معارضو «الإخوان» يفتقرون للتنظيم والقدرة على الحشد

مبادرات فردية واختلافات آيديولوجية أهم أسبابه

TT

بعد أسابيع من التحذير ومن توقع حدوث مصادمات وانفلات وحرق لمقراتها، بدا خلال يومي المظاهرات المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي، يومي أمس وأول من أمس، أن معارضي الجماعة التي حازت خلال أقل من عامين على رئاسة مصر وأغلبية البرلمان، يفتقرون للتنظيم والقدرة على الحشد لأسباب أرجعها البعض للمبادرات الفردية التي خرجت بها الدعوات للتظاهر إضافة للاختلافات الآيديولوجية بين منظمي تلك الاحتجاجات ما بين بقايا للنظام السابق وبعض اليساريين والليبراليين.

ولم تشارك كثير من الأحزاب والتيارات السياسية في مظاهرات اليومين الماضيين. وقال قياديون لأحزاب ممن خرجوا يومي الجمعة والسبت للاحتجاج أمام القصر الجمهوري وشارع المنصة وفي ميدان التحرير وميادين أخرى، إن مؤيدين للإخوان والرئيس محمد مرسي المنتمي للجماعة، قاموا بإرهاب المتظاهرين، لكن حسين إبراهيم زعيم الأغلبية في مجلس الشعب المحلول، عن حزب الحرية والعدالة الإخواني، رد قائلا إن مثل هذه الاتهامات ما هي إلا «اتهامات رخيصة لا تستحق التعليق عليها، ونحن نتركها للشعب المصري الذي كان شاهدا على مسار الشارع».

ودعا النائب السابق عن حزب المصريين الأحرار، محمد أبو حامد، والإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة، لمظاهرات يومي الأحد والسبت الماضيين. كما دعا إليها حزب التجمع اليساري وعدة ائتلافات اشتراكية وشيوعية صغيرة، بينما أعلنت أحزاب وائتلافات وحركات أخرى، منها حركة شباب 6 أبريل رفضها المشاركة في المظاهرات باعتبار أن الرئيس مرسي لم يمض الوقت الكافي لمحاسبته أو التظاهر ضده. وتولى مرسي الحكم منذ أقل من ستين يوما.

وفي أعقاب المظاهرات الأخيرة أصدر حزب التجمع بيانا أدان فيه «الاعتداء على إحدى المسيرات التابعة له يوم الجمعة، أثناء ذهابها إلى ميدان التحرير». وحمل الحزب كلا من الرئيس مرسي ووزير الداخلية، مسؤولية هجوم عناصر ترفع شعارات الإخوان على مظاهرة الحزب في شارع طلعت حرب قرب ميدان التحرير. كما ندد متظاهرون مناوئون للإخوان بممارسات قمعية من مجموعات ملثمين وبلطجية في القاهرة والإسكندرية وغيرها.

ونفى حسين إبراهيم اتهامات المعارضة، قائلا إنها أقل من أن يتم الرد عليها، وتابع موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن الشعب المصري «بالأمس وكل يوم يؤكد أنه أكثر وعيا وأكثر حرصا على الديمقراطية وأكثر حرصا على احترام نتائج الديمقراطية من كثير من المحسوبين على النخب السياسية، وهذا ظهر جليا في الدعوة للمظاهرات أمس»، مشيرا إلى أن «من يدعو للتظاهر هو ضد الإرادة الشعبية التي أتت بالدكتور مرسي رئيسا للجمهورية».

وقال حسين إبراهيم إنه «توجد أحزاب وقوى سياسية محترمة واحترمت الديمقراطية أمس (ولم تشارك في المظاهرات) رغم خلافها مع الإخوان، لكن لا ننسى أن هناك أحزابا كرتونية من أيام النظام المخلوع وهي موجودة حتى الآن وهي معروفة جيدا»، مشيرا إلى أن بعض هذه الأحزاب شاركت في مظاهرات أمس، وقلل من شأنها لأن «الشارع لم يلتف حولها».

وكانت جماعة الإخوان حذرت مبكرا من أن هناك من يسعى لحرق مقراتها ومقرات حزبها في يومي التظاهر (24 و25 الشهر الحالي)، واتهم قياديون فيها الداعين للمظاهرات بأنهم فلول (في إشارة لعلاقتهم برموز النظام السابق والحزب الوطني المنحل) يسعون للتخريب وزعزعة الاستقرار. ولاحظ العديد من المراقبين أن المظاهرات لم يكن لها موقع محدد، ولم تكن منظمة بالطريقة المثلى.

ففي القاهرة اتجه بضعة مئات لميدان التحرير وسط المدينة واشتبكوا مع موالين للإخوان، بينما كان مئات آخرون يجمعون أنفسهم عند ساحة المنصة شرق العاصمة، في وقت زحف فيه عدة مئات ناحية القصر الجمهوري. واتسمت بعض تحركات المتظاهرين بالعشوائية. وأعطى هذا المشهد المضطرب في شوارع عدة مدن الحجة لأنصار الإخوان للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من مظاهرات المناوئين لهم، التي لا تقارن بالحشود الضخمة التي أسقطت حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

لكن باسم عادل النائب في البرلمان المحلول عن حزب المصريين الأحرار سابقا، ووكيل مؤسسي حزب النيل حاليا، قال إن المظاهرات الأخيرة «ليس فيها خاسر ولا مهزوم»، وأضاف أن مظاهرات اليومين الماضيين تعتبر مع ذلك «جرس إنذار للإخوان.. المظاهرات قد تكون بؤرا صغيرة لكنها مؤهلة جدا لأن تكبر مع الوقت لو استمر السير على نفس الخطوات وعلى نفس الطريق دون اعتبار لبقية التيارات السياسية». وعن تقليل بعض قيادات الإخوان من شأن المظاهرات الأخيرة، قال عادل إن «هذا ليس تفكيرا سياسيا بل تفكير علوي.. ونظام مبارك كان أيضا يقلل من شأن كل الوقفات الاحتجاجية والبؤر التصادمية الصغيرة ومتخيل أنه على الطريق الصحيح، لكن في النهاية احتدم الأمر ونزل الناس من البيوت وقامت الثورة في 25 يناير (كانون الثاني) 2011».

وتابع عادل قائلا فيما يتعلق بتحليلات ترى أن معارضي الإخوان أظهروا افتقارهم للتنظيم والقدرة على الحشد، بقوله إن الدعوة للتظاهر يومي أمس وأول من أمس «خالفها التوفيق في الوقت والظرف، ولم تكن هناك قضية واضحة في أذهان الناس ولم يكن هناك هدف واضح». وأضاف أن هذا يدعونا للبحث عن الجسم السياسي الذي يمكن أن يكون عمادا لأي تعبير سياسي مستقبلا.

وقال باسم عادل إن فكرة إسقاط رئيس منتخب بعد وقت قصير من توليه السلطة لم تلق قبولا عند الرجل العادي، مضيفا أن عملية الترتيب للمظاهرات في توقيت بعد العيد وبعد الإجازات لم تكن موفقة.