الجيش الحر يبدأ استخدام مضادات الطيران بريف حلب

المظاهرات تتحدى القصف في جمعة «درعا لا تحزني الله معنا»

TT

بينما تستمر وتيرة تصاعد العنف مع اشتداد الحملات العسكرية التي تشنها قوات النظام في عدة مناطق، سجل الجيش الحر تطورا جديدا في التصدي للقصف، وأعلن في بلدة حريتان بريف حلب عن استخدام مضادات طيران في محاولة لصد القصف الجوي العنيف الذي تعرضت له البلدة يوم أمس، وفي غضون ذلك قتل في مدينة الميادين في محافظة دير الزور - شرق - قريبا من الحدود مع العراق حيث تدور اشتباكات شرسة أكثر من 23 شخصا وجرح نحو خمسين آخرين جراء القصف العنيف بحسب ناشطين هناك وصفوا ما جرى بالمجزرة الحقيقية. وفي ريف دمشق استمر القصف العنيف على مدينة داريا لليوم الخامس على التوالي، وقالت لجان التنسيق المحلية إن نحو 36 شخصا قتلوا يوم أمس في داريا جراء القصف المدفعي والصاروخي بالتزامن مع انقطاع للكهرباء والماء وفرض حالة حصار خانقة على السكان حالت دون وصول المواد الغذائية إلى داريا والبلدات المحيطة بها. وقالت لجان التنسيق المحلية إن أكثر من 74 شهيدا سقطوا في داريا خلال 36 ساعة ونحو 300 جريح جراء القصف العنيف.

من جانبها قالت لجان التنسيق في بيان حول التطورات الميدانية إن الحملة التي نفذتها القوات الحكومية في جمعة «لا تحزني درعا إن الله معنا» تركزت في دمشق وريفها وإدلب ودرعا وحماه وحمص والقنيطرة وحلب ودير الزور وأسفرت عن سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح.

وفي حصيلة أولية لقتلى أمس قالت لجان التنسيق إن أكثر من 130 شخصا بينهم 20 طفلا قتلوا نهار يوم جمعة «درعا لا تحزني إن الله معنا» والتي كرست المظاهرات فيها لنصرة محافظة درعا التي شهدت الأسبوع الماضي تصعيدا غير مسبوق في الحملات العسكرية على عدة بلدات فيها لا سيما الحراك، التي ما تزال محاصرة وتتعرض للقصف.

وخرجت يوم أمس مظاهرات في مناطق عدة في البلاد على الرغم من اشتداد الحملات العسكرية الشرسة، وبث ناشطون في ريف دمشق مظاهرة خرجت في مدينة دوما في ريف دمشق التي ما تزال تتعرض للقصف ويتفرقون بعد إطلاق النار عليهم، وقالت تنسيقية دوما إن خمسة أشخاص قتلوا يوم أمس في دوما وجرح أكثر من خمسين آخرين جراء قصف المدينة بأكثر من 25 قذيفة هاون تبعها حملة مداهمات واعتقالات واسعة.

كما خرجت مظاهرات في الهامة وقدسيا وعربين وببيلا وحمورية والمعضمية وفي مدينة دمشق في حيي الزاهرة والميدان بعد صلاة الجمعة. وفي إدلب وحلب وحماه وحمص وبث بعضها مباشرة على قنوات «الجزيرة» و«العربية» ومواقع الإنترنت، وهتف المتظاهرون لنصرة درعا والمعضمية وداريا، ونددوا بالمواقف الدولية والصمت حيال المجازر الحاصلة في سوريا، مؤكدين استمرار الثورة.

من جانب آخر كانت تدوي في أرجاء العاصمة أصوات القصف المدفعي من الكتائب العسكرية المتمركزة على سفح جبل قاسيون باتجاه داريا وحيي التضامن ونهر عيشة، طيلة يوم أمس الجمعة وقال سكان في حي المهاجرين إن صوت الإطلاق المدفعي كان يهز الأحياء الممتدة على سفح الجبل ويشغل أجهزة إنذار السيارات، بالتزامن مع زيادة عدد الحواجز داخل المدينة وفي الطرق الرئيسية، مع تفتيش دقيق للمارة، وبالأخص المقبلة من الريف إلى وسط العاصمة، وتركز القصف المنطلق من قاسيون على مدينة داريا، وقال أحد سكان داريا لـ«الشرق الأوسط» إن القذائف كانت تسقط بمعدل قذيفة أو اثنتين كل دقيقة على دائرة قطرها 3 كلم تقريبا. ووجه السكان نداء استغاثة للأطباء والممرضين بالتوجه إلى داريا للمساعدة في إسعاف الجرحى، وقال ناشطون في داريا نقلا عن سكان هناك «إن الجيش الحر كان متواجدا في ساحة داريا عندما انتبه أحد السكان إلى قيام امرأة برمي (شريحة) من نافذة سيارة فتمت ملاحقتها والقبض عليها وتبين أن معها ست شرائح كانت تنوي رميها في المواقع التي تلاحظ فيها تواجدا للجيش الحر، ليتم استهدافها بالقصف الصاروخي إثر رميها بعدة دقائق» وقصة الشرائح التي ترمى للاستدلال على مواقع تواجد عناصر الجيش الحر باتت متداولة في الآونة الأخيرة ولم يتم التحقق من صحتها. وقتل في داريا يوم أمس نقيب منشق من قرية التريمسة أثناء اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي. كما استهدف القصف العنيف حي التضامن جنوب العاصمة، وقالت مصادر في الجيش الحر إن قوات الأمن العسكري اعتقلت خمس مقاتلين من الجيش الحر في حيي التضامن ونهر عيشة، واحد منهم من كتيبة يلدا وأربعة من كتيبة عرب اللجاة.

