إيران تفتتح قمة عدم الانحياز.. وأجندتها رفع العقوبات وحل الأزمة السورية «سياسيا»

الحلقي والمعلم سيمثلان دمشق.. والقاهرة تدافع عن مقترحها باعتبار طهران «جزءا من الحل»

دبلوماسيون مشاركون في قمة دول عدم الانحياز يستمعون للنشيد الوطني الإيراني بينما تعرض شاشة كبيرة صورة مؤسس الجمهورية الاسلامية الراحل آية الله الخميني (إ.ب.أ)
TT

افتتحت إيران، أمس، الاجتماعات التحضيرية لقمة عدم الانحياز، وذلك بعد ترحيبها بوفود 120 دولة نامية تشارك في القمة التي بدأت أمس باجتماع الخبراء. وحسب تصريحات لمسؤولين إيرانيين، فإن طهران ستسعى إلى تحقيق هدفين خلال تلك القمة؛ الأول إقناع الدول المشاركة بضرورة العمل على رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، والثاني العمل على حل الأزمة السورية «سلميا وسياسيا» من خلال «مشروع شامل» ستطرحه إيران على طاولة مباحثات القمة.

ودعا وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أمس خلال افتتاح الأعمال التحضيرية للقمة، التي ضمت خبراء من نحو 100 دولة ستشارك فيها إلى التصدي للعقوبات الدولية التي فرضت على بلاده بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، قائلا إن كثيرا من أعضاء الحركة يؤيدون هذا البرنامج.

وقال صالحي إن «حركة عدم الانحياز يجب أن تتصدى بجدية للعقوبات الأحادية الجانب التي فرضها بعض الدول ضد بعض أعضائها».

ولفت إلى أن حركة عدم الانحياز «دانت هذه الإجراءات حتى الآن»، وأضاف «نستغل هذه الفرصة لشكر حركة عدم الانحياز على دعمها حقوق إيران المشروعة» في الأنشطة النووية.

وتخضع إيران منذ 2006 لعقوبات دولية تم تشديدها في الآونة الأخيرة عبر فرض حظر مالي ونفطي غربي مشدد، بسبب برنامجها النووي الذي تشتبه الدول الغربية في أن له أهدافا عسكرية، على الرغم من نفي طهران المتكرر لذلك.

وإيران التي تتسلم الرئاسة الدورية لحركة عدم الانحياز ومدتها ثلاث سنوات من مصر، تقول إن استضافتها القمة تثبت أنها ليست معزولة دوليا، كما تريد الولايات المتحدة، الترويج لذلك.

وتريد طهران بشكل خاص أن تساندها قمة حركة عدم الانحياز في مواجهتها مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بسبب أنشطتها النووية.

وأكد صالحي مجددا أن أنشطة إيران النووية «سلمية»، وقال: «نحن لا نطالب إلا بحقوقنا المشروعة. نرغب في حل عادل (للملف النووي الإيراني) وليس حلولا منحازة تعتمد سياسة الكيل بمكيالين من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئات أخرى من الأمم المتحدة».

وقال إن إيران تسعى للحصول على دعم حركة الانحياز من أجل الحفاظ على «حقوقها هذه»، على الرغم من المطالب المتكررة من مجلس الأمن الدولي بوقف هذه الأنشطة. لكن حركة عدم الانحياز، التي تمثل نحو ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، تضم دولا ذات مصالح سياسية وأهداف متنوعة. ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت ستوقع بالإجماع وثيقة تدعم إيران في مواجهتها مع مجلس الأمن الدولي، أم لا.

من جانب آخر، عبر الوزير الإيراني أيضا عن رغبته في أن تتخذ القمة «إجراءات فعالة» ضد أعمال الإرهاب «التي تقوم بها حكومات بدعم من قوى غربية»، مشيرا بشكل خاص إلى اغتيال عدة علماء نوويين إيرانيين منذ 2010.

واتهمت طهران أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية بأنها تقف وراء هذه الاعتداءات، التي تهدف إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني. ولدعم موقفها، قامت السلطات الإيرانية أمس بعرض هياكل سيارات دمرت من جراء القنابل التي أدت إلى مقتل بعض هؤلاء العلماء، عند مدخل مركز المؤتمرات حيث يجتمع الخبراء.

ومن المرجح أن تهيمن الأزمة السورية على محادثات قمة دول عدم الانحياز، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، أمس، إنه من المتوقع أن تتشاور إيران مع الدول على هامش القمة بشأن «حزمة شاملة» لحل الأزمة السورية. وقال للصحافيين إن «الدول الأعضاء في الحركة يعارضون أي تدخل أجنبي والأنشطة الإرهابية في سوريا، ولذلك سوف يتم عرض مقترح جديد على هامش القمة، وسوف تعمل الدول على تقييمه». ولم يقدم مهمانبرست تفاصيل بشأن المقترح الخاص بسوريا، التي سيمثلها في القمة رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ووزير الخارجية وليد المعلم، ولكنه قال إن الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز «تريد أن تستمتع لوجهات نظر الشعب السوري، وترى خطة شاملة لتسوية الأزمة»، وأضاف: «إن شعب سوريا هو الذي يجب أن يقرر مصيره السياسي، وليس الدول الأجنبية». وأشار إلى أنه سيتم أيضا في قمة طهران بحث مسألة تشكيل مجموعة اتصال لسوريا. وكان صالحي قد أعلن في وقت سابق أن لدى بلاده «مشروعا شاملا» لحل الأزمة السورية، متوقعا أن يلقى قبولا من جميع الأطراف المعنية.

