القوات النظامية تستخدم قاذفة «سوخوي 24» بقنابل «ثقيلة» لأول مرة في جبل الزاوية

انفجار في ساحة العباسيين في العاصمة.. ومخاوف من اقتحام «العسالي» في دمشق بعد وصول تعزيزات

أحد شوارع حي صلاح الدين بحلب بعد أسابيع من الاشتباكات والقصف (رويترز)
TT

بينما كانت أنظار العالم أمس مشدودة إلى مجزرة داريا في ريف دمشق، كانت مدن سوريا أخرى تئنّ تحت القصف الذي تعرضت له منذ صباح أمس، موقعة، في الحصيلة الأولية، أكثر من 150 قتيلا توزعوا في دمشق وريفها، حلب، درعا، وإدلب. ودخلت على خط التطورات الميدانية طائرات (قاذفات) سوخوي 24، التي قالت مصادر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إنها تم استخدامها لأول مرة لقصف قرية مليار في جبل الزاوية في إدلب.

وأعلنت لجان التنسيق المحلية أن الحصيلة الأولية للقتلى الذين سقطوا أمس، تخطت 150 قتيلا بينهم نساء وأطفال وجثث مجهولة الهوية، مشيرة إلى سقوط «سبعة وأربعين شهيدا في دمشق وريفها بينهم عائلة كاملة».

واخترق هذا المشهد وقوع انفجار في ساحة العباسيين في دمشق، لم تعطَ تفاصيل إضافية عنه، وقال ناشطون إن قوات النظام «عمدت إلى إغلاق الطرقات المؤدية إلى الساحة بعد دوي الانفجار». هذا، وتعرضت مناطق عدة في دمشق إلى قصف، كما شهدت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر، وفق ما أعلن ناشطون.

من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بوصول تعزيزات عسكرية ضخمة إلى حي العسالي في العاصمة، «تتألف من جنود وعشرات الدبابات والمدرعات بالقرب من محطة القدم للقطارات وتخوف الأهالي من اقتحام الحي». من ناحية ثانية، قال اتحاد التنسيقيات إن اشتباكات عنيفة ودوي انفجارات سمعت في كفر سوسة بالعاصمة. وقال ناشط من دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن القوات النظامية «تحشد عناصر بالمئات تحضيرا لاقتحام الأحياء، بعد قصفها»، مشيرا إلى أن التعزيزات «تشمل مدافع وجنود مشاة بالإضافة إلى شبيحة وعناصر أمنية تنتظر الأمر بالدخول إلى الأحياء بعد قصفها».

وفي ريف دمشق، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن منطقة زملكا «تعرضت لإطلاق نار كثيف من رشاشات الطيران المروحي التي تحلق في سماء المدينة». إلى ذلك، تحدثت الهيئة العامة للثورة عن تجدد القصف المدفعي على مدينة المعضمية بريف دمشق.

أما مدينة حلب، فشهدت أمس معارك عنيفة بين القوات النظامية وعناصر الجيش الحر، بعد قصف بدأ منذ الفجر على أحياء عدة بينها سيف الدولة والزبدية والإذاعة وسليمان الحلبي والهلك وهنانو وباب الحديد. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تعرض تلك الأحياء للقصف من القوات النظامية، بينما حاولت هذه القوات اقتحام حي حلب الجديد وسط اشتباكات عنيفة مع مقاتلين معارضين شملت أحياء ميسلون والحميدية وسيف الدولة والعرقوب تخللها إعطاب دبابة للقوات النظامية.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن شوارع حلب «شهدت السبت معارك عنيفة بينما وقف مواطنون في صفوف طويلة أمام المخابز مع تفاقم أزمة التموين». وذكرت أنه في حي قاضي عسكر بوسط المدينة اندلعت مشادة بين نحو 20 شخصا كانوا ينتظرون أمام فرن بعدما حاول أحدهم تجاوز الصف، لافتة إلى أنه في أحياء عدة مثل الصخور والشعار والصالحين، بدا أن الجيش السوري الحر يسيطر على الوضع عبر إقامة عدد من الحواجز.

وأفاد ناشطون عن تعرض أحياء عدة في مدينة حلب لقصف عنيف بالمدفعية والطيران الحربي، لا سيما أحياء السكري وسيف الدولة وهنانو. كما دارت اشتباكات عنيفة قرب مطار حلب الدولي بين الجيش الحر وقوات النظام.

من جهته، قال مصدر قيادي في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «حي سيف الدولة ما زال يشهد اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر، على الرغم من إعلان النظام سيطرته على المنطقة»، مشيرا إلى أن «عناصرنا تسيطر على معظم الأحياء التي توجد فيها، ما يمنع القوات النظامية من اقتحامها، فتلجأ إلى القصف من مواقع بعيدة». وأضاف: «هم (الجيش النظامي) يعرفون أن القصف لا يحقق أي مكسب، ومع ذلك يقصفون الأحياء بهدف ترويع الناس وقتل الأبرياء الذين يحمون العناصر المعارضة». وأضاف: «قصف النظام لا يستهدف الجيش الحر؛ لأن عناصرنا مدربة على كيفية الاحتماء من القصف، عبر الدخول إلى الكهوف والحفر، وتبتعد عن الأحياء السكنية والمنازل حين يبدأ القصف، لذلك لا تتأثر عناصرنا، بينما يذهب الأبرياء من نساء وأطفال ضحايا للقصف».