وفي مدينة المعضمية التي شهدت قصفا عنيفا واقتحامات وإعدامات ميدانية نزح نحو ألف شخص يوم أمس باتجاه بلدة الديماس، بالإضافة إلى 2500 شخص نزحوا في وقت سابق، ووجه ناشطون في الديماس نداء للأهالي لتقديم مساعدات للنازحين الذين حلوا بالمدارس والحدائق ويفتقرون لكل وسائل المعيشة.

وفي شرق البلاد قالت تنسيقية وثوار الميادين إن مجزرة ارتكبتها قوات النظام هناك جراء القصف العنيف على المدينة التي أعلن الجيش الحر السيطرة على عدة مواقع فيها وقتل أكثر من 23 شخصا وجرح نحو 55 آخرين.

من جانبها قالت لجان التنسيق إن قوات النظام ارتكبت مجزرة جديدة في بلدة كنصفرة بإدلب راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى معظمهم من النساء والأطفال فيما قتل 23 شخصا على الأقل وأصيب نحو 55 آخرين في قصف بالطيران الحربي نفذته قوات النظام على مدينة الميادين بدير الزور. وأشارت كذلك إلى سقوط خمسة جرحى على الأقل بينهم أطفال جراء قصف مدفعي عنيف استهدف الأحياء السكنية وملاجئ الأهالي في حمص وتسبب في احتراق خمسة مبانٍ بالكامل. وقالت إن قوات الأمن والشبيحة حاصرت المساجد في مختلف أنحاء البلاد لمنع إقامة صلاة الجمعة وخروج المظاهرات المناهضة للنظام وسط أنباء عن قدوم تعزيزات جديدة لإرهاب المواطنين.

في غضون ذلك تعرضت عدة مدن منها دير الزور ودمشق وريفها وحلب ودرعا وحمص لقصف عنيف بطائرات الميغ والدبابات ما أدى إلى مقتل مدنيين. فيما تواصلت الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية والجيش الحر في مدينة أريحا في ريف إدلب وأدت لسقوط مقاتل من الجيش الحر. كما بث ناشطون فيديو يظهر بوضوح قصف الطيران الحربي التابع للنظام بلدة الأتارب في ريف حلب يوم أمس.

وفي ريف دمشق قالت لجان التنسيق المحلية إن القوات الحكومية قامت بقصف مدينة الزبداني في ريف دمشق منذ ساعات الصباح الأولى من يوم أمس كما اشتد القصف المدفعي على منطقة البساتين بين عرطوز وجديدة عرطوز. وقصف حي مساكن هنانو في حلب بالمروحيات، كما تدور اشتباكات في محيط مفرزة الأمن العسكري في دير الزور وأخرى في حي القصور في حماه.

وكانت لجان التنسيق أفادت بأن مائتي شخص لقوا حتفهم في سوريا الخميس برصاص القوات الحكومية، وأن ثلاثة وخمسين منهم سقطوا في داريا في ريف دمشق، والباقي في حلب ودرعا وإدلب وحماه والرستن والقصير حيث تتعرض الأخيرتان لقصف متواصل منذ ثلاثة شهور مع حصار خانق.

من جانب آخر وجه النظام السوري تحذيرا مباشرا للدول الغربية بأن شن أي هجمات عسكرية ضدها سوف تكون له عواقب وخيمة على القوات الغازية وقد يدخل المنطقة في دوامة حرب لا نهاية لها. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في حديث مقتضب لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية الإخبارية إن «دخول القوات الأجنبية إلى سوريا لن يكون نزهة» مشددا على أن سوريا «لا تريد خوض حرب مع أي جهة». ونفى الزعبي امتلاك الجيش السوري أي أسلحة كيميائية على الرغم من تداول ذكرها حتى في بيان رسمي لوزارة الخارجية السورية في يوليو (تموز) الماضي موضحا أن البيان كان يتحدث عن «عدم استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري حتى لو كان النظام يمتلكها».

وجاء هذا التحذير عقب إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا استعدادهما لوضع خطط عسكرية تهدف لحماية الأسلحة الكيميائية التي بحوزة الجيش السوري ومنع سقوطها في أيدي جماعات وصفت بالمتطرفة في حال سقوط نظام الأسد.

وبدوره اتهم نائب وزير الخارجية السورية فيصل مقداد تركيا بدعم مجموعات وصفها بـ«الإرهابية» بالسلاح وبتسهيل وصولها إلى سوريا.

وذكرت وسائل الإعلام السورية أن قوات الجيش «واصلت ملاحقتها فلول المجموعات‎ ‎الإرهابية ‏المسلحة التي روعت الآمنين وعاثت تخريبا وقتلا في‎ ‎عدد من أحياء مدينة ‏حلب وريفها، حيث أسفرت العمليات عن مقتل أعداد كبيرة من أفراد تلك ‏المجموعات».

وفي بلدة معضمية الشام الواقعة في ريف دمشق قالت القوات الحكومية إنها ضبطت «كمية كبيرة من ‏الأسلحة والذخائر خلال دهمها وكرا للمجموعات الإرهابية المسلحة التي ‏كانت تروع الآمنين وتقتل المواطنين الأبرياء وتنكل بهم».