الرئيس المصري يستأنف مهامه بزيارة للصين بعد فشل مظاهرات مناوئة لسياساته

القاهرة أجرت اتصالات بوزيري خارجية تركيا وإيران لبحث الأزمة السورية

الرئيس المصري محمد مرسي خلال استقباله علي أحمد كرتي وزير خارجية السودان أمس (إ.ب.أ)
TT

استقبل الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، بمقر الرئاسة بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) أمس، علي أحمد كرتي وزير خارجية السودان، بعد هدوء الأوضاع الأمنية في محيط القصر الرئاسي عقب انفضاض مئات المتظاهرين المعارضين لسياسات أول رئيس إسلامي في البلاد، بينما قالت مصادر أمنية رفيعة إن قوات الجيش نجحت منذ بدء العملية العسكرية في سيناء مطلع الشهر الجاري، في تدمير نحو 120 نفقا على الحدود بين مصر وقطاع غزة كانت تستخدم في عمليات التهريب.

وتجاوز مرسي، ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها، القلق من قدرة معارضين لهم على حشد مظاهرة مليونية دعوا لها أمس وأول من أمس. وبدا أن الرئيس الجديد يوشك على وضع اللمسات الأخيرة بإعلان فريقه الرئاسي خلال ساعات، بعد أن رتب البيت من الداخل بتغييرات مفصلية في القيادات العسكرية والأمنية، قبل أن يطير إلى بكين يوم غد (الاثنين)، فيما يظل التحدي الأبرز أمام مرسي هو القدرة على السيطرة على سيناء التي تواصل قوات الجيش بها عملياتها ضد متشددين إسلاميين يعتقد أنهم مسؤولون عن قتل 16 من جنوده مطلع الشهر الحالي.

وقبيل زيارة الرئيس مرسي المرتقبة إلى إيران، أجرى محمد كامل عمرو وزير الخارجية أمس اتصالات هاتفية مع نظيريه التركي أحمد داود أوغلو، والإيراني علي أكبر صالحي، وصرح الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بأن تلك الاتصالات تأتي في إطار تحرك وزارة الخارجية لتفعيل المبادرة التي أعلن عنها الرئيس مرسي خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في مكة المكرمة مؤخرا، والتي تهدف إلى التوصل إلى حل شامل للوضع المتردي في سوريا، بما يحقن الدماء ويضع حدا سريعا للعنف المتزايد في البلاد، ويحفظ في الوقت ذاته وحدة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية.

واستقبل مرسي، بمقر الرئاسة أمس، علي أحمد كرتي وزير خارجية السودان والوفد المرافق له الذي يزور مصر حاليا، وقال الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إن «المقابلة تناولت بحث العلاقات المميزة بين مصر والسودان، ومتابعة تنفيذ برامج واتفاقيات التعاون المبرمة بين البلدين في مختلف المجالات، وزيادة التبادل التجاري والاستثماري، ومشاركة الشركات المصرية في عملية التنمية بالسودان».

وحضر اللقاء من الجانب السوداني فتحي خليل محمد والي الولاية الشمالية، والصادق محمد علي وزير الدولة للاستثمار، وكمال حسن علي سفير السودان في القاهرة، ومن الجانب المصري محمد كامل عمرو وزير الخارجية.

وفي غضون ذلك، غادر وفد مصري القاهرة أمس متوجها إلى دبي، ومنها إلى بكين للإعداد لزيارة مرسي للصين يوم غد، وهي ثالث جولة خارجية للرئيس الذي تولى مهام منصبه مطلع يوليو (تموز) الماضي، وسبق للرئيس مرسي زيارة كل من السعودية وإثيوبيا.

ويستعد مرسي لجولة علاقات عامة يبدأها ببكين، التي يغادر منها إلى طهران حيث يشارك في أعمال قمة عدم الانحياز. وتعد زيارة مرسي إلى إيران هي أول زيارة لرئيس مصري منذ توتر العلاقات بين القاهرة وطهران نهاية سبعينات القرن الماضي.

وتقلل القاهرة من أهمية زيارة مرسي لطهران، التي تستمر لأربع ساعات فقط، وتضعها في سياق بروتوكولي لتسليم مرسي رئاسة قمة عدم الانحياز إلى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لكن من المتوقع أن تستقطب الزيارة المرتقبة اهتماما دوليا لما يمكن أن تعكسه من تغير في السياسة المصرية تجاه طهران التي تواجه عقوبات دولية على خلفية برنامجها النووي الذي تخشى دول غربية وإقليمية من أن يمكن إيران من تطوير سلاح نووي.

