تركيا ترفع قدرتها الاستيعابية إلى 100 ألف لاجئ وتطلب مساعدة دولية

مجلس الأمن القومي التركي يناقش وضع اللاجئين.. والدعم السوري لـ«الكردستاني»

TT

يحمل وزير الخارجية التركي اليوم إلى الأمم المتحدة ملف اللاجئين السوريين في بلاده التي «تستضيف» حتى الآن ما يقارب 80 ألفا منهم وتستعد لرفع العدد إلى نحو 100 ألف، وهو الرقم الذي كانت أنقرة قد رسمته «خطا أحمر» لا يمكن لها التعامل مع أكبر منه من دون مساعدة فاعلة من المجتمع الدولي، في حين وضعت أنقرة خطا أحمر كبيرا في قضية التعاون بين تنظيم حزب العمال الكردستاني والاستخبارات السورية بتأكيدها أنها لن تسمح لـ«منظمات إرهابية باستغلال الفراغ في السلطة» الناجم عن انسحاب القوات السورية من المناطق ذات الغالبية الكردية. وأوضحت مصادر تركيا، أن أنقرة سوف تقوم «بكل ما في وسعها لمنع ذلك ولو اضطرت إلى تجاوز الحدود لحماية أمنها».

وفي الوقت الذي قال فيه الناطق بلسان الخارجية التركية سلجوق أونال لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده لم تتسلم حتى الآن أي مساعدة دولية في موضوع اللاجئين، وتسعى إلى رفع قدرتها الاستيعابية للاجئين إلى الحد الأقصى وهو 100 ألف لاجئ، موضحا أن نحو 5 مخيمات جديدة سوف تنتهي خلال فترة وجيزة تستوعب 20 ألف لاجئ، سيضافون إلى نحو 80 ألفا هم موجودن الآن على الأراضي التركية. لكن أونال نفى إمكانية إغلاق بلاده حدودها أمام اللاجئين إذا تجاوز العدد الـ100 ألف. وقال: «في الوقت الحاضر هذه قدرتنا الاستيعابية (100 ألف) لكن الأمور مفتوحة ولن نخذل أيا من الأشقاء السوريين القادمين إلينا هربا من الموت».

وكانت تركيا لمحت أكثر من مرة إلى عزمها القيام «بشيء ما» إذا تجاوز عدد اللاجئين هذا الرقم، متحدثة عن إمكانية إقامة مخيمات في الداخل السوري، إلا أن مصادر تركية قالت لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن هذا الاحتمال لا يزال مطروحا على طاولة البحث، لكن أي قرار لم يتخذ بهذا الشأن بعد. وأوضحت المصادر أن مجلس الأمن القومي التركي بحث هذا الموضوع معمقا وناقش «أسوأ السيناريوهات»، مشيرة إلى أن أنقرة ستقوم بكل ما يلزم لمنع امتداد الأزمة إليها. وقالت المصادر، إن موضوع «المنطقة العازلة» مطروح على الطاولة منذ البدء، لكنها اعترفت بوجود عقبات تحول دون تنفيذها من قبل تركيا حتى الآن. وقالت مصادر دبلوماسية تركية أمس، إن مثل هذه المناطق العازلة لا يمكن إقامتها إلا في ظل «الشرعية الدولية ولا يمكننا أن نعلن من تلقاء أنفسنا منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي، لكن ما الذي سيحصل إن أطلق جندي سوري صاروخا؟ هذا سيعني أن تركيا في حالة حرب مع سوريا».

وقالت مصادر تركية، إن أنقرة تستضيف الآن أكثر من 80 ألف لاجئ في تسعة مخيمات للاجئين على طول الحدود التركية. وأوضحت أن هذه المخيمات امتلأت، وكذلك مهاجع المدارس والمراكز الرياضية بالقرب من الحدود.

ويعتزم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين خلال اجتماع يعقد بعد غد (الخميس) في مجلس الأمن الدولي، في ظل ازدياد صعوبة توفير الإمدادات لهم. وأعلنت وزارة الخارجية التركية أن داود أوغلو سيتوجه إلى نيويورك للمطالبة بمساعدات دولية لإمداد اللاجئين السوريين وإعداد منطقة حماية لهم على الجانب السوري من الحدود للاستعداد لقدوم موجات لجوء كبيرة. وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو حث مؤخرا المجتمع الدولي على تقاسم العبء مع تركيا. وقال «إن الارتفاع في عدد اللاجئين السوريين يضع عبئا كبيرا علينا. وينبغي أن يكون هذا العبء مشتركا مع المجتمع الدولي».

وقد عقد مجلس الأمن القومي التركي أمس اجتماعا طارئا ترأسه رئيس الجمهورية عبد الله غل الذي خرج من المستشفى لساعات للمشاركة في الاجتماع الذي وصف بأنه على قدر كبير من الأهمية ليعود بعدها لمتابعة علاجه. وكان على جدول أعمال المجلس الهجمات الأخيرة لحزب العمال الكردستاني المحظور في جنوب البلاد ونشاطه المتزايد في المناطق الكردية التي أخلتها السلطات السورية في شمال البلاد بالقرب من الحدود التركية، بالإضافة إلى بحث «الطفرة الكبيرة» في عدد اللاجئين السوريين الذي تجاوز الـ80 ألفا للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في الجارة الجنوبية.

وتعهد المجلس بأن تركيا «لن تسمح لمنظمة إرهابية بالاستفادة من فراغ السلطة في سوريا». وقال المجلس في بيان أصدره، إن تركيا عازمة على «تجنب كل التهديدات والمخاطر على الأمن القومي المنبثقة عن العنف في سوريا». وقال البيان، إن مجلس الأمن ناقش هجمات النظام السوري على السكان المدنيين والأمن تواجه تهديدات تركيا بسبب الصراع هناك، مشيرا إلى أن المجلس ناقش التهديدات المتزايدة الإرهابية داخل تركيا، وانتقد ما سماه «الهجمات العشوائية». وكرر عزم تركيا على مكافحة الإرهاب بما يتفق مع القانون وحماية أمن المواطنين. وناقش المجتمعون وضع استراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب على الأراضي التركية بعد أحدث هجوم من قبل حزب العمال الكردستاني في غازي عنتاب، في واحدة من سلسلة من الهجمات التي استهدفت تركيا في الأسابيع الماضية.

وتتواصل التحقيقات التركية في قضية التفجير الذي استهدف مركز شرطة في مدينة غازي عنتاب الحدودية الأسبوع الماضي، وأدى إلى مقتل نحو 9 أشخاص بالقرب من مركز للشرطة في المدينة. وفي حين تمسكت المعلومات الرسمية التركية بنظرية «الهجوم الإرهابي» في عبارة تستخدم عادة للإشارة إلى تنظيم «العمال الكردستاني»، إلا أن أنقرة جاهرت بوجود تحقيقات للربط بين ما جرى من تفجير وما تلاه من هجمات نفذها التنظيم والاستخبارات السورية التي تشتبه تركيا بأنها ضالعة في دعم هذا التنظيم في الآونة الأخيرة.

وعلى الرغم من أن حزب العمال الكردستاني نفى مسؤوليته عن الانفجار، فإن مصادر تركية قالت إن أحد المشتبه بهم المحتجزين هو مسؤول كبير في «اتحاد مجتمعات كردستان» (KCK)، والذي يضم حزب العمال الكردستاني.