وكشق علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني أمس، عن أن بلاده تعمل على «تشكيل مجموعة اتصال» دولية توجد فيها بشكل أساسي الدول التي شاركت في اجتماع طهران حول سوريا مؤخرا، على أن يعقب ذلك «توفير الأرضية لإجراء الحوار وإجراء هدنة لإيقاف إطلاق النار لتوفير أرضية للحوار الشامل». وشدد بروجردي أثناء وجوده في دمشق على استعداد بلاده «لتوفير الأرضية لإجراء المباحثات مع المعارضة بمشاركة الحكومة السورية»، معربا عن اعتقاده أن «الحل الوحيد للأزمة يكمن في الحل السياسي»، مؤكدا أن «المبادرة المصرية» ومبادرة بلاده «ليستا شيئا واحد»، موضحا أن اقتراح الرئيس المصري محمد مرسي خلال اجتماع دول منظمة التعاون الإسلامي يقوم على مشاركة أربع دول هي إيران ومصر وتركيا والسعودية، في مباحثات بخصوص التطورات الراهنة في سوريا.. ولفت بروجردي إلى أن «أي خطوة بهذا الخصوص يجب أن تكون بالتشاور مع الحكومة السورية».

وأردف بروجردي أن «سوريا بلد مستقل عربي إسلامي ونعارض بصورة كاملة القرارات المتخذة ضد هذا البلد في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي»، مضيفا أن «احتمال الهجوم العسكري انخفض بصورة كبيرة بعد إجراءات روسيا والصين عبر الفيتو وإرسال قوات بحرية للمنطقة»، واستبعد «أي مقامرة من الجانب الإسرائيلي».

ورأى المسؤول الإيراني أن وجود القطع البحرية العسكرية الروسية والصينية في البحر المتوسط «خير دليل على جديتهم في الدفاع عن سوريا»، معتبرا أن السبب الرئيسي لما تشهده سوريا هو «فقدان أميركا وإسرائيل قاعدتهم الرئيسية في الشرق الأوسط، وهي مصر» بعد إسقاط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وسعت إيران أمس إلى التضخيم من حجم قمة عدم الانحياز وأهميتها بالنسبة لإيران، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن 27 من رؤساء الجمهورية وملكين و7 رؤساء وزارة و9 مساعدين لرؤساء الجمهورية ورئيسي برلمان و23 وزير خارجية سيمثلون بلادهم في المؤتمر. وستعطي مشاركة لاعبين كبار، بينهم بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيصل إلى طهران الأربعاء، والرئيس المصري محمد مرسي، ثقلا دبلوماسيا للقمة. وأعربت إيران عن أملها في أن تؤدي زيارة مرسي للبلاد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع مصر. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: «نحن واثقون تماما من أن وجود الرئيس المصري في إيران سوف يؤدي لتوسيع نطاق العلاقات الثنائية». ومن المتوقع أن يصل مرسي إلى طهران الأربعاء أيضا لحضور القمة التي ستشهد تسلم إيران الرئاسة الدورية للحركة من مصر. ويشار إلى أن إيران ومصر ليس بينهما علاقات دبلوماسية رسمية منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، بسبب توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل. وفي غضون ذلك، دافعت مصر، أمس، عن اقتراحها بتشكيل مجموعة اتصال إقليمية بشأن سوريا تضم إيران، الحليف القوي لنظام الرئيس بشار الأسد، مؤكدة أن طهران يمكن أن تكون «جزءا من الحل» للأزمة السورية. وكان الرئيس مرسي اقترح في منتصف أغسطس (آب) خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة المكرمة إنشاء مثل هذه المجموعة، على أن تضم مصر وإيران، إضافة إلى السعودية وتركيا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي للصحافيين: «لو كتب النجاح لهذه اللجنة ونحن مصرون على نجاحها، ستكون إيران جزءا من الحل، وليس من المشكلة وبالتالي نحن دعونا إيران لتكون جزءا من هذه اللجنة الرباعية». وتابع أن «المحاولات الأخرى محاولات مهمة جدا، وبالتأكيد حققت جزءا من النجاح، ولكن كان يغيب عنها طرف أو أكثر، وما تحاوله اللجنة الرباعية التي أتت بمبادرة من الرئيس جمع كل الأطراف المؤثرة في المسألة السورية».

وردا على سؤال بشان ما أثير من احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أكد أن زيارة مرسي لطهران لن تشمل أي موضوع آخر، وأنها لن تستغرق سوى «ساعات»، وستكون مخصصة فقط لقمة عدم الانحياز.

وكان وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أجرى اتصالات هاتفيه مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية ومع نظيريه التركي والإيراني، وذلك سعيا من مصر لتكثيف التشاور مع الأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة السورية. وصرح الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بأن الاتصالات التي يجريها وزير خارجية مصر قد شملت أيضا التباحث مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية لتبادل الآراء حول سبل حل الأزمة والخروج من دائرة العنف المفرغة التي تكتنف الوضع السوري.