والدة راشيل: العدالة في إسرائيل منقوصة وبعيدة عن النزاهة وجرحتني في الصميم

محكمة حيفا تبرئ الجيش من مسؤوليته في قتل الناشطة الأميركية المؤيدة للقضية الفلسطينية

TT

رفضت المحكمة الإسرائيلية في حيفا، أمس، تحميل إسرائيل أي مسؤولية عن تهمة التسبب في مقتل الناشطة الأميركية راشيل كوري، التي سحقتها جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في قطاع غزة عام 2003. وقبلت المحكمة كل ادعاءات وزارة الدفاع الإسرائيلية بهذا الشأن. وقال القاضي عوديد غيرشون إن وفاة كوري تمثل حادثا مؤسفا، لكن «الدولة (إسرائيل) غير مسؤولة عنها لأن الواقعة حدثت خلال أحداث حربية، حاول الجنود الإسرائيليون خلالها بذل قصارى جهدهم لإبعاد الناس عن الموقع، لكن كوري لم تبتعد عن المنطقة كما كان من المفترض أن يفعل أي شخص يفكر». وردت والدة راشيل، التي حضرت خصيصا من الولايات المتحدة لتستمع إلى الحكم، قائلة إن «العدالة في إسرائيل منقوصة وبعيدة عن النزاهة وجرحتني في الصميم».

وراشيل كوري هي يهودية أميركية شابة، انضمت إلى المنظمة الأميركية - البريطانية للتضامن مع الشعب الفلسطيني (ISM) عام 2002، عندما كانت في الثانية والعشرين من العمر. ونشطت كمتطوعة في بلدات وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي 16 مارس (آذار) من عام 2003، توجهت راشيل مع ستة نشطاء آخرين إلى حي السلام في رفح، لتتصدى لجرافات الاحتلال الإسرائيلي التي جاءت لتنفيذ عملية تجريف. وقد وقفت أمام الجرافة وهي تحمل مكبر صوت وتنادي قادة جيش الاحتلال بأن يكفوا عن فعلتهم، لكن أحدا لم يرد عليها، بل تقدمت منها جرافة عملاقة يبلغ وزنها 60 طنا وداستها مرتين، حتى هشمت جمجمتها وأطرافها، فلفظت أنفاسها على الفور.

وفي حينه حاولت السلطات الإسرائيلية اعتبار الأمر حدثا عرضيا، بل حملت جزءا أساسيا من مسؤولية قتلها لحركة التضامن المذكورة «التي لم ترضخ للأوامر الجديدة التي أصدرتها قوات الجيش هناك (قبل خمس دقائق من حادث القتل) وتفيد بمنع الوجود في المكان بتاتا». وطالب ذوو الفقيدة، ومعهم منظمات عديدة لحقوق الإنسان، بإجراء تحقيق قضائي جدي حول القضية ومحاكمة الضباط وغيرهم من المسؤولين الإسرائيليين. لكن إسرائيل اكتفت بإجراء تحقيقات في المؤسسة العسكرية نفسها، ثم أغلقت الملف.

وقد قررت عائلتها رفع دعوى في محكمة إسرائيلية سنة 2005، تطلب فيها تعويضات رمزية بهدف الإبقاء على القضية مشتعلة وعدم السماح بدفنها والإصرار على كشف المعلومات الدقيقة عن الجريمة، كما صرح والدها كريغ كوري. وحضر والداها وخالتها إلى إسرائيل خصيصا للوجود في قاعة المحكمة. واستقبلهم السفير دان شبيرو، نهاية الأسبوع الماضي، وأبلغهم بموقف الإدارة الأميركية، الذي يرى أن التحقيق الإسرائيلي في القضية غير جدي.

وفي جلسة المحكمة أمس حضرت وفود من الصحافة الأميركية والعالمية. وصرح محامي العائلة، حسن أبو حسين، وهو من فلسطينيي 48، بأن قرار المحكمة يسيء لحقوق الإنسان وللقانون الدولي، لأن راشيل قتلت بشكل متعمد، ويعتبر تشريعا للمساس بالأبرياء الآخرين في المناطق الفلسطينية.

وقد رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ببيان رسمي جاء فيه أن المحكمة اللوائية في حيفا توصلت إلى حكم بشأن الدعوى التي رفعتها عائلة راشيل كوري ضد وزارة الدفاع. وقبل القاضي عوديد غيرشون في حكمه جميع الحجج التي قدمها مكتب النيابة العامة (لواء تل أبيب). وجاء أيضا «بلا شك، تعتبر وفاة راشيل كوري حادثة مأسوية. كما ينص الحكم، كان لسائق الجرافة ولقائده مجال رؤية محدود جدا بحيث لم تتوافر لهما أي إمكانية لرؤية الآنسة كوري، ولذلك تمت تبرئتهما من أي تهمة بالإهمال. إن الحكم يعتمد على ثلاثة تحقيقات مختلفة تم استعراضها في المحكمة من قبل مكتب النائب العام»، موضحا أن «السائق لم يستطع رؤية الآنسة كوري، ولذا لم يستطع أن يمتنع عن وقوع هذا الحادث. إضافة لذلك، فإن الخبير الذي خُوّل من قبل عائلة كوري أدلى بشهادته، ولاحظ، أيضا، أن السائق لم يشاهد الآنسة كوري بسبب طابع الآلية التي كان يقودها. ولاحقا لذلك، فإن العملية التي توصف في الدعوى كانت تعتبر (عملية عسكرية خلال حرب) وفقا لكل المعايير، لذا فإن الدولة ووزارة الدفاع بريئتان من أي مسؤولية عنها. وكانت القوات العسكرية التي عملت في محور فيلادلفيا خلال عام 2003 مضطرة للقيام بعمليات تجريف لكشف عبوات ناسفة شكلت تهديدا حقيقيا على حياة الجنود، بينما هذه العمليات لم تشكل أبدا خطرا على منازل فلسطينية في هذه المنطقة. تم القيام بهذه الأعمال بموازاة الحفاظ على أعلى درجة من الحذر والحيطة وبلا قدرة على توقع تسبب الإيذاء لأحد».