ليبرمان يحسم موقفه إلى جانب توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران

مصدر صحافي إسرائيلي: إيران وإسرائيل متحالفتان وكل منهما يحتاج للآخر ليبقى

TT

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، عن تأييده لتوجيه ضربة عسكرية لإيران. وجاء تصريحه في وقت كشف فيه النقاب عن خلاف جديد بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والإدارة الأميركية في الموضوع الإيراني، وهذه المرة حول تفسير تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي سيطرح هذا الأسبوع بشأن تقدم المشروع الإيراني.

وقالت مصادر إسرائيلية إن نتنياهو يرى أن تقرير رئيس الوكالة الدولية، يوكيا أمانو، يؤكد أن إيران خطت خطوة أخرى كبيرة إلى الأمام في مسيرة تسلحها النووي، بينما يرى الأميركيون أن مضمون التقرير لا يؤدي إلى تغيير التقديرات الأميركية حول سبل التعامل مع إيران. وأضافوا أن سلسلة العقوبات الجديدة التي أقرت قاسية بما فيه الكفاية، والوسائل الدبلوماسية لإقناع إيران لم تستنزف بعد.

وقال نتنياهو إن إيران «قامت بتسريع الخطى نحو تطوير سلاح نووي»، مضيفا أن طهران «تتجاهل بشكل تام المطالب الغربية» لها بتقليص برنامجها النووي. وأضاف نتنياهو، خلال لقاء له مع رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأميركي مايك جروس، الذي يقوم بزيارة لإسرائيل، أن إيران تضرب بمطالب الغرب عرض الحائط وتواصل مساعيها للوصول إلى درجة 20 في المائة في تخصيب اليورانيوم، «فإذا لم نتدارك الأمر فسيصلون إلى درجة 90 في المائة ويصبح بمقدورهم تطوير قنبلة نووية».

وقد انضم إلى نتنياهو وزير خارجيته، ليبرمان، الذي قال في حديث مع القناة الثانية المستقلة للتلفزيون الإسرائيلي الليلة قبل الماضية، إنه «من المحظور السماح لإيران بتطوير السلاح النووي، مهما يكلف ذلك من ثمن». وأضاف ليبرمان، أنه يؤيد ضرب إيران منذ سنة 2001، عندما أعلن أنها تخطط لتصبح دولة نووية، ولم يغير رأيه. وهاجم ليبرمان أسلوب النقاش العلني في إسرائيل حول هذا الموضوع. وقال: «ثرثرتنا الزائدة في الموضوع أدت إلى الضرر بقوة الردع الإسرائيلية.. فقد اعتلينا شجرة عالية جدا في هذا النقاش. ووصلنا اليوم إلى وضع بات فيه عدم القيام بعمل ضد التطور النووي يكلفنا ثمنا». واعتبرت تصريحات ليبرمان دعما لموقف نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك، اللذين يقودان تيار المؤيدين لتوجيه ضربة لإيران، علما بأن أكثرية الوزراء في إسرائيل لا يزالون يعارضون.

وفي هذا السياق، خرج الحاخام عوفاديا يوسيف، الرئيس الروحي لحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، بدعوة للإسرائيليين أن يتضرعوا إلى الله بأن يحول إيران إلى خراب ويبيد حزب الله. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في موقعها على الشبكة، أمس، أن كبير الحاخامات الشرقيين في إسرائيل، يوسيف، دعا خلال درسه الديني الأسبوعي في نهاية الأسبوع، الإسرائيليين إلى الصلاة والابتهال إلى الله ليخرب إيران ويبيدها كليا، وذلك خلال صلوات وابتهالات اليهود في فترة الأعياد اليهودية مع حلول الشهر العبري «تشري».

ولفت الموقع إلى أن الحاخام عوفاديا يوسيف قد حظي في الأسبوع الماضي، بجلسة خاصة مع قادة الدولة العبرية، بمن فيهم رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال يعقوف عامي درور، الذي قام بإطلاع زعيم «شاس» الروحي، على آخر المعلومات والمستجدات المتعلقة بإيران. وكانت محافل سياسية إسرائيلية أعربت عن تقديرها أن الخطوة المذكورة كانت محاولة من رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، تجاوز معارضة زعيم «شاس» في الائتلاف الحكومي، إيلي يشاي، المعروف بمعارضته لشن هجوم إسرائيلي ضد إيران، والضغط عليه لتغيير موقفه.

من جهة ثانية، تواصل وسائل الإعلام الإسرائيلية تحريضها ضد الضربة على إيران. ونشرت صحيفة «هآرتس»، مقالا بقلم الخبير عنار شيلو، يقول فيه إن «في إيران وإسرائيل نظامين فاشلين مدينين بالبقاء لبعضهما، ولولا ذلك لسقطا منذ زمن». وجاء في المقال أيضا: «إيران محتاجة لإسرائيل إلى درجة اليأس. فلو لم تكن إسرائيل موجودة لاحتاجت إيران إلى إيجادها.. فإسرائيل هي ترياق النظام الإيراني، فهو باق بفضلها منذ سنين طويلة. إن الخطابة المعادية لإسرائيل تمكن النظام الملالي القاسي من صرف انتباه الجماهير عن مشكلاتهم الحقيقية وعن أزمتهم الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل. وعن القمع السياسي وقتل المتظاهرين، وعن عدم وجود حرية ورجم النساء. فقد كانت الكراهية دائما قوة موحدة، فلا يوجد كالعدو الخارجي المشبه بالشيطان لإسكات التوترات الداخلية».

ويتابع شيلو قائلا: «يخدم نتنياهو وباراك مصلحة خامنئي وأحمدي نجاد. وهما يتقنعان بقناع المعتدي الذي يساعد على تشبيه إسرائيل بالشيطان في إيران، ويسهل الآن أن تعرف إسرائيل بأنها ورم سرطاني في الشرق الأوسط. وسيقتنع المتشككون أيضا. وحتى لو كان الحديث عن تهديدات باطلة من قبل إسرائيل فإنها قد أفادت النظام الإيراني الذي امتاز باختيار عدو يخدمه خدمة صادقة.. والخطابة المعادية لإيران تمكن نتنياهو من الضرب على أوتار المحرقة وصرف انتباهنا عن مشكلاتنا الحقيقية.. عن الأزمة الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل، وعن الخدمات العامة المنهارة، وعن الاستثمارات الضخمة في المستوطنين والحريديين (المتدينين اليهود). وتساعد إيران إسرائيل؛ فهي تهددها، وهذه التهديدات زيت في إطارات حكومة نتنياهو المتعثرة تنقض عليها كأنها تجد غنيمة كبيرة. إن غيوم الحرب التي أنتجها باراك ونتنياهو والتي تلوث جونا على الدوام من بدء الشتاء الأخير إلى نهاية الصيف، قد نجحت في خنق الاحتجاج الاجتماعي الواسع جدا والذي كان تهديدا حقيقيا للحكومة. إن إسرائيل تستحق قيادة أخرى وستحصل على قيادة أخرى، والمسألة مسألة وقت فقط. وفي هذه الأثناء ينشغل قادة إسرائيل وإيران الفاشلون بلعبة معقدة تبدو مثل معركة شديدة بالسكاكين. لكن النظر من قريب يبين أنها ليست معركة بل هي رقصة تانغو. إنه حلف أبدي بين نظامين أكل الدهر عليهما وشرب يدينان ببقائهما بعضهما لبعض».