دعوتان إيرانيتان لرام الله وغزة لـ «عدم الانحياز» تزيدان من التوتر بينهما

مجدلاني لـ «الشرق الأوسط» : الرئيس لن يحضر إذا حضرت حماس.. ولا نقبل تجزئة التمثيل

TT

زادت إيران الطين بلة بين السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة حركة حماس في قطاع غزة، بعد توجيهها دعوتين رسميتين، للرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية، لحضور مؤتمر قمة عدم الانحياز المزمع عقده في طهران في 30 أغسطس (آب) الحالي.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس لن يحضر القمة إذا لبت حماس الدعوة الإيرانية. وأضاف «المنظمة لا تقبل تجزئة التمثيل الفلسطيني، الشرعية يمثلها الرئيس ونحن لدينا الاعتراف الدولي والعربي والإسلامي». واعتبر مجدلاني الدعوة الإيرانية لحماس، بمثابة تدخل فظ غير مقبول من قبل إيران. وتابع بالقول إنها تأتي في سياق «التدخل والدعم الإيراني لحماس الذي بدأ منذ الانقلاب العسكري في يونيو (حزيران) 2007 ويستمر حتى الآن».

وكانت السلطة قد فوجئت الليلة قبل الماضية، بإعلان صادر عن مكتب هنية، يقول إنه تلقى دعوة رسمية لحضور قمة عدم الانحياز في العاصمة الإيرانية طهران. وقال المكتب في تصريح مقتضب «إن رئيس الوزراء تلقى دعوة رسمية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لحضور قمة عدم الانحياز في طهران».

ولم يكن لدى السلطة علم مسبق بهذه الدعوة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنها فوجئت بإعلان مكتب هنية، بعدما كانت تلقت تطمينات من دول عدم الانحياز والسفارة الفلسطينية في طهران بأن أي دعوة لن توجه لحماس. وطلبت السلطة أمس بحسب المصادر، توضيحا رسميا من الخارجية الإيرانية. وخلفت الدعوة غضبا كبيرا في رام الله، خصوصا أن الرئاسة الفلسطينية قبلت الدعوة الإيرانية، وأعلنت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) سيحضر على رأس وفد رفيع إلى القمة على الرغم من معارضة إسرائيلية وأميركية وغربية وضغوط كبيرة.

واعتبرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الخطوة الإيرانية، إشارة واضحة «لانضمام إيران إلى أهداف الجوقة الإسرائيلية المعادية، والهادفة مهما اختلفت المصالح، إلى زعزعة النظام السياسي وشرعياته المنتخبة، وضرب هدف النضال الوطني الفلسطيني، من خلال حماية الانقسام وإدامة الانقلاب عبر تشجيع رموزه، ومدهم بالاعتراف والشرعية كما تفعل بالضبط الخطوة الإيرانية». وقال بيان للمنظمة، إنها «لن تسمح لأي قوة أو نظام بتجاوز مؤسسات الشعب الفلسطيني وعلى رأسها منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبث الفرقة والتمزق بين شعبنا وحركته الوطنية». وأضاف البيان «إن القيادة الفلسطينية ستتخذ على ضوء خطوة النظام الإيراني مجموعة من الخطوات الهادفة إلى حماية مصالح شعبنا وتمثيله الوطني الواحد الموحد». ولا يعرف ما إذا كانت المنظمة تتحدث عن انسحاب أبو مازن أو خطوات أخرى لاحقة تتعلق بالعلاقة الرسمية مع إيران.

واستهجن رئيس الوزراء سلام فياض، دعوة هنية للمشاركة في أعمال قمة دول عدم الانحياز في طهران، ودعاه إلى عدم الاستجابة، معتبرا أن «هذه الدعوة تمثل ضربة لأحد أبرز منجزات الشعب الفلسطيني، ألا وهو وحدانية التمثيل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا. كما أنها تمثل تصعيدا خطيرا في موقف إيران المناوئ لوحدة الأرض الفلسطينية المحتلة ولدور السلطة في رعاية مصالح أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، بتكليف من منظمة التحرير».

وقال فياض «من المؤسف أن هذا الموقف المعادي من قبل النظام الإيراني أتى مستفيدا مما بدر من البعض، وخاصة في الآونة الأخيرة، في اتجاه التعامل مع حماس وكأنها عنوان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتحت مسمى الحرص على الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف الفلسطينية، وكأن السلطة الوطنية الفلسطينية طرف من أطراف متعددة وليست بيتا لجميع الفلسطينيين بكل انتماءاتهم وفصائلهم في الضفة والقطاع».

ووصف فياض استجابة هنية لهذه الدعوة الإيرانية المغرضة، إن حصلت، بـ«طعنة في خاصرة المشروع الوطني الفلسطيني، ولن تعود لذلك إلا بالضرر الفادح على سعي شعبنا لنيل حريته واستقلاله في كنف دولة مستقلة على كامل أرضه المحتلة منذ عام 1967، وتحصيل كل حقوقه وفق ما تقتضيه الشرعية الدولية، التي يعتبر دور السلطة الوطنية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية، مكونا أساسيا لها».

وأضاف فياض «من هذا المنطلق، أناشد الأخ إسماعيل هنية أن يغلب فلسطينيته ووطنيته على أي اعتبارات أخرى، وأعتبر أن مبادرته لرفض دعوة الرئيس الإيراني ستسجل له كموقف تاريخي يضعه في موقف القائد المسؤول والغيور على المصالح العليا لشعبنا». وأردف، «كلي أمل في أن يستجيب الأخ إسماعيل هنية لهذه المناشدة بوحي من ضميره ووطنيته، وفي أن يجعل من هذا الموقف علامة فارقة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الأفضل، إن شاء الله».

غير أن هنية رد مباشرة وفورا على مناشدة فياض بتأكيد حضوره. وقال محمد عوض نائب هنية إنه سيحضر القمة، مبديا رغبته في مع السلطة الفلسطينية من أجل تمثيل موحد لفلسطين في مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران. وأضاف «إن التمثيل الفلسطيني يجب أن يطال كل أجزاء الوطن، وألا يكون جزء من الوطن حاضرا دون الآخر، وبالذات بعد الاتفاق على خطوات باتجاه المصالحة».

واستهجن عوض رفض الرئاسة في رام الله للدعوة التي وجهتها طهران لحكومة غزة لحضور المؤتمر، وقال: «على رام الله أن تنظر إلى هذه الخطوة على أنها تجميعية بأن يكون الكل الفلسطيني حاضرا في المؤتمر». وتابع «الكل يدرك أن الواقع الفلسطيني فيه انقسام وفيه أكثر من رؤية سياسية في الساحة فتجميع هذه الرؤى السياسية بورقة عمل واحدة هو ما يخدم الهدف الفلسطيني وليس أن نبدأ بالهجوم على بعضنا البعض فهذا لا يخدم الهدف والمصلحة الفلسطينية».

ورد المجدلاني على عوض «ليس كل من يعمل انقلابا عليه أن يعتبر نفسه جزءا من التمثيل». وأضاف «أنا أعتقد أنه إذا أصرت حركة حماس على الحضور، فإنها تكون قد أنهت كل الجهود لرأب الصدع وفتحت صفحة جديدة في الانقسام».