وزير الاتصالات العراقي يستقيل احتجاجا على «تدخلات» المالكي في شؤون وزارته

محمد علاوي في رسالة لرئيس الوزراء: مواقفكم من الوزارة تأتي من منطلقات سياسية

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتحدث للصحافيين خلال زيارة قام بها أخيرا إلى وزارة الاتصالات ويقف إلى جانبه الوزير المستقيل محمد علاوي («الشرق الأوسط»)
TT

بعد يوم واحد من نفيه تقديم استقالته، أعلن وزير الاتصالات العراقي محمد علاوي، القيادي في حركة الوفاق الوطني التي يرأسها زعيم القائمة العراقية إياد علاوي، تقديمه استقالته من منصبه إلى رئيس الوزراء نوري المالكي مرفقة برسالة طويلة شرح فيها كثيرا من الأسباب التي جعلته غير قادر على إدارة دفة العمل داخل هذه الوزارة.

وقال علاوي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية: «استقلت لأن (رئيس الوزراء نوري) المالكي رفض تحقيق الشروط المتعلقة بالتدخلات السياسية في وزارتي». وأضاف: «اشترطت على رئيس الوزراء إيقاف التدخلات السياسية في عمل وزارتي»، مؤكدا أنه «غير مستعد للعمل في الوزارة مع هذه التدخلات الكبيرة».

وأوضح أنه أخبر المالكي أن «عليه إما الوفاء بتحقيق هذه الشروط أو قبول استقالتي، وقرر بعد شهر واحد القبول باستقالتي». وأشار علاوي إلى أنه قدم مطالبه للمالكي في 28 يوليو (تموز) الماضي.

كما أشار علاوي إلى محاولات للسيطرة على المسؤولين، ونقل البعض منهم خارج وزارة الاتصالات دون رغبته. وأوضح أن «بعض المديرين العامين في الوزارة مخلصون ويعملون بجد، وطلب هو (المالكي) مني نقلهم إلى وزاراتهم»، حيث كانوا يعملون سابقا. وتابع: «طلبت منه إبقاءهم ولكنه رفض».

ونشرت حركة «الوفاق» رسالة من الوزير المستقيل إلى المالكي تحمل تاريخ 28 يوليو (تموز) الماضي، قال فيها: لقد «ذكرت لكم في رسالتي السابقة أنه للأسف الشديد بدأت أشعر بأن مواقفكم من الوزارة تنطلق من منطلقات سياسية».

وأشار علاوي في فقرة أخرى قائلا: «هل يعقل أن تشكل إلى حد الآن أكثر من 30 لجنة تحقيقية؟!». وكشف علاوي عن أن المالكي «وعد أن يوفر ميزانية خاصة للوزارة لرفع كفاءة بناها التحتية ولإكمال شبكتها»، مؤكدا أنه «حاول بكل الجهود الحصول على ذلك المبلغ الموعود من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لكن من دون طائل». وأوضح علاوي أنه «جوبه بحملات مغرضة ومقصودة ومواقف سلبية ومحاولة إفشال الوزارة بإضعاف دور الكادر المخلص والنزيه، بل ونقلهم من الوزارة»، متسائلا: «هل يعقل أن هذه الوزارة التي أنا مسؤول عنها كوزير تفرض عليها التعيينات والإقالات من خارجها، دون أن يؤخذ رأي الوزير بذلك».

واعتبر علاوي أن «هناك محاولة إفشال الوزارة بإيقاف مشاريعها المهمة والحيوية والمفيدة لقطاع الاتصالات وللبلد بشكل عام»، موضحا أن «فئة جديدة برزت في الوزارة وأعطيتموها القوة والصلاحيات»، مشيرا إلى المستشارة الفنية للهاتف الجوال، الدكتورة هيام الياسري، التي قال إنها كانت «من البعثيين في فترة النظام السابق، وهي صاحبة مشروع إهداء صدام هاتفا جوالا بصناعة عراقية». واختتم علاوي كتاب الاستقالة بالقول: «لا يمكن إدارة الوزارة برأسين، ولا يمكن إنجاز الأعمال من قبل مرعوبين لا يعرفون بأي تهمة سيتهمون ومتى يعتقلون»، مطالبا المالكي «بنقل المستشارة هيام إلى وزارتها السابقة وزارة التعليم العالي أو أي موقع آخر، فإن تحقق هذا الأمر فإني أكتفي بذلك، وبخلافه فلا يسعني إلا أن أقدم استقالتي لأني أصبحت عاجزا عن العمل في مثل تلك الأجواء الموبوءة».

من جهته، أكد الناطق باسم حركة الوفاق الوطني هادي الظالمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «وزير الاتصالات وجد نفسه غير قادر على إدارة دفة العمل بالوزارة، بسبب وجود ملفات فساد مالي وإداري خطيرة، فضلا عن وجود مافيات تعمل داخل الوزارة وبتنسيق مع جهات أخرى من خارجها». وأوضح أن «علاوي الذي عرض أمام حركة الوفاق الوطني وقيادتها كل ما يتصل بعمله داخل الوزارة، وأكد أنه لا يريد أن يكون شاهد زور على ما يجري، وأن قيادة الحركة طلبت منه إحاطة رئيس الوزراء علما بما يجري خشية أن لا يكون مطلعا». وأكد الظالمي أن «المالكي نفسه وحين زار الوزارة قبل مدة غمز من قناة الوزير علاوي، مما يوحي أنه (المالكي) يستمع إلى كلام الجهات التي تقف ضد الوزير». ونفى الظالمي أن «تكون هناك أبعاد سياسية للاستقالة حيث إنها فنية بامتياز، إلا إذا أراد الآخرون أن يحملوها أبعادا سياسية». وقبلها المالكي الاستقالة، وكلف وزير شؤون المحافظات تورهان المفتي القيام بعمل الوزارة، بعد يوم من تكذيب الوزير تقارير عن استقالته. وتعد هذه الاستقالة الأولى لوزير في حكومة المالكي، التي تشكلت بعد مخاض عسير في ديسمبر (كانون الأول) 2010. وكان وزير الكهرباء السابق رعد شلال العاني أعفي من منصبه في يونيو (حزيران) 2011، على خلفية عقود مع شركات وهمية تقدر كلفتها بأكثر من ملياري دولار.

يُذكر أن المؤسسات الحكومية في العراق تعاني من الفساد على نطاق واسع. وصنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي للعام 2010 العراق كرابع أكثر دولة فسادا في العالم.