معارضون سوريون التقوا العربي ودعوا لبرنامج زمني لمهمة الإبراهيمي قبل فوات الأوان

مشروع بشراكة ألمانية أميركية عن مرحلة ما بعد الأسد.. ونشاط أميركي بريطاني لتدريب ناشطين في تركيا

الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي لدى لقائه وفدا من المعارضة السورية في مقر الجامعة بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

دعا معارضون سوريون بعد لقائهم بالأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، في القاهرة أمس، إلى برنامج زمني لمهمة المبعوث الأممي العربي لسوريا، الأخضر الإبراهيمي، قبل فوات الأوان، وحتى لا تتحول مهمته إلى مهلة جديدة لمزيد من ممارسات القتل التي يقوم بها النظام السوري.. في الوقت الذي يسعى فيه معارضون سوريون آخرون لرسم معالم المرحلة الانتقالية في سوريا في حال سقوط نظام الأسد، وذلك من خلال مشروع أطلقه المعهد الأميركي للسلام بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة، يتعلق الأمر بـ«إعادة ثقة السوريين بمؤسسات الدولة».

واستقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، وفدا يمثل مجموعة من أطراف المعارضة السورية الذين شاركوا في ورشة العمل التي انعقدت في القاهرة خلال اليومين الماضيين للتباحث حول تشكيل «لجنة المتابعة والاتصال» المعنية بشرح وترويج «وثيقة العهد الوطني» و«وثيقة ملامح المرحلة الانتقالية» اللتين أقرهما مؤتمر المعارضة السورية الذي انعقد بالقاهرة في الثاني والثالث من يوليو (تموز) الماضي تحت رعاية جامعة الدول العربية، وتسلم العربي وثائق لجنة المتابعة والاتصال والتي تشكل ملامح المرحلة الانتقالية والتي وضعتها واتفقت عليها كل أطياف المعارضة السورية.

وستعمل لجنة المتابعة والاتصال، وبالتنسيق مع مختلف أطراف المعارضة السورية على الإعداد لمؤتمر وطني موسع للمعارضة تحت رعاية جامعة الدول العربية، ومن المقرر أن تباشر هذه اللجنة أعمالها باعتبارها «فريق عمل مشترك» للمعارضة السورية من أجل التواصل مع كافة أطراف المعارضة، والتنسيق فيما بينها من أجل تعميق الرؤية السياسية المشتركة لمتطلبات المرحلة الانتقالية وتحدياتها، وشكلت اللجنة أربعة فرق عمل للتواصل مع مكونات الحراك الثوري المدني ومع كافة الكتائب المقاتلة في الجيش السوري الحر، وكذلك وضعت الخطط للتواصل الإعلامي مع مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية.

كذلك ستتولى اللجنة تقديم اقتراح صيغة توافقية مشتركة تعالج ما أثاره المجلس الوطني الكردي من تحفظات على الوثيقتين المشار إليهما، بحيث تتم معالجة تلك التحفظات والتوافق على الصياغات المستخدمة المتعلقة بالشأن الكردي في سوريا.

وأكد العربي خلال اللقاء على دعم الجامعة العربية لكل الجهود التي من شأنها توحيد رؤية المعارضة السورية إزاء التحديات الراهنة، واعتبر أن تشكيل لجنة المتابعة والاتصال هو خطوة هامة تستحق كل الدعم والتأييد والرعاية لتكون نواة لفريق عمل مشترك للتنسيق والتعاون بين جميع أطراف المعارضة السورية بمختلف مكوناتها وتوجهاتها السياسية.

