أعمال القتل البشعة تؤكد تصاعد وتيرة العنف في دمشق

المكاسب التي حققها الثوار مكنت الصحافيين من الوصول إلى خطوط القتال الأمامية

عناصر من الجييش السوري الحر في قتال مع قوات النظام في أحد أحياء حلب أمس (رويترز)
TT

تم العثور على عشرات الجثث المشوهة والملطخة بالدماء ملقاة في الشوارع وفي أماكن رمي النفايات في ضواحي العاصمة السورية دمشق خلال الأيام القليلة الماضية. وعلى ما يبدو فإن هذه الجثث هي لضحايا أحدث موجة من عمليات القتل الوحشية التي قامت بها قوات الأمن السورية في إطار سعيها لإخراج قوات الثوار من العاصمة السورية دمشق وضواحيها.

غطت وتيرة العنف الحالية في دمشق على المعركة الأخرى التي تجري من أجل السيطرة على مدينة حلب، وهي العاصمة التجارية في سوريا والتي تقع شمالي البلاد، حيث مكنت المكاسب التي حققها الثوار الصحافيين من الوصول إلى خطوط القتال الأمامية بينما تؤدي عمليات القصف الجوي والمدفعي التي تقوم بها القوات الحكومية إلى إلحاق الكثير من الإصابات بين صفوف المدنيين.

ويقول النشطاء إن أعمال القتل في دمشق تعكس الاستراتيجية التي تتبناها الحكومة السورية الجديدة لوقف الدعم الذي يتلقاه الجيش السوري الحر المعارض عن طريق معاقبة وتخويف المدنيين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار. وتشير مقاطع الفيديو التي تم بثها على الإنترنت وشهادات السكان إلى وقوع عمليات إعدام خارج نطاق القانون بصورة لم يسبق لها مثيل منذ بداية الثورة السورية قبل 17 شهرا ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد.

ووفقا لـ«مركز توثيق الانتهاكات في سوريا»، والذي يقوم بتسجيل أسماء ضحايا أعمال العنف الذين تم التعرف على هويتهم، لقي 730 مدنيا مصرعهم في دمشق و529 في حلب في الشهر الجاري، وهو الرقم الذي ارتفع كثيرا خلال الأسبوع الماضي نتيجة للجثث التي تم العثور عليها ملقاة في العاصمة دمشق.

وتسببت أعمال القصف التي تشنها القوات الحكومية على المناطق المعروفة بدعم الثوار، والتي تستخدم فيها المدافع والطائرات المروحية، في حدوث بعض من هذه الوفيات، ولكن معظم القتلى من صفوف المدنيين الذين اختفوا في أعقاب الهجمات أو الذين تم إلقاء القبض عليهم في نقاط التفتيش والذين تم العثور على جثثهم ملقاة بجوار بعضهم البعض في مجموعات صغيرة أو كبيرة، حسبما يؤكد النشطاء.

وتم العثور على 11 جثة في إحدى الشقق في كفرسوسة يوم الخميس الماضي، بعد يوم واحد فقط على مقتل 24 شخصا رميا بالرصاص، وذلك وفقا لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي يقع مقره في بريطانيا، فضلا عن العثور على 5 جثث أخرى في حي التضامن. وفي يوم الأربعاء الماضي، تم العثور على عشرات الجثث المغطاة بالدماء والملقاة إلى جوار بعضها على أحد الطرق في ضاحية القابون، بعدما جرى ذبحهم، وفقا لأحد مقاطع الفيديو الموجود على موقع «يوتيوب».

ومن المستحيل تماما التأكد من تفاصيل عمليات القتل هذه، حيث يقول النشطاء وجماعات حقوق الإنسان إنهم يجدون صعوبة كبيرة في التحقق من الظروف التي تحيط عمليات القتل البشعة التي يتم تسجيلها ونشرها على الإنترنت بصورة يومية. ويشكل الرجال، وبعضهم من كبار السن، الغالبية العظمى من أعداد الضحايا الموجودين في مقاطع الفيديو، حيث تحمل معظم الجثث علامات تعذيب ومن الواضح أنهم لقوا حتفهم جميعا جراء الإصابة بأعيرة نارية في الرأس أو الذبح.

ومن العاصمة اللبنانية بيروت، صرح نديم حوري، وهو باحث في منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي يقع مقرها في نيويورك: «من الواضح جليا أنه في الوقت الذي ينصب فيه كل الاهتمام على حلب، كانت هناك زيادة في العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها حول دمشق، فضلا عن زيادة أعداد الأشخاص الذين قتلوا في هذه المعارك بصورة أكبر بكثير مما يحدث في حلب».

ويؤكد حوري أن عمليات القصف والغارات الجوية التي تشنها القوات الحكومية قد أعاقت وصول الباحثين إلى المواقع التي تم العثور فيها على هذه الجثث. ففي يوم الخميس الماضي، كثفت القوات الحكومية من هجومها على ضاحية داريا، الواقعة جنوب غربي دمشق، والتي كانت معقلا قويا لقوات الثوار منذ وقت طويل، حيث قامت بإمطار المنطقة بقذائف المدفعية قبل شن غارات جوية على المنازل. أدت هذه الهجمات إلى مقتل 15 شخصا على الأقل، وذلك وفقا لشبكة لجان التنسيق المحلية المعارضة.

يعترف حوري بأنه من النادر وجود شهود على أعمال القتل هذه، مضيفا: «بصراحة، هناك عدد قليل جدا من الشهود، حيث يستيقظ الناس في الصباح ليجدوا هذه الجثث ملقاة على جانب الطريق».

ويؤكد حوري أنه على الرغم من وجود هناك بعض التقارير عن أعمال قتل انتقامية تقوم بها قوات الثوار التابعة للجيش السوري الحر، فإن الغالبية العظمى من أعمال القتل هذه تقوم بها القوات الحكومية في معاقل المعارضة.

ويقول النشطاء إن أحدث موجة من أعمال القتل وقعت في المناطق السكنية التي كانت خاضعة لسيطرة الثوار في السابق. ويشير طارق صالح، وهو ناشط في «مجلس قيادة الثورة في دمشق»، إلى أن معظم الأشخاص الذين تم قتلهم لا ينتمون إلى مقاتلي الجيش السوري الحر، الذين عادة ما ينسحبون أمام هجمات القوات الحكومية، ولكنهم من السكان المحليين المعروفين بتعاطفهم مع قوات المعارضة.

* ساهم في كتابة هذا التقرير أحمد رمضان من بيروت.

* خدمة «واشنطن بوست»