اليمن: نجاة مستشار الرئيس من محاولة اغتيال ومقتل اثنين من «القاعدة»

«أوكسفام» لـ «الشرق الأوسط»: نصف اليمنيين بلا غذاء.. وندعو إلى تحرك عاجل لإنقاذ الفقراء

طفل يمني أمام أحد بيوت الصفيح حيث يعيش عدد من الأسر في ظروف إنسانية بائسة في العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

نجا مستشار الرئيس اليمني وأمين عام الحزب الاشتراكي في البلاد من محاولة اغتيال، في حين لقي عنصران من عناصر تنظيم القاعدة مصرعهما، أمس، في غارة جوية شرق اليمن.

ونجا ياسين سعيد نعمان، مستشار الرئيس اليمني وأمين عام الحزب الاشتراكي اليمني، من محاولة اغتيال في صنعاء، بحسب ما أفاد مصدر مقرب منه لوكالة الصحافة الفرنسية أمس. وذكر المصدر أن مسلحين بثياب عسكرية في «نقطة تفتيش وهمية» اعترضوا سيارة نعمان بينما كان عائدا إلى منزله مساء الاثنين. وقال المصدر إن المسلحين «أطلقوا النيران نحو السيارة في جولة سبأ أثناء عودته من فندق (موفنبيك)». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن نعمان «نجا ولم يصب بأذى، فيما اخترقت سيارته عدة طلقات نارية وواصل سائقه والحارس الشخصي السير نحو المنزل».

والدكتور ياسين سعيد نعمان يعد إحدى أبرز الشخصيات السياسية في اليمن، وهو قيادي كبير في تكتل اللقاء المشترك المشارك في حكومة الوفاق الوطني، وكان يرأس التكتل عام 2011. وعُيّن في 6 مايو (أيار) المنصرم مستشارا سياسيا لرئيس الجمهورية. وتولى نعمان رئاسة أول برلمان في اليمن الموحد بين عامي 1990 و1993، كما رأس آخر حكومة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين عامي 1986 و1990. ويأتي هذا الحادث بعد أيام فقط من محاولة اغتيال استهدفت وزير النقل وعاد عبد الله باذيب يوم السبت في عدن. وباذيب أيضا عضو في الحزب الاشتراكي.

إلى ذلك، قالت مصادر رسمية يمنية إن شخصين، على الأقل، قتلا في ضربة جوية وقعت في منطقة صحراوية تتوسط محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، من دون الإشارة إلى الجهة التي قامت بالغارة الجوية، غير أن مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الغارة نفذت بواسطة طائرة أميركية من دون طيار، في سياق عمليات ملاحقة عناصر «القاعدة» التي تجري في اليمن من قبل المخابرات الأميركية. وتشير المصادر إلى أن القتيلين أحدهما يمني والآخر يحمل الجنسية السعودية، وجاءت هذه الضربة بعد قرابة أسبوعين من توقفها بعد ضربات مماثلة جرت في مأرب والبيضاء وشبوة. وذكر موقع «مأرب برس» الإخباري أن الغارة الجوية استهدفت سيارتين أثناء مرورهما على الحدود الشرقية لمحافظة مأرب مع محافظة حضرموت، في منطقة «قهب الحصان»، القريبة من منطقة «العبر». وأكدت المصادر أن الغارة الجوية أسفرت عن مقتل شخصين، أحدهما سعودي الجنسية، والآخر من قبائل «الصيعر» في محافظة مأرب. كما شن الطيران الحربي اليمني أمس عدة غارات جوية على عدد من تجمعات مسلحي «القاعدة» في محافظة أبين. وقالت مصادر محلية إن الطيران الحربي حلق أمس على علو منخفض في المناطق الواقعة بين محافظتي إب وأبين، وذلك عقب انتشار عدد من مسلحي «القاعدة» في مديريتي السدة والنادرة بمحافظة إب، وانتشارهم في مديرية المحفد بمحافظة أبين.

