الإفراج عن أحد المخطوفين اللبنانيين الـ11 في حلب يبعث أملا جديدا بإطلاق سراح الآخرين

أهالي المخطوفين وصفوا المبادرة بـ«الإيجابية».. وخاطفون لبنانيون يفرجون عن 10 سوريين كـ«بادرة حسن نية»

الرهينة اللبناني حسين عمر لدى وصوله إلى مطار بيروت أمس مرتديا ربطة عنق بألوان العلم التركي (رويترز)
TT

لا يشبه المشهد في مركز حملة بدر الكبرى في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية، مثيله في مركز حملة الإمام الصدر في حي السلم. ففي الأخيرة، حراك متواصل لأهالي المخطوفين الذين كانوا يتحضرون مساء لاستقبال المخطوف اللبناني حسين عمر الذي أفرج عنه أمس، حين تصل الطائرة التركية الخاصة التي تقله إلى لبنان.

لكن المشترك بين المكانين، انبعاث أمل جديد بالإفراج عن اللبنانيين العشرة الآخرين الذين ما زالوا محتجزين في سوريا. وقد استقبل أهالي المخطوفين خبر الإفراج عن حسين عمر بكثير من الأمل، وأجمع هؤلاء في حديث مع «الشرق الأوسط» على أن هذه الخطوة «مبادرة إيجابية في التعاطي مع هذا الملف»، مثمنين دور القيادة التركية وجهود وزير الداخلية اللبنانية مروان شربل ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم «الذي يبدو أنه يتعاطى مع الملف بطريقة جدية، وحركه من سباته»، كما قال أحدهم لـ«الشرق الأوسط».

وأفرج خاطفو الرهائن اللبنانيين الـ11 في سوريا صباح أمس عن المخطوف حسين علي عمر الذي زاره نجله قبل شهر في مقر اعتقاله في إعزاز، وذلك كبادرة حسن نية من قبلهم واستجابة لنداء هيئة العلماء المسلمين في لبنان.

وجاء في بيان أصدره الخاطفون أن «هذه الخطوة لا تلغي ما جاء في بيانهم الأول لجهة مطالبة حزب الله بتحديد موقفه من الشعب السوري والثورة السورية على أن يحدد مصير باقي المختطفين بعد إيصال رسائل إلى كل دول جوار سوريا والدول العربية والإسلامية، لتعريفهم بحقيقة الثورة السورية في الداخل»، على حد ما جاء في البيان.

وأبلغ وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه تم إطلاق سراح المخطوف اللبناني في سوريا حسين عمر وأنه سينقل لبيروت بطائرة تركية خاصة. كما أبلغ رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بالإفراج عن حسين علي عمر ووصوله إلى تركيا تمهيدا لعودته إلى لبنان. وشكر ميقاتي للوزير أوغلو جهوده وتمنى مواصلة السلطات التركية مساعيها لإطلاق جميع اللبنانيين المخطوفين في سوريا بأسرع وقت وإقفال هذا الملف نهائيا.

وبثت المحطات التلفزيونية أمس صورا للمفرج عنه حسين عمر يعبر الحدود السورية باتجاه الأراضي التركية. وفور وصوله، أكد عمر في حديث إلى قناة «الجزيرة» أن المختطفين اللبنانيين يلقون معاملة حسنة. وقال عمر إنه يشكر ثوار سوريا «على المعاملة الطيبة»، وأضاف: «طيلة 95 يوما كنا ضيوفا لا مخطوفين، وقد أكرمنا الخاطفون أكثر مما أكرموا أنفسهم وكانوا يؤمنون الأدوية لأربعة من زملائنا المرضى قبل تأمين الطعام للثوار، لقد كنا مسرحين في المعسكر ولم نكن محتجزين».

ونفى عمر أن يكون بين الخاطفين مقاتلون أجانب، وقال «كلهم سوريون من منطقة إعزاز يطالبون بالحرية والكرامة، وقد كانوا يخرجوننا إلى أماكن آمنة عند حدوث قصف في المنطقة من قبل طيران النظام السوري، ونطلب من الشعب اللبناني والشعوب العربية دعم الشعب السوري المظلوم».

