافهة». وقال شفيق، في اتصال هاتفي مع قناة «العربية» الإخبارية من أبوظبي، إنه مع حق التظاهر السلمي، مطالبا الجميع باحترام نتيجة الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها مرسي.