على صعيد آخر، حذرت منظمة إنسانية دولية من تسارع الخطى في تفاقم الوضع الإنساني وأزمة الغذاء في اليمن، وقالت جين كوكنغ، مديرة الشؤون الإنسانية بمنظمة «أوكسفام»، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أكثر من 10 ملايين يمني (قرابة نصف السكان) ليس لديهم ما يقيم أودهم من طعام. ولم يعد أمام العائلات اليمنية إلا الاستغناء عن بعض الوجبات، وإخراج أبنائها من المدارس، وبيع ما تبقى لها من متاع قليل، لمجرد أن تبقى على قيد الحياة. وقد علمنا درس أزمة القرن الأفريقي أن لتأخر الاستجابة تكلفة باهظة في الوفيات، والأموال، ومستقبل الأجيال القادمة».

وأضافت كوكنغ أنه «على الرغم من الوعود السخية التي شهدها مؤتمر أصدقاء اليمن في مايو الماضي، لا تزال الاستجابة الإنسانية تعاني من نقص خطير في التمويل، فقد تم الوعد بتقديم 4 مليارات دولار لمعالجة الأزمة في اليمن، لكن لا يزال من غير الواضح حجم ما تم تلقيه بالفعل من ذلك التمويل، وما الذي استهدف دعمه، والأهم، متى يصل!».

وأكدت المسؤولة الإنسانية في تصريحاتها الخاصة لـ«الشرق الأوسط» على أن «المساعدات الإنسانية، على وجه الخصوص، لا تتمتع بالأولوية المناسبة على الرغم من توافر آليات مساعدة شفافة وقابلة للمساءلة، مثل خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن، وصندوق الرعاية الاجتماعية الحكومي، وهو برنامج رفاه على مستوى الدولة يوفر للناس مبالغ نقدية صغيرة لمساعدتهم على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية».

وقالت جين كوكنغ إن نداء الأمم المتحدة لليمن يعاني من «نقص خطير في التمويل، يلقى معه الملايين من الرجال والنساء والأطفال العنت الشديد في الحصول على الطعام، والمياه والأدوية»، وذلك لأن النداء يحتاج إلى «تمويل يبلغ نحو 584 مليون دولار، لم يصل منه حتى الآن سوى 259 مليون دولار فقط، وهو ما خلق فجوة تمويلية هائلة من الضروري سدها بسرعة»، وأكدت أن الدول العربية المانحة «لم تلب النداء حتى الآن سوى قليلا، مفضلة القنوات الثنائية التي لا تنسيق بينها وبين جهود المساعدات الدولية ومشروعات التنمية طويلة الأجل، لكن، على الرغم من الدور المحوري للتنمية طويلة الأجل في حل الأزمة، فإنها يجب ألا تأتي على حساب المساعدات الإنسانية العاجلة».

وتطرقت كوكنغ إلى وضع النساء في اليمن، وقالت إنهن، خاصة الحوامل والمرضعات، أصبحن من «أكثر الفئات المعرضة للمخاطر، وفي الكثير من الأحيان تكون النساء هن أقل من يأكل في الأسرة، وقد أشار شركاء منظمة (أوكسفام)، مثل اتحاد نساء اليمن، إلى زيادة معدلات الزواج المبكر، حيث تلجأ العائلات إلى تزويج بناتهن في سن مبكرة للتخفيف من وطأة الأزمة، خاصة بين عائلات النازحين الذين أدى استمرار عدم الاستقرار إلى تفاقم أوضاعهم»، واعتبرت أن «الزواج المبكر من أهم معوقات التنمية، حيث يسهم في ارتفاع نسبة الوفيات بين الأمهات، وانخفاض معدلات التعليم بين الفتيات وهو ما يقصي المرأة عن لعب دورها الجوهري في التنمية المجتمعية».

ودعت مسؤولة «أوكسفام» إلى «التحرك السريع والمناسب الآن في غاية الضرورة إذا أردنا ألا نخسر المزيد من البشر ومن تدمير مستقبل الأجيال القادمة»، وحثت «المجتمع الدولي، وبصفة خاصة دول الخليج، على الدعم العاجل لفقراء اليمن من خلال المساعدات الإنسانية على الأرض التي تساعدهم على اجتياز هذه الأزمة الغذائية المدمرة».