موجة نزوح من ريف دمشق وتكثيف للعمليات العسكرية في العاصمة

استمرار اكتشاف ضحايا للإعدامات الميدانية.. وانفجار يستهدف مشيعين

عائلات سورية تهرب من أعمال العنف المتصاعدة في بلدة كفر بطنا في ريف دمشق (رويترز)
TT

على وقع الاشتباكات المتواصلة في حلب والقصف الجوي والمدفعي المستمر على معظم المناطق السورية شهدت يوم أمس مناطق ريف دمشق ولا سيما منها الغوطة الشرقية موجة نزوح كبيرة للسكان. فيما قال التلفزيون الحكومي إن 12 شخصا قتلوا وأصيب العشرات عندما انفجرت سيارة ملغومة في جنازة بدمشق في هجوم قالت جماعة نشطاء إنه استهدف مؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، وسط تبادل للاتهامات حول المسؤول عنه بين النظام ومعارضين سوريين.

وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن سقوط أكثر من 95 قتيلا أمس، كحصيلة أولية، معظمهم في إدلب سقطوا جراء قصف قوات النظام العنيف بالطيران الحربي والصواريخ لمدينة كفرنبل. وقد عرضت الهيئة العامة للثورة السورية صورا لآلاف النازحين الهاربين من الغوطة الشرقية ومدينة كفربطنا بريف دمشق خوفا من الحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام على المنطقة في ظل معلومات عن احتمال اقتحامها.

وأكّد ناشطون سوريون استمرار قصف قوات النظام منذ فجر أمس على زملكا وعربين وعين ترما وقدسيا والسيدة زينب بالريف الدمشقي، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ اشتباكات وقعت بين القوات النظامية السورية والجيش الحر في بلدة زملكا وقتل ما لا يقل عن أربعة من القوات النظامية خلال استهداف آليتهم.

ووردت معلومات أولية عن تدمير وإعطاب آليات عسكرية ثقيلة كما تعرضت بلدات السيدة زينب والذيابية وعين ترما وحجيرة وزملكا لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. كذلك، ذكر اتحاد التنسيقيات أن الزملكا تعرّضت لقصف عنيف من الطيران والمدفعية والهاون بشكل كثيف مما أدى إلى ازدياد عدد الجرحى والقتلى، لافتا إلى انقطاع الكهرباء منذ أكثر من أربع ساعات وانقطاع خدمات الإنترنت، كما أن هناك نقصا في المواد الغذائية والطبية والمحال التجارية مغلقة بشكل كامل كما تشهد المدينة حركة نزوح كبيرة شملت مئات العائلات حتى الآن.

وفي العاصمة اشتدت وتيرة المعركة في ظل تكثيف عمليات القصف التي تركزت شرق العاصمة واستخدمت فيها الطائرات الحربية والمروحيات. في موازاة ذلك، عرضت قناة «العربية» صورا لإحدى أضخم عمليات الجيش الحر في قلب دمشق، حيث أسقط لواء تحرير الشام بالإضافة لكتائب الغوطة طائرة مروحية وسيطروا على أربعة حواجز لجيش النظام داخل دمشق في عملية وصفت بأنها الأقوى ردا على مجزرة داريا.

كذلك، دارت اشتباكات في حي جوبر بدمشق ترافقت مع قصف تعرضت له مناطق في محيط الحي وأدى إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف الجيش الحر. من جهتها، عرضت قناة «سكاي نيوز» فيديو لطائرة مقاتلة سورية أطلقت صاروخين على أهداف بالطرف الشرقي لدمشق يوم الاثنين الماضي، ما أسفر عن مقتل 60 شخصا على الأقل.

من جهة أخرى، قال التلفزيون الحكومي إن 12 شخصا قتلوا وأصيب العشرات عندما انفجرت سيارة ملغومة أمس الثلاثاء في جنازة بدمشق في هجوم قالت جماعة نشطاء إنه استهدف مؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد.

وقال شهود إن السيارة الملغومة انفجرت عند مدخل مدافن للدروز في حي جرمانة بجنوب شرقي دمشق لتصيب جنازة رجلين لقيا حتفهما في قصف قبل يوم. وأحصى أحد الشهود عدد الجرحى 150 شخصا، وقالت شاهدة أخرى لـ«رويترز» إنها رأت جثثا متفحمة لأشخاص من بينهم أطفال. بينما قال التلفزيون السوري إن 48 شخصا أصيبوا بجروح في «تفجير السيارة الإرهابي».

من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن التفجير «استهدف موكب تشييع مواطنين اثنين موالين للنظام في ضاحية جرمانا».

وأفاد مسؤول عسكري وكالة الصحافة الفرنسية أن «جنازة كانت تتجه صوت المقبرة نحو الساعة 15,00 (12,00 ت غ) عندما انفجرت سيارة مفخخة كانت مركونة إلى جانب الطريق». وأفاد مصور الوكالة من المنطقة أن الانفجار «أدى إلى تضرر عدد من الأبنية بشكل كبير»، مضيفا أن واجهة أحد المباني «دمرت بالكامل».

وبثت قناة «الإخبارية» الرسمية مقاطع فيديو لموقع الانفجار أظهر حافلة ركاب صغيرة مشتعلة ودمارا كبيرا في المكان، بالإضافة إلى تضرر واجهات المباني المحيطة بشكل كبير حيث تحطمت واجهات الطوابق العليا.

