استنكار كردي لتصريحات قيادي شيعي هدد الأكراد بـ«المهدي المنتظر»

جلال الدين الصغير زاد الطين بلة عندما تراجع وقال إنه «قصد أكراد سوريا»

TT

تتوالى ردود الأفعال من كثير من المصادر الكردية حول التصريحات التي صدرت عن القيادي الشيعي العراقي الشيخ جلال الدين الصغير خطيب جامع براثا ببغداد والتي وصف فيها «الأكراد» بأنهم مارقون عن الدين، وأن الإمام المهدي المنتظر سوف يذبحهم عند ظهوره، وأثارت تلك التصريحات ضجة كبيرة في الأوساط الكردية والعربية العراقية أيضا، ما دفع الصغير إلى التراجع عن تلك التصريحات التي أطلقها في إحدى خطب الجمعة الأسبوع الفائت في رسالة بعثها إلى موقع «خندان» الكردي مشيرا إلى «أنه جرى تفسير خطبته بشكل غير صحيح» مؤكدا بأنه لم يقصد أكراد العراق بل إنه قصد أكراد سوريا، وهذا ما أثار بدوره حفيظة القيادات الكردية السورية التي أجمعت على إدانة تلك التصريحات وتحولها صوب أكراد سوريا لغايات طائفية.

وقال القيادي في حزب اليسار الكردي السوري المعارض شلال كدو في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إن «تصريحات الصغير عن الكرد وتأكيده بمحاربة المهدي المنتظر لهم أثار حفيظة الكرد عامة لا سيما أبناء إقليم كردستان العراق، حينما قال بأن (الكرد مارقون وسيستأصلهم الإمام المهدي حين ظهوره)، ولكن ما يبعث على الاستغراب أكثر هو قول الشيخ وإيضاحه الأخير، بأنه قصد في خطبته (أكراد سوريا) دون غيرهم بأنهم (مارقون) وأن الإمام المهدي سيحاربهم حين ظهوره». وأضاف كدو: أن «خطبا كتلك التي ألقاها الشيخ جلال الدين والمليئة بالأحقاد والضغائن تجاه الكرد في كردستان سوريا، ودعواته العنصرية والطائفية لإحداث فتنة بغيضة بين مكونات الشعب السوري، من شأنها أن ترفع من منسوب الشحن العنصري والشوفيني وكذلك الطائفي لدى البعض في البلاد، وأن هذه الخطابات الموسومة بالكراهية تجاه المختلف طائفيا وقوميا وثقافيا، لن تثني المكونات السورية عن المطالبة بكامل حقوقها المنصوص عليها في المواثيق والأعراف الدولية بما فيها حقهم في الفيدرالية. فالشيخ الصغير كما يبدو يغير من مقاصده ومآربه في خطابه ذلك حسبما يملى عليه من مرجعياته السياسية دون أدنى اعتبار لعقائده الدينية وحقائق الدور المنوط بـ(المهدي المنتظر) حسب قناعاته طبعا».

وأضاف القيادي الكردي السوري «لقد كان أولى بالشيخ الواعظ الخطيب أن يخصص خطبته هذه للحديث عن المآسي والويلات التي يتعرض لها الشعب السوري، والدمار الذي يلحق به من حرق وهدم ودمار لأحياء ومدن كبرى وصغرى عن بكرة أبيها، وكذلك قتل وتشويه رجال وأطفال وشيوخ واغتصاب النساء، وحرقه للحرث والنسل. أما أن يتفاجأ السوريون الثائرون بخطبٍ ذات خلفيات طائفية من شأنها إثارة الفتن بين مكونات بلدهم، فهذا أمر إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الطائفية تطغى لدى هؤلاء على الانتماءات الأخرى القومية والوطنية والإنسانية وحتى الدينية».

وكان الشيخ جلال الدين الصغير قد وجه رسالة إلى الشعب الكردي بإقليم كردستان العراق أشار فيها إلى متانة علاقته بهم والتي أرجعها إلى سنوات نضاله المعارضي ضد النظام السابق، مؤكدا بأنه «لم يتخذ أي موقف معارض تجاه هذا الشعب المظلوم سواء في البرلمان أو من خلال خطبه». وقال إنه «ينتمي إلى المجلس الإسلامي الأعلى في العراق الذي يشدد دائما على التحالف الاستراتيجي بين شيعة العراق والمكون الكردي إلى جانب السنة، والعملية السياسية في العراق تقوم كما هو واضح على ركن أساسي وهو التحالف الكردستاني والتحالف الوطني الشيعي، وهذا التحالف ليس ملكا للأحزاب بقدر ما هو ملك للشعوب والمكونات العراقية».

وقال الصغير في رسالته «أعتقد بأنه كانت هناك محاولات من البعض لخداع الشعب الكردي وإفهامه بأن الشيخ جلال الدين الصغير وصف أبناءه بالمارقين، وحاشا لله أن يكون هذا قصدي؛ لأن هذه الكلمات غير معقولة أن تصدر بحق شعب مسلم هو الشعب الكردي الذي لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ولكن عندما تستخدم كلمة (المروق) فإن القصد منها هو الانتقال من حالة إلى أخرى، كما يقال (مرق السهم) أو مرقت الطريدة من يد الصياد، وما تحدثت عنه تحديدا كان القصد منه هو أكراد شمال سوريا، وقلت فيهم، إنهم سينفصلون عن النظام السياسي هناك قبل ظهور المهدي، وهذه الكلمة إذا لم تستخدم في إطارها الديني والمذهبي والأخلاقي فإنها تغدو عبارة عادية، وأنا قلت أن سفيانيا كما تتحدث عنه المصادر سيظهر ويحتل العراق قبل ظهور الإمام المهدي ويقتل كثيرا من الشيعة منهم 16 ألفا في النجف، فلماذا لم يعترض علي الشيعة في العراق، وهذه الأحاديث تروى عن زمان لا نعرف متى حلوله، ومن واجب الفقهاء أن يبحثوا في هذا الشأن، وأنا لست طرفا في الصراع الدائر حاليا بين إقليم كردستان وكتلة دولة القانون، بل على العكس أعتبر هذا الصراع خطرا على وحدة العراق، ولذلك أعود وأقول بأنني اليوم وغدا سأؤكد ضرورة وأهمية استمرار التحالف الشيعي الكردي، فلا خيار لنا غير التحالف لما لنا من إرث نضالي مشترك ومشاركتنا في المعاناة والظلم الذي عانينا منهما في العقود الماضية»، واختتم الصغير رسالته بالقول، إن «من يريد إثارة الفتن لا يلجأ إلى هذه الطريقة، وأنا لست مجنونا لكي أتحدث بمثل ما نسب لي، أنا معروف بصراحتي ولن أتستر وراء عبارات لأعبر عن رأيي بل أطرح آرائي بكل وضوح، والمعروف عن السياسيين أنهم في غالب الأمر أنهم غير صريحين بمواقفهم، ولكني لست كذلك، بل أحاول أن أعبر عن مواقفي كرجل دين وليس كسياسي».