بدوره، اعتبر علي عمر، نجل المخطوف المفرج عنه أن الإفراج عن والده «هو مبادرة حسن نية»، مشيرا إلى أنه اتصل بالقائد الميداني في منطقة إعزاز أحمد غزالة شاكرا له هذه المبادرة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قلت له إنه أكرمنا في المساهمة في الإفراج عن والدي، ووعدته بزيارة قريبة إلى إعزاز»، متمنيا الإفراج عن المخطوفين الآخرين قريبا.

من جهته، أكد غزالة، في حديث تلفزيوني، أن إطلاق سراح المخطوف اللبناني حسين علي عمر جاء استجابة لنداء «العلماء المسلمين» ولتأكيد حسن النوايا.

وحول وعد «العلماء المسلمين» بإطلاق سراح مخطوفين اثنين قال غزالة: «هذا الوعد لم يتم على الشكل الرسمي وقلنا إننا سنقوم بإجراءات لإطلاق سراح اللبنانيين»، مشيرا إلى أن «البقية يتم إطلاق سراحهم بعد إرسال رسالة لكل شعوب المنطقة».

وبدوره، أشاد عضو هيئة علماء المسلمين في لبنان الشيخ سالم الرافعي بالخاطفين واستجابتهم لنداء الهيئة بإطلاق حسين علي عمر، مشيرا إلى أن الخاطفين وعدوا بإطلاق جميع المخطوفين بناء على مناشدة الهيئة لهم.

من جهة ثانية، قالت مصادر من أهالي المخطوفين لـ«الشرق الأوسط» إن هيئة العلماء المسلمين في لبنان «وعدت علي عمر، حين حصل لقاء بين الطرفين قبل شهرين، ببذل الجهود لإطلاق سراح والده وباقي المخطوفين اللبنانيين»، نافية أن يكون إطلاق سراح عمر دون المخطوفين الآخرين «تحقق بسبب مشكلة صحية»، مشددة على أن «جميع المخطوفين بخير، على الرغم من أن معظمهم كان يشكو عوارض صحية مزمنة لا علاقة لها بحادثة الخطف».

ومن مركز حملة بدر الكبرى، أكد سعيد صالح، نجل المخطوف جميل صالح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «ما جرى اليوم (أمس) زاد من تفاؤلنا بأن القضية ستنتهي إلى خاتمة سعيدة»، معتبرا أن «الدولة اللبنانية باتت تتعاطى مع الملف بطريقة جدية، وهو ما أدى إلى إطلاق سراح عمر». وتمنى على المسؤولين الأتراك «المساهمة في إطلاق سراح المخطوفين الآخرين وإقفال هذا الملف».

لكن الإشارات الإيجابية حول هذا الملف لم تلغِ اعتقادا ساد في أوساط أهالي المخطوفين وسائر المحيطين بهم في الضاحية الجنوبية، بأن «عملية اختطاف المواطن التركي من قبل عشيرة آل المقداد، حركت الملف بشكل كبير، ودفعت المسؤولين اللبنانيين والأتراك للتحرك لإنهاء هذه القضية».

في المقابل، عبر اللبنانيون عن بادرة حسن نية أيضا تجاه الخاطفين السوريين، حين أعلنت «سرايا المختار الثقفي» الإفراج عن 4 سوريين لديها كبادرة حسن نية. وأفادت قناة «الجديد» بأن السرايا «أبقت على ثلاثة منهم». كما أعلن أمين سر آل المقداد ماهر المقداد أن العائلة أفرجت عن 6 سوريين غير متورطين بأعمال مع الجيش السوري الحر، وأبقت على 4 آخرين ثبت تورطهم بالإضافة إلى المخطوف التركي. وأكد المقداد في حديث لموقع «النشرة» الإلكتروني أن العائلة «وضعت المختطفين لديها بتصرف الدولة اللبنانية واللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف المخطوفين اللبنانيين». وشدد على أن العائلة «تحت سقف الدولة خصوصا أنها لمست عملا جديا من قبلها في ملف المخطوفين وسيتم التعاون معها إلى النهاية».

من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية مروان شربل أن «مجمل الاتصالات واللقاءات التي قمنا بها في تركيا كان لها إيجابيات وهذا أول الغيث وإن شاء الله يلحقه الآخرون».

وقال شربل في حديث تلفزيوني: «عندما اجتمعنا مع الأتراك لم يطلبوا شيئا مقابل الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في سوريا»، مشددا على أنه «لن يبقى أي مخطوف سوري أو تركي في لبنان وأي مخطوف لبناني في سوريا وهذا يشمل حسان المقداد».