إسلاميون يطالبون مرسي بالعفو عن جهاديين في الخارج

بينهم قيادات عادت بالفعل من اليمن والسودان.. وبعضهم يوجد في ألمانيا وهولندا وبريطانيا

عمليات الإرهاب في سيناء أثارت غضب الإسلاميين في داخل مصر (رويترز)
TT

قالت مصادر بالجماعة الإسلامية ومعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس إن قيادات إسلامية تقدمت بالفعل بطلب للدكتور محمد مرسي والسلطات المختصة من أجل العفو الرئاسي، وإسقاط الأحكام عن نحو 15 من القيادات الجهادية سواء ممن عادوا بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة أو الذين ما زالوا هاربين خارج مصر منذ تسعينات القرن الماضي، وغالبيتهم من المتهمين في قضايا إرهابية ومحاولة قلب نظام الحكم في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، خاصة قضية «العائدون من ألبانيا»، التي تم فيها تبرئة بعض المحكوم عليهم، بعد «ثورة 25 يناير 2011».

وينتمي القياديون المطلوب الإفراج والعفو عنهم إلى جيل الجهاديين المصريين القديم (من جيل أيمن الظواهري، الذي بدأ نشاطه في الثمانينات) والجيل الأوسط (الذي ظهر نشاطه في التسعينات).

وقال محمد ياسين، مسؤول ملف الإسلاميين المصريين بالخارج، إن باقي عدد الإسلاميين الموجودين في الخارج يقدر بالعشرات، ويتركز وجودهم في أفغانستان واليمن ودول أوروبية، قائلا إنه توجد مساع لاستعادتهم، لغلق الملف الذي أرق السلطات الحاكمة في العهد البائد لعقدين من الزمان.

وقلل ياسين من المخاوف التي أطلقها بعض المصريين من فتح الباب للعفو عن مدانين في قضايا إرهابية، خاصة بعد تفجيرات سيناء التي راح ضحيتها 16 من جنود حرس الحدود المصريين، قائلا إن القضايا التي تم فيها الحكم على قيادات إسلامية وجهادية كانت ملفقة، وناتجة عن صراع سياسي مع نظام مبارك. وأشرف ياسين على عودة مئات من الإسلاميين سواء قبل «الثورة» أو بعدها، قائلا إن من عادوا «انخرطوا في المجتمع وكانوا قدوة حسنة، خاصة بعد أن أصبحت هناك أحزاب للإسلاميين».

وتضم القائمة الأولى المقدمة للرئيس مرسي 13 من الإسلاميين والجهاديين الذين ما زالوا يعيشون في الخارج، ومن بينهم ثروت صلاح شحاتة البالغ من العمر 55 سنة تقريبا، وهو جهادي محكوم عليه بالإعدام، أحد القيادات المعروفة في الأوساط الإسلامية في مصر، وكان قد عاش لفترات متفرقة في الخارج في أفغانستان وإيران ودخل تركيا حيث ألقي القبض عليه هناك، إلى أن تدخلت بعض المنظمات الحقوقية وتم الإفراج عنه حيث غادر إلى دولة أخرى.

وينتمي ثروت صلاح أساسا لأسرة من ضاحية شبرا بشمال القاهرة وهو معروف كأحد القيادات الجهادية. ورفض ياسين الكشف عن اسم الدولة التي يوجد فيها صلاح الآن، قائلا «لا نريد أن نكشف عنها الآن، حتى لا نتسبب له في مشاكل، قبل أن يصدر له عفو رئاسي من الرئيس مرسي»، مشيرا إلى أن أسرة ثروت صلاح عادت بالفعل إلى مصر هذا العام، مقبلة من تركيا بعد أن كانت موجودة معه في إيران.

ومن الشخصيات الجهادية الواردة في القائمة، إبراهيم علام، ويبلغ من العمر نحو 50 سنة، ومحكوم عليه بالسجن خمس سنوات، وكان من المتهمين بالاشتراك في قتل رئيس البرلمان المصري الأسبق رفعت المحجوب عام 1990. ويوجد علام حاليا في ألمانيا، بعد أن حصل على حق اللجوء السياسي هناك بعد سفره من مصر هربا من الملاحقة في عهد النظام السابق.

وينتمي علام لأسرة من القاهرة أيضا. وهو متزوج ولديه أولاد يعيشون معه في ألمانيا. وقال الشيخ ياسين إنه «(أي علام) لم يشترك في قتل المحجوب ولا أي شيء من هذا القبيل، والقضية كلها انتهت، وكان فيها الدكتور صفوت عبد الغني (الآن قيادي في حزب البناء والتنمية، التابع للجماعة الإسلامية) والشيخ ممدوح علي يوسف».

وورد في طلب العفو الرئاسي الذي تقدمت به الجماعة الإسلامية، اسم أحمد مصطفى نواوة، ويبلغ من العمر نحو 46 سنة، ومحكوم عليه في قضية «العائدون من ألبانيا» التي كان متهما فيها نحو 40 من الإسلاميين من مختلف ألوان الطيف، وكان من بينهم محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

وتعود أصول نواوة إلى مدينة ديروط بمحافظة أسيوط، جنوب مصر. وطاف منذ خروجه من مصر على عدة بلاد منها السودان والسعودية وأفغانستان، ثم استقر في هولندا، التي حصل فيها قبل سنوات على حق اللجوء السياسي. وهو متزوج أيضا وله أولاد يعيشون معه في الخارج.

