السلطات المصرية تبدأ حملة على الباعة الجائلين في المدن الكبرى

بغرض نقلهم إلى أسواق متنقلة منعا لمشكلات التكدس المروري

باعة جائلون في أحد أحياء القاهرة قبل عيد الفطر (أ.ب)
TT

بدأت السلطات المصرية أمس تنفيذ مشروع خاص بتجميع الباعة الجائلين وإزالة الإشغالات بالطرق داخل العاصمة القاهرة وفي المدن الكبرى، وفقا لما يعرف بـ«أسواق اليوم الواحد»، حيث بدأت هذه الأسواق منذ الأمس في العمل بعدة مناطق في العاصمة منها مناطق وسط العاصمة ومصر القديمة والسيدة زينب وحديقة الأزهر، وعدد آخر من المناطق، ومن المقرر أن تحدد مناطق معينة تخصص للباعة الجائلين تتغير يوميا وتتابع السلطات المصرية تنظيم عملها لمنع التكدس المروري.

وتصيب ظاهرة الباعة الجائلين في مصر الشوارع والطرق الرئيسية باختناقات مرورية، بالإضافة إلى تشويه الصورة الحضارية خاصة للمناطق الأثرية والتاريخية بالعاصمة، وتقول إحصاءات رسمية حكومية إن أعداد الباعة الجائلين تتجاوز الخمسة آلاف في العاصمة وحدها وتتنوع فئاتهم التعليمية ما بين متعلمين وحاصلين على درجات جامعية وصولا إلى حاصلين على الشهادة الابتدائية أو أميين. ويقول محمد طه، 17 عاما، وهو بائع متجول في منطقة فيصل الشعبية جنوب محافظة الجيزة، إنه ترك الدراسة في المرحلة الابتدائية نظرا لظروف عائلته الصعبة واضطراره للعمل للمساهمة في أمور المعيشة، وتابع طه: «نقف على الأرصفة ولا نعطل المرور ونبيع منتجات مختلفة وتختلف أماكننا باختلاف المواسم، كما تختلف المنتجات التي نعرضها من وقت لآخر».

ومنذ أحداث الثورة في مصر زادت ظاهرة الباعة الجائلين نظرا لضعف القدرات الأمنية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه البلاد وعدم قدرة الاقتصاد المصري على توفير الكثير من فرص العمل التي لا تستوعب في الغالب الأعداد الكبيرة كل عام، وعلى الرغم من أن ثورات الربيع العربي فجرها أحد الباعة الجائلين في سيدي بوزيد التونسية عندما أشعل محمد البوعزيزي النار في نفسه اعتراضا على ظروفه المعيشية الصعبة التي اضطرته للعمل كبائع متجول، لكن حكومة الدكتور محمد مرسي في مصر الذي انتخب بعد إسقاط نظام مبارك عقب ثورة مماثلة لتلك التي أشعلها البوعزيزي في تونس، تصر على اعتبار الباعة الجائلين سببا للمشكلة وليس ضحايا لها، ويتابع طه: «لن أترك مكان أكل عيشي، إذا أرادت لنا الحكومة حلا فلتوفر لنا عملا نقتات منه، فعندها لن نضطر لافتراش الطريق بحثا عن الرزق»، وأضاف: «هم يريدون أن نذهب في أماكن محددة، وهذا يضر بعملنا فلسنا محلات معروفة أو نبيع ماركات عالمية كي يأتي لنا الزبائن في مكاننا، ولكننا نعتمد بالأساس على الذهاب إلى الأماكن المزدحمة وإشارات المرور للترويج لمنتجاتنا وليس العكس».

ويدشن الباعة الجائلون في مصر أسواقا خاصة بهم في ما يمكن أن نطلق عليه «اقتصاد الشارع»، ويختلفون في ما بينهم، فمنهم المتجول الذي يعمل داخل عربات المواصلات العامة وعربات مترو الأنفاق وأمام الحدائق والمتنزهات العامة، وآخرون يفترشون الطريق في أماكن بعينها كل صباح في بلد كشفت منظمة العمل الدولية أن نسبة البطالة فيه وصلت إلى ما يزيد على 12 في المائة العام الحالي مقارنة بـ8.9 في المائة العام الماضي.

ووفقا للخطة الحكومية لإعادة توطين الباعة الجائلين، فمن المقرر توفير أماكن في المناطق المختلفة كأسواق للباعة الجائلين بحيث تحتوي السوق الواحدة على تنويعات مختلفة من احتياجات المواطنين التي تضم جميع الباعة بالمنطقة التي تعمل سوقها بهذا اليوم، كما سيتم عمل لوحات إرشادية داخل السوق مع ترك مساحات لتسهيل عملية التنقل والحركة داخله، وقالت مصادر أمنية مصرية أمس إنه سيتم التعامل بالقوة مع كل بائع يرفض الامتثال لهذه الإجراءات وسيتم مصادرة البضاعة التي يقوم ببيعها خارج المناطق المحددة.

ويرى كثير من الباعة الجائلين أن فكرة الأسواق تحد من حريتهم في التنقل من مكان لآخر، خاصة أنها لن تكون أسواقا دائمة يستطيعون الذهاب إليها بصورة مستمرة. وأعلنت سلطات العاصمة المصرية بدء التشغيل الفعلي لأسواق اليوم بدءا من أمس (الاثنين)، ‏حيث سيتم فتح مجموعة من الأماكن المتسعة أمام الباعة الجائلين لعرض بضائعهم‏، وذلك من الساعة الثامنة صباحا وحتى العاشرة مساء‏.‏ وأكد اللواء سيف الإسلام عبد الباري، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، أنه سيتم مصادرة البضائع التي يخالف أصحابها التعليمات أو الأماكن المحددة لهم، مؤكدا على أنه لن يسمح بالوجود العشوائي خارج هذه الأسواق، وأوضح أنه سيسمح للباعة الجائلين بالتنقل من سوق إلى سوق وفقا لمواعيد تشغيلها.

من جهتها، طالبت وزارة الداخلية، غرف التجارة وجهاز حماية المستهلك والمحليات، بالرقابة والإشراف الفعلي على هذه الأسواق وتنظيمها.