من ناحية أخرى أكد ممثلون للأكراد والتركمان في المعارضة السورية أن محاولات النظام للوقيعة بين أطياف الشعب السوري لن تنجح، مطالبين في الوقت ذاته الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي الأممي الجديد بألا تتحول مهمته إلى مهلة جديدة لقتل الشعب السوري وأنه يجب أن يتم وضع برنامج زمني محددا وقصيرا لوقف أعمال القتل التي يقوم بها النظام، وقال محمد موسى محمد ممثل المجلس الوطني الكردي السوري عقب لقاء وفد من المعارضة السورية مع الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس إن المناطق الكردية تساند الثورة السورية ومستمرة في المشاركة في فعاليتها حتى إنهاء النظام الاستبدادي والخروج بالبلاد إلى بر الأمان وبناء ديمقراطية تعددية. وأضاف موسى: «نحن كأكراد مكون أساسي من مكونات الشعب السوري ونرى مكاننا الطبيعي داخل سوريا، وحقوقنا لن تتم إلا في إطار وطني سوري»، موضحا أن الوفد الذي التقى العربي قدم مقترحات لحل المشاكل المتعلقة بالأكراد التي ظهرت في مؤتمر المعارضة في يوليو الماضي بالقاهرة. وأشار إلى أن وفد المعارضة السورية بحث مع الدكتور نبيل العربي خلاصة نقاشات مجموعات المعارضة خلال اليومين الماضيين لحل الكثير من المشكلات، مشيرا إلى أنه جرى التأكيد خلال هذه المناقشات على لجنة المتابعة والتواصل ووثيقة العهد التي خرجت عن مؤتمر القاهرة، وأضاف أن المعارضة السورية أكدت على ضرورة التنسيق بين المعارضة في الداخل والخارج، ورفض شكل المبادرات الفردية لتشكيل حكومة سورية انتقالية في إشارة إلى إعلان هيثم المالح اعتزامه تشكيل حكومة انتقالية.

وقال موسى إن المعارضة طلبت من الجامعة العربية الدعم والمساندة لهذا التوجه وتحقيق النجاح المطلوب للمعارضة، وأكد أن الجيش السوري الحر يشكل أحد العناصر الأساسية في لجنة المتابعة والتواصل التي تمخضت عن مؤتمر القاهرة، وحول ما يتردد عن قيام النظام السوري بإخلاء شمال البلاد لصالح حزب العمال الكردستاني للوقيعة بين الأكراد وتركيا.. قال: إن الحركة الكردية بتنوعها هي الآن الأكثر فعالية في المناطق الكردية، وإن هناك مجلسين في الشمال السوري هما مجلس غرب كردستان، والمجلس الوطني الكردي ولقد توصلا إلى تحقيق توافق بيننا وتشكيل هيئة كردية عليا، وأصبح لنا الوجود الأساسي في هذه المناطق، وهذه المناطق تساند الثورة ومستمرة في المشاركة بها حتى إنهاء النظام الاستبدادي والخروج بالبلاد إلى بر الأمان وبناء ديمقراطية تعددية، ونحن كأكراد كمكون أساسي من مكونات الشعب السوري نرى مكاننا الطبيعي داخل سوريا، وحقوقنا لن تتم إلا في إطار وطني سوري.

من جانبه قال عبد الكريم الأغا، من الحركة التركمانية إن النظام لن يستطيع الإيقاع بين مكونات الشعب السوري، ولقد حاول الوقيعة بين الأكراد والتركمان، وبين السنة والعلويين والعرب والأكراد لكننا شعب واحد ومثقف ومتماسك ولن يستطيع النظام تحقيق هدفه، وحذر الأغا من أن تصبح مهمة الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي الأمم المشترك الجديد مهلة جديدة لقتل الشعب السوري، مطالبا الإبراهيمي بوضع برنامج زمني محدد وقصير لوقف قتل الشعب السوري.

وعلى صعيد ذي صلة، يسعى معارضون سوريون لرسم معالم المرحلة الانتقالية في سوريا في حال سقوط نظام بشار الأسد على غرار دول أخرى مثل جنوب أفريقيا، بحسب نسخة من تقرير أشارت إليه وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

والتقرير الذي يحمل عنوان «اليوم التالي: دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا» هو أول مشروع مفصل من نوعه وسيعرض اليوم في برلين. والتقرير ثمرة ستة أشهر من «المباحثات المكثفة» بين ضباط كبار سابقين وخبراء اقتصاد وقانونيين وممثلين لكافة الأطياف والديانات في سوريا.

