طهران تتحصن قبل انطلاق قمة عدم الانحياز

المعارضة الايرانية تسعى الى تسليط الضوء الى الاوضاع السياسية خلال التجمع الدولي

TT

في الوقت الذي تسعى فيه السلطات الإيرانية لاستغلال مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الـ16 إلى تظاهرة دعائية لصالحها في مواجهة العقوبات المفروضة عليها من الغرب بسبب برنامجها النووي، تنشط قوى المعارضة هي الأخرى للفت انتباه الدول المشاركة في المؤتمر إلى معاناة السجناء السياسيين في إيران وإلى خروقات النظام لملف حقوق الإنسان.

ورغم أن المعركة غير متكافئة بين السلطة والمعارضة لرجحان كفة الأولى بسبب إمكانياتها الأمنية والمادية فإن المعارضة بدأت عملها مبكرا لتؤرق الأجهزة الأمنية وتسحب البساط من تحت أقدامها ولو قليلا لتبرهن وجودها في أهم محفل دولي تستضيفه طهران وهي تعاني من شبه عزلة دولية.

وحسب موقع «سحام نيوز» التابع للزعيم الإصلاحي المعارض مهدي كروبي الذي تفرض عليه الإقامة الجبرية، فإن 420 من النشطاء السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وأساتذة جامعيين ومفكرين ومدافعين عن حقوق الإنسان في إيران وخارجها طالبوا في رسالة وجهوها للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن يلتقي الزعيمين الإصلاحيين حسين موسوي وكروبي اللذين يقبعان رهن الإقامة الجبرية وزيارة السجناء السياسيين أثناء تواجده في طهران للمشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز.

وجاء في هذه الرسالة التي تداول نشرها مواقع المعارضة الإيرانية: «إن زيارتكم المرتقبة لطهران للمشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز لهي فرصة للتقييم المباشر واطلاعكم على الأوضاع المزرية لحقوق الإنسان في إيران»، مضيفة: «نناشدكم بزيارة رئيس الوزراء السابق والمرشح المعارض لنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2009 المشكوك في صحتها المهندس (مير حسين موسوي) الذي تعرض مؤخرا لأزمة قلبية وعقب إجراء عملية جراحية في قلبه أعيد للمكان الذي يقيم فيه بإقامة جبرية غير قانونية». وأظهر موقعو الرسالة قلقهم حيال صحة الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي وطالبوا الأمين العام للأمم المتحدة بالتدخل لوقف ما سموه بالمؤامرة التي يحيكها النظام الحاكم لتصفية زعماء الحركة الإصلاحية. كما أن موقعي الرسالة طالبوا «بان كي مون» بزيارة عدد من السجناء السياسيين والتحدث إليهم مباشرة حتى تكون زيارته مؤثرة بشكل إيجابي على أوضاع حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية حسب ما جاء في الرسالة.

وفي السياق ذاته طالب «أمير أرجمند» مستشار المعارضي الايراني مير حسين موسوي ومبعوثه في الخارج، في رسالة منفصلة وجهها للأمين العام للأمم المتحدة بتوجيه انتقاد للحكومة الإيرانية بسبب ما سماه أوضاع حقوق الإنسان السيئة في إيران وقمع السلطات الإيرانية للمعارضة، وذلك أثناء إلقاء «مون» خطابه المقرر غدا خلال المؤتمر في طهران.

وجاء في رسالة أرجمند لـ«بان كي مون» منذ بدء النظام الحاكم في إيران قمع المظاهرات السلمية للشعب الإيراني والحركة الخضراء بشكل وحشي يفتقد للرحمة، والنظام الحاكم حول البلاد إلى سجن كبير، وهو يمارس جميع أنواع القمع السياسي وينتهك أبسط حقوق الإنسان الابتدائية ويقوم بتشديد القيود شيئا فشيئا على حرية المواطنين، داعيا السكرتير العام للأمم المتحدة «للقاء السجناء السياسيين ومن بينهم زعيما المعارضة الإصلاحية وزهراء رهنورد (زوجة موسوي) والتحدث إليهم حيث جاء في رسالته «إن الشعب الإيراني الحر يتوقع منكم العمل بمهامكم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة أثناء زيارتكم للبلاد».

ودعت منظمات إصلاحية إيرانية سكان طهران إلى الصعود إلى أسطح منازلهم وإطلاق صيحات التكبير والموت للديكتاتور، وهي الطريقة الإيرانية المعروفة احتجاجا على استمرار القمع في إيران، والمطالبة بتغييره من الداخل. وصدرت أمس واليوم عدة بيانات في طهران وخارجها، حضت على إبراز هذا النوع من المعارضة السلمية ليلة الأربعاء والخميس خلال انعقاد قمة عدم الانحياز المقررة في طهران.

إزاء ذلك اتخذت السلطات الأمنية الإيرانية ولضمان نجاح المؤتمر إجراءات غير عادية حيث انتشر الآلاف من العناصر الأمنية مدعومين بالطائرات المروحية في شوارع طهران، لتأمين الضيوف وتحسبا لمظاهرات دعت إليها كيانات معارضة في الخارج أثناء عقد المؤتمر، حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، مشيرة إلى أن السلطات الإيرانية قامت بإجراءات لتشجيع سكان العاصمة على مغادرتها خلال انعقاد المؤتمر، فمنحت عطلة رسمية لمدة خمسة أيام، وتم صرف قسائم وقود مدعوم إضافية، ودعمت أسعار المواصلات لتشجيع سكان طهران على مغادرتها. وحسب تقارير للمعارضة الإيرانية واستنادا لشهود عيان فإن طهران وقبل افتتاح أعمال المؤتمر بأسبوع تحولت إلى ما يشبه الثكنة العسكرية إذ تم نشر نحو 110 آلاف من قوات الشرطة حول البلاد معظمهم لحراسة زوايا الشوارع ويقومون بعمليات تفتيش مفاجئة للآليات. ويشير تعزيز الإجراءات الأمنية المكثفة وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية إلى نية السلطات ضمان عدم حدوث أي شيء لعرقلة القمة التي تنظر إليها طهران على أنها انقلاب دبلوماسي ضد الضغوط الغربية التي تقودها الولايات المتحدة.