هولاند: استخدام الأسد لأسلحة كيميائية سيكون «سببا مشروعا للتدخل المباشر»

باريس مستعدة للاعتراف بشرعية حكومة انتقالية سورية فور إعلانها

الرئيس الفرنسي خلال إلقائه الخطاب السنوي أمام سفراء بلاده في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

قطعت باريس خطوة متقدمة باتجاه المعارضة السورية إذ أعلنت بلسان رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند استعدادها للاعتراف بشرعية حكومة انتقالية تشكلها هذه المعارضة. كذلك أكد هولاند أن فرنسا تعمل مع أقرب شركائها من أجل إيجاد مناطق حماية داخل سوريا وفق الاقتراح الذي تقدمت به تركيا، وأعلن أن استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية سيكون «سببا مشروعا للتدخل المباشر» من جانب المجتمع الدولي.

وجاءت تصريحات هولاند في الكلمة المطولة التي ألقاها أمس أمام السلك الدبلوماسي الفرنسي بمناسبة المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين في العالم الذي تستمر أعماله حتى يوم الأربعاء وهو سيحفل بالكثير من اللقاءات التي ستتناول أهم المشكلات «الحامية» في العالم من زاوية عمل الدبلوماسية الفرنسية. وينعقد المؤتمر تحت عنوان «الدبلوماسية الاقتصادية» أي الدبلوماسية في خدمة الاقتصاد.

وهذه المرة الأولى التي تكشف فيها فرنسا علنا عن استعدادها للاعتراف بشرعية حكومة انتقالية تشكلها المعارضة السورية التي تعاني من الكثير من الانقسامات والحزازات بين مكوناتها. ومنذ شهور، تدفع باريس المجلس الوطني السوري والفئات المعارضة الأخرى إلى التوافق حول برنامج سياسي وحول حكومة «جامعة» وذلك من باب التعجيل في تحقيق الانتقال السياسي أي رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة. ودعا هولاند المعارضة إلى «تشكيل حكومة انتقالية جامعة وممثلة للشعب السوري يمكنها أن تصبح ممثلة شرعية لسوريا الجديدة» مضيفا أن باريس ستحث «شركاءنا العرب» على مساعدتها، حيث إن «التحدي يتخطى سوريا ويمس أمن الشرق الأوسط وخصوصا استقلال واستقرار لبنان».

وترى مصادر فرنسية رفيعة المستوى أن تشكيل حكومة تحظى بالاعتراف بشرعيتها على المستوى العالمي يمكن أن يكون طريقة للالتفاف على الطريق المسدود الذي وصل إليه مجلس الأمن الدولي بخصوص الملف السوري بسبب الفيتو الروسي - الصيني المتكرر. وبحسب المعلومات المتداولة في العاصمة الفرنسية، فإن حكومة كهذه يمكن أن تطلب حماية المدنيين السوريين من الأسرة الدولية بحيث يكون التدخل تلبية لدعوة من حكومة شرعية معترف بها.

ويتداخل هذا الموضوع مع ما أكده الرئيس الفرنسي من أن بلاده تعمل كذلك على إيجاد «مناطق حماية» للمدنيين السوريين داخل الأراضي السورية وهو الأمر الذي اقترحته تركيا التي اعتبرت أنها لا تستطيع استقبال أكثر من 100 ألف لاجئ سوري. وحرص هولاند على القول إن باريس تعمل على هذا الاقتراح «مع أقرب شركائها» في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية وتركيا وقطر والسعودية فضلا عن عدد من البلدان الأوروبية الناشطة مثل بريطانيا وألمانيا.

لكن المصادر الفرنسية الرسمية تؤكد أن المرحلة الحالية مخصصة لدرس التفاصيل وأنه «لا شيء تقرر حتى الآن» مضيفا أن من المهم تحاشي إيجاد توقعات وإعطاء ووعود «لا تتحقق».

وتفيد مصادر متطابقة أن العمل جارٍ على سيناريو يقوم على إيجاد مناطق آمنة على الحدود التركية - السورية تتمتع بحماية دولية قد تكون من داخل الأراضي التركية. ويتقاطع ما قاله هولاند مع ما أشار إليه وزير الدفاع جان إيف لودريان الأسبوع الماضي ووزير الخارجية لوران فابيوس اللذين تحدثا عن «حظر جوي جزئي» لا يحتاج إلى تعبئة حربية كبرى كما لو أنه لفرض حظر جوي على كل الأجواء السورية. وكما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد جعل هولاند من استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية «سببا شرعيا للتدخل (العسكري) المباشر» في هذا البلد على مستوى الأسرة الدولية. أما فيما خص اجتماع مجلس الأمن بدعوة من فرنسا على المستوى الوزاري في 30 الجاري، فقد أفادت مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لن تحضر الاجتماع بينما لم يأتِ رد حتى الآن من وزيري خارجية روسيا والصين. ودعت باريس وزراء خارجية الدول المجاورة لسورية إلى نيويورك. وبحسب ما قالته هذه المصادر، فإن باريس لن تطرح مشروع قرار في المجلس لأنها تعتبر أن موسكو وبكين ستعمدان لمعارضته علما أن فرنسا تريد أن تتركز أعمال المؤتمر على الجوانب الإنسانية بالدرجة الأولى.