ويطالب المعارضون بوضع حد للأعمال التعسفية وإقامة دولة قانون وإصلاح الأجهزة الأمنية ويقترحون إنشاء «محكمة جنائية خاصة مستقلة» لمحاكمة كبار المسؤولين في النظام والمقربين من الرئيس السوري. وبحسب المشاركين في المشروع الذي أطلقه المعهد الأميركي للسلام بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة، يتعلق الأمر بـ«إعادة ثقة السوريين بمؤسسات الدولة».

وتطالب مجموعة العمل أيضا بدولة سورية لها «نظام سياسي ديمقراطي» للسماح لاحقا بإجراء «انتخابات حرة وعادلة» تحترم التعددية في وقت لا يزال حزب البعث يسيطر على المشهد السياسي في سوريا. وكتب معدو المشروع «نأمل في أن يقترح المشروع قاعدة لمباحثات ينظم حولها نقاش»، وأعربوا عن الأمل في «إعطاء دفع لقضية الشعب السوري لتحقيق المستقبل الديمقراطي الذي يناضل من أجله اليوم».

وفي غضون ذلك، تشير تقارير صحافية إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تسهمان في دعم المعارضة السورية عبر تدريبهم في أحد المواقع بإسطنبول. وذكرت صحيفة الـ«تلغراف» البريطانية أن أحد المدربين البريطانيين المسؤولين عن المشروع أوضح أن الولايات المتحدة، من خلال «مكتب وزارة الخارجية لدعم المعارضة السورية»، خصصت مبلغ 25 مليون دولار لهذا الغرض، فيما خصصت بريطانيا 5 ملايين جنيه إسترليني أخرى، وذلك لرفع كفاءة الاتصالات لدى بعض النشطاء، بحيث يتم تكوين محور تواصل بين معارضي الداخل والخارج، وهو الأمر الذي يمهد للوصول إلى الهدف النهائي بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأوضحت الصحيفة أن عشرات من الناشطين يتم نقلهم إلى تركيا من أجل تدريبهم، فيما أكد المدرب أن بريطانيا والولايات المتحدة ليستا بصدد «صنع ملوك في سوريا»، مشيرا إلى عدم التدخل في اختيار المستقبل هناك، لكنه أوضح أن ما تقومان به هو تدريب النشطاء المدنيين على مهارات القيادة، بعيدا عن الميول الطائفية.

ويقول المدرب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن قرار عدم التدخل العسكري في سوريا استتبعه مبادرة أخرى بمحاولة المساعدة بأساليب مبتكرة. موضحا أن مبادرة وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، بتوثيق الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري لاحتمالية استخدامها لاحقا أمام المحكمة الجنائية الدولية، كان أحد أسباب التفكير في إنشاء مشروع لدعم المعارضة السورية في مجالات الاتصالات.. ثم تطورت الفكرة مع دخول التمويل الأميركي إلى أخرى أوسع مجالا، مع الوضع في الاعتبار ضرورة تجنب الوقوع في أخطاء الحروب في أفغانستان والعراق.

وسبق أن كشف الدبلوماسي البريطاني جون ويلكس، الذي يشغل منصب مبعوث الخارجية البريطاني للمعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي أن بريطانيا تعمل بالفعل لوضع أسس الديمقراطية في سوريا ما بعد الأسد، وذلك عبر «تدريب الناشطين على الحكم محليا في القرى والمدن في سوريا لمرحلة ما بعد الفترة الانتقالية».

لكن الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن تلك المخططات تسببت في غضب المجلس الوطني السوري، والذي يشعر الغرب أنه فشل في توحيد جبهة المعارضة السورية، رغم دعمه على مدار أكثر من عام، مما أدى إلى محاولات غربية للبحث عن بدائل.

فيما يؤكد عدد من أعضاء المجلس أن أحد أسباب فشلهم، هو أن الدول التي تتبنى دعم المعارضة السورية، كثيرا ما وعدت بتقديم مساعدات وفقا للاحتياجات السورية، ومنها مساعدات معيشية وإنسانية بالداخل، إلى جانب مساعدة الجيش الحر في وقف هجمات الطيران النظامي، لكن ذلك، في الأغلب، لم يتجاوز مرحلة الوعود، بحسب ما يقول أعضاء معارضون.