وبعيدا عن العلاقات الإقليمية والدولية، يستعد مرسي لوضع اللمسات الأخيرة على إدارته بالإعلان عن فريقه الرئاسي خلال ساعات، بعد ما اعتبره مراقبون فشل الدعوة التي أطلقها البرلماني السابق محمد أبو حامد لمظاهرة حاشدة من أجل حل جماعة الإخوان المسلمين، ومواجهة ما وصفه أبو حامد بـ«أخونة الدولة».

وانفض مئات المتظاهرين الذين تجمعوا منذ صباح يوم أول من أمس وحتى الساعات الأولى من صباح أمس، من محيط القصر الرئاسي. وعلى الرغم من أن الدعوة التي أطلقها أبو حامد ودعمها حزب التجمع المعارض تمتد ليومين، فإن الميادين الرئيسية في البلاد خلت أمس من أي مظاهر احتجاجية.

ويظل التحدي الأبرز أمام مرسي خلال الفترة القليلة المقبلة، بحسب المراقبين، هو قدرته على السيطرة على شبه جزيرة سيناء، التي بدأ الجيش المصري عمليات واسعة بها لتطهيرها ممن وصفهم قادة الجيش بـ«الإرهابيين والبؤر الإجرامية»، بعد مقتل 16 من جنوده مطلع الشهر الجاري على يد من يعتقد أنهم متشددون إسلاميون.

وقال مصدر أمني رفيع أمس إن قوات سلاح المهندسين بالجيش الثاني الميداني نجحت منذ بدء العملية العسكرية «نسر 2» بسيناء في تدمير نحو 120 فتحة نفق على الحدود بين مصر وقطاع عزة كانت تستخدم في عمليات التهريب.

وأضاف المصدر أن عمليات هدم الأنفاق متواصلة بشكل يومي ولن تتوقف قبل الانتهاء من تدمير كل الأنفاق على خط الحدود، مؤكدا أنه تم خلال اليومين الماضيين فقط تدمير 12 نفقا للتهريب، ومشيرا إلى أن عمليات التدمير وردم الأنفاق وصلت الآن إلى حيز المناطق السكنية، خاصة منطقة صلاح الدين، بعد الانتهاء من عدة مناطق شمال معبر رفح الحدودي.

واستبعد المصدر أن تستخدم مصر المتفجرات مثلما كان يحدث في الماضي عند التخلص منها خوفا من الانهيارات الأرضية بسبب هشاشة التربة في منطقة الأنفاق نتيجة كثرة الأنفاق، بما يهدد منازل سكان الحدود بين مصر وقطاع غزة. وقال إن الأنفاق التي تم هدمها كانت تستخدم في تهريب مواد البناء والسيارات والأبقار، وإنها كانت كبيرة وتقع في مناطق تكثر بها زراعات الخوخ والزيتون.

وبينما دعت الجهات الأمنية المواطنين من أصحاب المنازل والمزارع الموجودة بها الأنفاق إلى سرعة وقف كل أنشطة التهريب عبر الأنفاق، وطالبتهم بتيسير مهمة العاملين في حملة ردم الأنفاق ومساعدتهم على أداء عملهم، وحذرت من أن من لا يلتزم بالتعليمات سيعرض نفسه للمساءلة القانونية، فقد هدمت السلطات 7 منازل خالية من السكان كان أسفلها أنفاق للتهريب.

وعلى الصعيد الأمني بسيناء أيضا، واصلت العناصر المتشددة والمطلوبة هجماتها المسلحة على قوات الجيش والشرطة بسيناء، حيث هاجم مسلحون ملثمون للمرة الثانية خلال 24 ساعة حاجزا أمنيا لقوات الجيش والشرطة قرب العريش مساء أمس، وتمكنوا من الفرار بعد تبادل لإطلاق الرصاص مع القوات المتركزة عند الحاجز.

وقال مصدر أمني إن مسلحين كانوا يستقلون شاحنة صغيرة دون لوحات معدنية هاجموا الحاجز الأمني بمنطقة المحاجر جنوب العريش على طريق المطار وفروا هاربين، مضيفا أن إطلاق الرصاص لم يسفر عن وقوع أي خسائر بشرية، وأن قوات الأمن لم تتمكن من ملاحقة المهاجمين.