من جانبه، اتهم الناطق باسم المجلس الوطني السوري جورج صبرا في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية النظام السوري بالوقوف وراء التفجير. وأضاف أن النظام أراد بهذا التفجير «التغطية على مجزرة شكلت ذروة المجازر البشعة»، مضيفا أن الهدف الثاني هو «معاقبة أهل جرمانا المختلطة طائفيا وذات الغالبية المسيحية والدرزية على احتضان النازحين من المجازر في المدن المجاورة مثل داريا وزملكا وحرستا وعربين وغيرها».

ولفت إلى أن «بصمات النظام» السوري واضحة وهو «لا يريد لأي مدينة سورية أن تحتضن أهل مدينة أخرى»، وقال إن ذلك يأتي «ضمن محاولة النظام تحويل الثورة من ثورة شعب ثائر ضد سلطة غاشمة إلى حرب أهلية على أسس طائفية».

وتأتي تلك الأحداث في الوقت الذي ما زالت تتكشف فيه أبعاد جديدة لمجزرة بلدة داريا بريف دمشق، حيث أكد ناشطون العثور على مزيد من الجثث المكبلة التي تم إعدامها ميدانيا.

ومن جهتها، اقترحت سويسرا تعيين كارلا ديل بونتي الرئيسة السابقة للادعاء العام بالمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة في اللجنة المستقلة المختصة بالتحقيق في جرائم الحرب في سوريا.

وطالب متحدث باسم الخارجية السويسرية مساء الاثنين في التلفزيون السويسري بالتحقيق مع المسؤولين عن هذه الجرائم ومعاقبتهم مشيرا إلى أن القاضية السويسرية ديل بونتي يمكن أن تسهم بدور مهم في ذلك.

وفي حلب، تتواصل المعارك في عدة أحياء من مدينة حلب شمال البلاد بين قوات النظام وكتائب الجيش الحر، مع تجدد القصف المدفعي ومن الطيران الحربي على عدة أحياء، وتركز على الأحياء الشرقية، وقد أعلن الجيش الحر سيطرته على منطقة أرض العجور في حين تعرضت أحياء الأنصاري وبستان الباشا والمرجة للقصف المدفعي وغارات جوية.

وأكّد ناشطون استمرار القصف على مساكن هنانو والاشتباكات في حي صلاح الدين وسيف الدولة والإذاعة. وقد ذكر المرصد أنّ حياء السكري ومساكن هنانو تعرضت لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى لسقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل، وفي ريف حلب فقد تعرضت كل من الخفسة ودارة عزة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى لسقوط عدد من القتلى والجرحى وتدمير عدد من المنازل وقتل عنصرين من الجيش الحر أحدهما من بلدة دارة عزة والآخر من بلدة اخترين وذلك خلال اشتباكات مع القوات النظامية في حيي سيف الدولة وصلاح الدين.

وفي اللاذقية، قال عمار الحسن، عضو اتحاد تنسيقيات الثورة، إنّ القصف على جبل الأكراد لا يزال مستمرا منذ أكثر من شهرين، تستخدم فيه قوات النظام راجمات الصواريخ التي تطلق من مناطق موالية وقد تمّ استهداف وتدمير عدد من المنازل في منطقتي «سلمى» و«دورين». ولفت الحسن إلى أنّ أصوات المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب تسمع من السجن المركزي في اللاذقية الواقع في منطقة سكنية.

وفي إدلب، واصلت قوات النظام قصف مدينة أريحا وكفر نبل ومعرة النعمان مع إطلاق السكان نداءات استغاثة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، لافتا إلى تعرض بلدات وقرى مرعيان وسراقب وجوزف وأريحا للقصف من قبل القوات النظامية مما أدى لسقوط جرحى.

وأفاد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن استهداف طائرة حربية نوع ميغ ساحة المظاهرات في كفرنبل والمباني والمحال المحيطة بها مما أدى إلى سقوط 17 قتيلا وعشرات الجرحى وكان البحث لا يزال جاريا تحت الأنقاض عن جثث أخرى. كذلك، ذكر اتحاد التنسيقيات أنّ اشتباكات عنيفة وقعت بين كتيبة أنصار الدين والجيش الأسدي في قرية عين البيضا الحدودية في جسر الشغور التي تعرّضت أيضا للقصف.

وفي حمص، وتيرة القصف العشوائي لم تتوقّف ولا سيما في مدينة القصير والقرى المحيطة بمحافظة حمص، بحسب ما أفادت شبكة «شام». وفي دير الزور شرقا، أفاد ناشطون بقصف الطيران لمدينتي البوكمال والصالحية، وقصف حي الجبيلة بالهاون والمدفعية.

وقد أفاد ناشطون أن اشتباكات وقعت بين لواء درع الفرات في الجيش السوري الحر مع قوات النظام، وأعلنت هذه المجموعة من الجيش الحر أنها قتلت عددا من جنود الجيش النظامي وتمكنت من أسر ضابطين. مع العلم، أن أهالي دير الزور يعانون من حالة إنسانية صعبة، في ظل النقص بالمواد الغذائية وارتفاع أسعارها، وذلك نتيجة الحصار الذي تفرضه القوات النظامية.

كذلك، أفاد اتحاد التنسيقيات أنّ طيران النظام قصف مدينة البوكمال ثلاث مرات وتركز القصف حول منطقة الهجانة وبساتين حي الكتف وأدى إلى تدمير مبنى من طابقين، وذلك في ظل استمرار انقطاع الكهرباء.