وتضمنت القائمة اسم (أبو إيثار)، المعروف أيضا باسم محمد مصطفى المقرئ، البالغ من العمر نحو 48 سنة، وتقول المعلومات إنه ليس عليه أحكام، على الرغم من أنه قد ذكر في بعض التقارير المصرية أنه محكوم عليه في قضايا إرهابية. والمقرئ موجود حاليا في بريطانيا منذ سنوات، بعد أن تنقل بين عدة دول. وترجع أصوله إلى محافظة المنيا بصعيد مصر.

ومن بين المطلوب العفو عنهم أيضا، أحمد ربيع، البالغ من العمر 50 سنة تقريبا، ومحكوم عليه بالسجن 15 سنة في قضية «العائدون من ألبانيا»، وهو الآن يعيش في بريطانيا، وهو من القاهرة أساسا.

وقال ياسين إن كل هؤلاء كانوا قد خرجوا من مصر خوفا من حدوث أحداث وحين توالت الأحداث في مصر (يقصد المواجهات بين الإسلاميين ونظام مبارك في التسعينات) وجدوا أنفسهم متهمين في قضايا لم يفعلوا فيها شيئا ولم يحرضوا عليها في الغالب، وفوجئوا بصدور أحكام قضائية أو مطالبات أمنية بحقهم، فآثروا أن يمكثوا في الخارج في هولندا وبريطانيا وألمانيا وأحيانا إيران. وأضاف: أن «كثيرا من هؤلاء الإخوة كانوا قيادات هنا (في مصر) مثل الشيخ المقرئ وثروت صلاح، وأن بعضهم كان من جيل الصف الثاني».

وتابع قائلا إن التهم التي صدرت بها أحكام بالإدانة والملاحقة من أيام النظام السابق، كانت موحدة تقريبا.. «مثل محاولة قلب نظام الحكم والاشتراك في تنظيم ضد الدولة، والانضمام لجماعة مسلحة، والاتفاق الجنائي، والتحريض على الجرائم الإرهابية، مضيفا أن كل هذه كانت «تهم مرسلة وليس عليها أدلة، كما أن الإخوة الصادر ضدهم أحكام لم يقبض عليهم في حينه، ومعظمهم صادر ضدهم أحكام غيابية».

وقال إنه بالإضافة إلى الأسماء الـ13 المطلوب العفو الرئاسي عنهم، هناك عدد آخر من «الإخوة» عادوا بالفعل إلى مصر خلال شهر رمضان الماضي من بينهم علاء حسن عبد الغني البربري، وهو من محافظة الإسكندرية وموجود حاليا في سجن برج العرب (غرب الإسكندرية). ورجع البربري من السودان بعد أن كان محكوما عليه بالسجن 7 سنوات في قضية «العائدون من ألبانيا» أيضا. واستقبل ياسين، البربري في المطار حين وصوله لمصر، واصطحب إلى النيابة العسكرية حيث تم التصديق على الحكم الصادر بحقه، وتم تقديم طعن، وقال ياسين، «في انتظار النظر في الطعن، وكذا تقدمنا بطلب لرئاسة الجمهورية للعفو عنه».

كما تضمن الطلب المقدم من الجماعة الإسلامية إلى الرئيس مرسي، العفو عن أحد القيادات الإسلامية ممن عادوا أخيرا بالفعل إلى مصر من المحكوم عليهم، واسمه محمد مصطفى أبو غربية، ومحكوم عليه بالسجن 15 سنة، وهو من محافظة الإسكندرية، وتم احتجازه منذ دخوله مصر الأسبوع الماضي، مقبلا من مالطا؛ حيث كان يعيش طيلة الخمس عشرة سنة الأخيرة في آيرلندا.

ويوجد أبو غربية الآن في سجن شديد الحراسة «العقرب» جنوب القاهرة. وتم اتخاذ نفس الإجراءات معه من حيث تقديم طعن وطلب بالعفو الرئاسي ولم يتم الفصل في أي منهما بعد. كما وصل إلى مصر الأسبوع الماضي (يوم 20 الشهر الحالي) مقبلا من العاصمة اليمنية صنعاء، قيادي إسلامي آخر من المحكوم عليهم بالسجن 7 سنوات واسمه صفوت محمد عثمان. وترجع أصول عثمان إلى محافظة بني سويف جنوب القاهرة.

وعاد إلى القاهرة مقبلا من صنعاء أيضا يوم 21 الشهر الحالي قيادي إسلامي آخر اسمه عاطف أبو جبل، وهو أساسا من أبناء محافظة المنوفية بشمال القاهرة. وقال الشيخ ياسين إن أبو جبل لم تكن عليه أي أحكام بالإدانة في مصر، وتم الإفراج عنه وخرج من المطار إلى بيته.

وتقول تقارير إن قطاعات من المصريين تتخوف من أن يتسبب العفو عن مثل هذه القيادات الجهادية في عودة العنف للبلاد مرة أخرى، خاصة مع تنامي الأحداث الإرهابية في سيناء. لكن ياسين قال إن هؤلاء (الإسلاميين المطلوب العفو عنهم) يريدون بدء صفحة جديدة «وكل واحد يتحمل مسؤولية أفعاله».

وتابع ياسين قائلا، إن «مبادرة الجماعة الإسلامية عام 1996 (لنبذ العنف) أثرت إيجابيا على الإسلاميين والجهاديين»، مشيرا إلى أن الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وغيرهما من التيارات الإسلامية «أصبحت لهما أحزب سياسية بعد ثورة 25 يناير 2011 وسلكوا طريق السياسة ولن ينخرطوا في أي تنظيمات سرية ولن يمارسوا أي شيء في الخفاء».