تصريحات ابن كيران وأسلوبه في التواصل تشغل المغاربة

البعض يعتقدون أنه «قريب من الشعب»

TT

في بادرة غير مسبوقة، نشرت وكالة الأنباء المغربية أمس (الجمعة) تقريرا يتناول بالتحليل خطابات عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة و«خرجاته الإعلامية» التي باتت حديث الشارع منذ تعيينه على رأس أول حكومة ذات توجه إسلامي في المغرب.

والمثير أنها المرة الأولى التي تتناول فيها وسيلة إعلامية رسمية موضوعا من هذا القبيل، إذ لم يحدث أن وجهت انتقادات أو كتب تقرير يحلل تصريحات شخصية سياسية تشغل منصبا حكوميا. وبالتالي يصبح ابن كيران أول شخصية سياسية حكومية تحظى بهذا الحضور الطاغي، وتشغل تصريحاته التي لم تتوقف، المغاربة حتى وهو حاليا خارج مكتبه يتمتع بأول عطلة سنوية منذ تعيينه رئيسا للحكومة قبل ستة أشهر.

وعززت وكالة الأنباء المغربية تقريرها بآراء لخبراء في التواصل السياسي والإعلامي، وتعليقات ساخرة حول تصريحات ابن كيران كتبت على «الفيس بوك»، وحتى شهادة سائق أجرة تتناول بعض المواضيع التي أثارت جدلا مثل دفاعه عن الزيادة في أسعار المحروقات، وحواره على إحدى الفضائيات الذي أثار زوبعة من الانتقادات ضده عندما قال إنه سيتبع سياسة «عفا الله عما سلف» بالنسبة للمتورطين في قضايا الفساد. يرى البعض أن عبد الإله ابن كيران يتحدث لغة مفهومة وبسيطة وسلسة و«قريبة من الشعب». وفي نظر البعض الآخر فإن خطابه في الجوهر «غير مقنع وشعبوي ومتسرع». كما تقول وكالة الأنباء المغربية.

لم تتوقف «خرجات» ابن كيران الإعلامية المثيرة حتى قبل تعيينه رئيسا للحكومة، إلا أن منصبه الجديد منح لتصريحاته زخما سياسيا غير مسبوق حتى بات كل كلمة ينطق بها الرجل تخلف وراءها سيلا من الانتقادات والتحليلات المؤيدة والمعارضة، في الشارع والصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية وصفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.

وكانت البداية عندما تحدث ابن كيران للمرة الأولى بعد تعيينه رئيسا للحكومة عن وجود «جيوب للمقاومة» تناهض الإصلاح في البلاد، والذين أطلق عليهم فيما بعد وصف التماسيح والعفاريت. وهي أوصاف مجلجلة ما زال صداها يتردد إلى اليوم.

لم يكتف ابن كيران بتوجيه النقد إلى معارضيه بالحديث بشكل عام، بل وجه اتهاما صريحا إلى صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية السابق رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي انتقل إلى المعارضة، بكونه قدم أرقاما مغلوطة عن وضعية الاقتصاد في آخر جلسة مساءلة له بمجلس النواب، والتي عقدت في 13 أغسطس (آب) الماضي. ورد بشكل ساخر «لسنا نحن من تسبب في الأزمة، بل الأزمة هي التي جاءت بنا للحكومة».

وعندما وجه ابن كيران رسالة اعتذار للملك محمد السادس ومستشاريه، ردا على تصريح له أوردته صحيفة محلية مفاده أن «لا وجود لتعاون بينه وبين محيط الملك»، اعتقد كثيرون أن ابن كيران سيلجم لسانه ويتوخى الحذر في تصريحاته، لكن لم تمر سوى بضعة أيام عن الاعتذار الذي فسره البعض على أنه موقف ضعف كان على ابن كيران تجنبه، حتى عاد للحديث أمام مجلس النواب ووجه خطابا لاذعا لخصومه السياسيين بمن فيهم مستشارو الملك وإن بشكل ضمني، وكل الذين يسعون إلى العودة إلى التحكم من جديد في الحياة السياسية بعدما «دخلوا الجحور» إبان الحراك الاجتماعي التي عرفته البلاد قبل عام. بحسب رأيه.

بدورهم، يتخذ خصوم ابن كيران ومعارضوه تصريحاته وسيلة لانتقاد سياسته، ويؤكدون أن تصريحاته «غير مسؤولة» وتخلف صدى سيئا خارج البلاد خصوصا لدى المستثمرين والسياح.

وقبل تصريحاته المثيرة، كان ابن كيران قد شغل الناس بمظهره المتواضع، وعزوفه عن ارتداء رابطة العنق، وعدم اهتمامه بمظهره بشكل يليق بمنصبه الحكومي، ولم تهدأ تعليقات المغاربة على مظهره حتى التزم بارتداء بدل أنيقة و«تعود» على رابطة العنق.

وتشير الأرقام الصادرة عن مؤسسة «ماروك ميتري» لقياس نسبة المشاهدة، أن حلقة برنامج «لقاء خاص» الذي استضاف ابن كيران لشرح قرار الحكومة بالزيادة في أسعار المحروقات، وبث في الوقت ذاته على القناتين الأولى والثانية، شاهدها 3 ملايين مشاهد، على القناة الثانية، ومليون و255 ألف مشاهد تابعها على القناة الأولى، في حين بلغ عدد مشاهدي الجلسة الشهرية الأولى التي حضرها ابن كيران بمجلس النواب في مايو (أيار) الماضي، لمساءلته حول السياسات العامة للحكومة مليوني مشاهد.