المعارضة السورية تفصح عن «شروطها» حيال المبادرة الإيرانية لحل الأزمة

رفضوا أي حل قبل رحيل الأسد ومحاسبة القتلة.. وأبدوا اطمئنانا في حال شملت السعودية ومصر وتركيا

سورية على كرسي متحرك في احدى ضواحي حمص ويبدو الدمار بعد غارة شنها سلاح الجو السوري على المنطقة (رويترز)
TT

بدأت المبادرة الإيرانية المزمع طرحها في قمة دول عدم الانحياز في طهران الأسبوع المقبل لتسوية النزاع في سوريا، تأخذ حيزا من المتابعة لدى المعارضة السورية، خصوصا لجهة ما أعلنه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، من أن المبادرة «ستكون عقلانية ومقبولة من كل الأطراف، ومن الصعب جدا معارضتها»، ولأنها تستند إلى الاقتراحات السابقة، من خطة كوفي أنان وقرارات جامعة الدول العربية وغيرها، وفيها الكثير من المشتركات مع المبادرات السابقة، ومستوحاة من المشروع المصري الذي جرى طرحه في قمة مكة، على قاعدة أن تعمل إيران وتركيا، كل لدى الطرف الأقرب إليها من المتخاصمين السوريين، من أجل دفعه نحو حل سوري جامع، على أن تكون مصر والسعودية دولتين مراقبتين وضامنتين لما يجري.

بينما استبق وزير الدولة السوري لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر، أمس، من طهران تلك المبادرة بقوله إن فكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد «مرفوضة تماما». وفي هذا الإطار رأى عضو المجلس الوطني السوري نجيب الغضبان أن «المبادرة الإيرانية قريبة جدا من الكلام الذي قيل في محادثات جنيف التي جرت بين الأميركيين والروس بشأن سوريا». وأكد الغضبان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «في أي مبادرة لا بد من ثابتتين أساسيتين، الأولى أنه لا تفاوض ولا حوار مع (الرئيس السوري) بشار الأسد، وهذا موقف نهائي لدى كل المعارضة. والثانية، أن يكون الحوار على بند وحيد وهو نقل السلطة عبر حكومة انتقالية لا يكون بين أعضائها أي شخص ممن تلوثت أيديهم بدماء الشعب السوري، وخصوصا من عائلة الأسد والمقربين منه ومن الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وأجهزة المخابرات». وأفاد الغضبان أنه «لا مانع لدى المعارضة من المجيء بحكومة تكنوقراط تضم شخصيات مقبولة مثل (رئيس الحكومة المنشق) رياض حجاب، الذي رفض أن تتلوث يداه بدم السوريين». وقال: «نحن ليس لدينا أي ثقة بالطرف الإيراني، لأنه الداعم الأساسي للنظام السوري ماليا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا ومعلوماتيا، إلا إذا غيرت طهران موقفها من هذا النظام».

وأضاف «إذا كانت هذه المبادرة تحظى برضا مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا، فلا مانع من بحث أي شيء إذا كانت تقوم على الاتفاق على نقل السلطة والتفاهم على المرحلة الانتقالية». وختم الغضبان «أولويتنا كمعارضة الآن هي وقف القتل وإراقة الدماء ووضع حد للمجازر، لكن من المؤكد أنه لن يكون هناك حوار مع بشار الأسد، وإذا كان الحل المطروح في السابق تنحي الأسد ومغادرة البلاد، فإن ما بات مطلوبا الآن وبشدة هو محاكمته على الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بحق شعبه، وهذا حق طبيعي للشعب السوري».