في سياق متصل، أعلن المجلس الوطني السوري في بيان أن قوات النظام السوري قصفت قناة رئيسية للتزود بمياه الشرب في حي صلاح الدين بمدينة حلب، مما أدى إلى انقطاع المياه عن عدد من «الأحياء المحررة».

وفي إدلب، قال ناشطون إن منطقة جبل الزاوية تعرضت لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة والطيران الحرب. وبينما قالت شبكة شام إن الجيش النظامي قصف بطائرات «ميغ 23» قرية مليار بجبل الزاوية في إدلب، مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، أكد مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» أن القرية «قصفت بقاذفة (سوخوي 24)، وهي طائرة تستخدم لأول مرة في المعارك»، مشددا على أن القنابل التي سقطت على القرية «تبلغ زنتها 500 كيلو غرام». وقال المصدر إن «عجز القوات النظامية عن الوصول إلى المنطقة، يدفعها لاستخدام الطيران الحربي في قصفها»، مشيرا إلى أن «أحياء أخرى من إدلب البلد، وبعض القرى المحيطة فيها، تقصف بالمدفعية الثقيلة». وأشار إلى تعرض منطقة تل صفرا في جبل الزاوية إلى قصف جوي، أدى إلى سقوط 13 قتيلا في منزلين متلاصقين انهارا على الساكنين فيهما.

من جهة أخرى، أفاد ناشطون عن تعرض بلدات معرزاف وسرجة وكفر لاته في إدلب لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى إلى سقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل. كما استمرت الاشتباكات في مدينة أريحا التي شهدت مقتل خمسة من عناصر القوات النظامية على الأقل.

من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية عن تواصل القصف على مدينة أريحا منذ عدة أيام، بينما تفرض قوات النظام حصارا خانقا أدى إلى تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية، ومنع الأهالي من النزوح.

بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن كلا من سراقب وأبلين وسرمين وأريحا تعرضت لقصف عنيف من القوات النظامية، بالإضافة إلى اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في مدينة إدلب.

وفي اللاذقية، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والكتائب الثائرة في قرية ربيعة بريف اللاذقية رافقها قصف واستخدام للأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتعرض ثلاث بلدات هي عربين والضمير ويبرود للقصف من قبل القوات النظامية. وفي درعا، أفاد المرصد بتعرض حي درعا البلد بمدينة درعا للقصف، بينما قامت القوات النظامية بحملة دهم واعتقالات في بلدة كفر ناسج بريف درعا ودارت اشتباكات في بلدة نوى.

من جهتها، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن عددا كبيرا من القتلى سقطوا في بصرى الشام في درعا، عرف منهم عشرة أشخاص وعدد كبير من الجرحى جراء القصف العنيف بالطيران الحربي على المدينة.

وفي حماه أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى اشتباكات في بلدة صوران بحماه رافقها انقطاع في الاتصالات. أما في حمص، فتعرضت مدينة تلبيسة لقصف من قبل القوات النظامية.

وشرقا في دير الزور، أفاد المرصد بوقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في محيط كتيبة الدفاع الجوي في مدينة البوكمال. هذا وتحدث مراسل شبكة «شام» الإخبارية في دير الزور أبو عمر الديري في حديث إذاعي عن الظروف الإنسانية هناك وقال، «الوضع الإنساني يعتبر سيئا للغاية فالمدينة تشهد حصارا منذ ما يزيد على 66 يوما، الأهالي يعانون نقصا شديدا في تأمين المواد الغذائية وكذلك المواد الطبية، وبالنسبة للكهرباء هي دائما في انقطاع مستمر بسبب قصف أعمدة الكهرباء وأيضا شبكات المياه هي الأخرى لم تسلم من قصف عصابات الأسد».

في المقابل، ذكرت وكالة الأنبار الرسمية السورية أن «قواتنا المسلحة واصلت ملاحقة الإرهابيين واشتبكت معهم في باب الحديد بحلب وأوقعت قتلى وجرحى في صفوفهم، كما دمرت وحدة من قواتنا المسلحة تجمعا للإرهابيين قرب ساحة التنانير على أطراف منطقة الجديدة بحلب». وتابعت وكالة «سانا»: «اشتبكت وحدة من قواتنا المسلحة مع إرهابيين بالقرب من المركز الثقافي في مساكن هنانو وقضت على العدد الأكبر منهم. وقضت وحدات من قواتنا المسلحة على عدد من القناصين كانوا يتمركزون على أسطح الأبنية في محلة سيد علي المطلة على منطقة العزيزية والسليمانية بحلب وتوقع قتلى وجرحى في صفوف تجمع للإرهابيين قرب المدرسة الصناعية بمنطقة الصالحين».

وأضافت «سانا»: «وفي حمص لاحقت وحدة من قواتنا المسلحة الباسلة الليلة الماضية مجموعة إرهابية مسلحة كانت تقوم بالاعتداء على المواطنين وقوات حفظ النظام بالقرب من دوار العوجا في بلدة الحصن بريف المحافظة وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح».

ونقل مراسل الوكالة عن مصدر بالمحافظة قوله إن «الجهات المختصة في مدينة تلكلخ تصدت الليلة الماضية لمحاولة مجموعات إرهابية مسلحة الاعتداء على قوات حفظ النظام وكبدتها خسائر فادحة».

وجاءت هذه التطورات بعد يوم من مغادرة رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال بابكر غاي دمشق مع انتهاء مهمة البعثة التي يترأسها بقرار من مجلس الأمن الدولي، وذلك غداة إعلان المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إن حجم مهمته «مخيف».