بدوره رأى المعارض السوري مأمون خليفة أن «المبادرة الإيرانية تقوم على نقاط عامة، لكنها تأتي بالتزامن مع تسعير عمليات القتل والمجازر وتهديم المدن السورية وتصعيد الحل الأمني». وأكد خليفة لـ«الشرق الأوسط» أن «الشعب السوري يرفض أي مبادرة يكون رأس النظام طرفا فيها»، وقال «نحن في المبدأ لسنا ضد المبادرات والحلول السلمية، لكن شرط أن يقف القتل ويرحل هذه النظام وأدواته الإجرامية، نحن لا نستطيع أن نحاور طرفا يضع المسدس في رؤوسنا، هذا ما يرفضه شعبنا». مبديا استغرابه أن «تأتي المبادرة من طرف (إيران) التي تقدم للنظام السوري السلاح وأدوات القتل، وأن تتزامن مع تصريحات مسؤولين إيرانيين يبدون استعدادهم للذهاب بعيدا من أجل بقاء النظام في سوريا، كما أن المبادرة تأتي مع معلومات تفيد بأن هناك قوات حربية إيرانية في طريقها إلى سوريا، وهذا ما يفتح المنطقة على بركان». وتمنى خليفة أن «يكون الحضور المصري في قمة دول عدم الانحياز في طهران لصالح الثورة السورية، وأن يمثل عودة مصر إلى موقعها الطبيعي في قيادة العالم العربي». أما نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود، فأكد «رفض الجيش الحر لأي مبادرة عربية أو إسلامية أو إقليمية أو دولية تقوم على حساب دماء الشعب السوري». وشدد في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» على أن «أي حل في سوريا يجب أن يبدأ برحيل بشار الأسد عن السلطة ومحاسبته مع كل الذين تلطخت أيديهم بالدماء، وبعد ذلك كل شيء وارد. أما أن تكون هناك مبادرات تفضي إلى مشاركة السلطة والمعارضة في حكومة واحدة فهذا غير مقبول؛ لا للثورة ولا للجيش الحر الذي يقدم التضحيات والشهداء على الأرض».

وقال الحمود «نحن لا نناضل من أجل السلطة أو تقاسم المناصب فيها، إنما من أجل تطهير سوريا من هذه العصابات المجرمة التي تقتل الأبرياء بدم بارد، وبعد كل هذه المجازر اليومية فإن الشعب السوري حسم أمره، وقرر المضي حتى النهاية، فإما أن تسقط الثورة وإما أن يسقط النظام ويحاسب القتلة. ومن المؤكد أن النصر سيكون حليف الثورة والشعب». وأضاف: «هدفنا كجيش حر أن لا يخرج الأسد خروجا آمنا، بل نسعى إلى أن يحاكم مع زمرته بدءا من قادة الأجهزة الأمنية والقادة العسكريين والضباط، وصولا إلى آخر مجند ضغط على الزناد لقتل الأبرياء». وأشار العقيد الحمود إلى أنه «بعد رحيل الأسد يختار الشعب السوري من يمثله، ولكن قبل ذلك لا دور للمبادرات والتسويات».

لكن على الجانب الآخر، اعتبر وزير الدولة السوري لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر، أمس، من طهران أن فكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد «مرفوضة تماما». وقال الوزير السوري في مؤتمر صحافي كما نقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية، إنه «من حيث المبدأ، فإن اقتراح (تنحي الأسد) مرفوض تماما، وخصوصا أن دولا أجنبية طرحته».

وأضاف حيدر الذي يزور طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز المقررة الخميس والجمعة المقبلين، أن «أي تدخل في الشؤون السورية هو انتهاك لسيادة سوريا». وتابع أن «الحل الوحيد هو أن يتوقف التدخل الأجنبي وأن تلقي المعارضة سلاحها». وأكد أن «الولايات المتحدة وإسرائيل هما المهندسان الفعليان لهذا الاقتراح الذي طرحته قطر والسعودية وتركيا».

واعتبر حيدر أن «سوء التفاهم» بين الشعب السوري والحكومة «انتهى بأزمة عنيفة»، لكنه أكد استعداد دمشق لتلبية مطالب المعارضة عبر الحوار.

والأسبوع الماضي، أعلن نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل من موسكو للمرة الأولى استعداد النظام لمناقشة تنحي الأسد في إطار مفاوضات مع المعارضة. لكن جميل رفض طرح تنحي الأسد كشرط مسبق لبدء حوار. وأعلنت إيران، حليفة نظام دمشق، أنها ستقدم على هامش قمة عدم الانحياز «اقتراحا» لتسوية النزاع السوري، من دون أن تكشف عن تفاصيله.