البنتاغون يعترف: جنود حاولوا حرق 500 مصحف

معاقبة جنود أميركيين «اداريا» وليس جنائيا بعد ان انتهكوا حرمة جثث مقتولين أفغان

TT

بينما أعلن البنتاغون معاقبة جنود أميركيين كانوا ظهروا، في بداية السنة، في فيديو وهم يتبولون على جثث أفغان تابعين لحركة طالبان كانوا قتلوهم في معركة شرسة، اعترف البنتاغون بأن جنودا أميركيين في قاعدة باغرام في أفغانستان حاولوا، في بداية هذه السنة، حرق 500 مصحف، عكس تقارير إخبارية سابقة قالت إنهم حرقوا، أو حاولوا حرق، ثلاثة أو أربعة مصاحف فقط.

لكن، قال التقرير الذي أصدره البنتاغون، بعد ستة شهور من التحقيقات، أنه، على الرغم من مطالب مسؤولين أفغان بمحاكمة الجنود الأميركيين المسؤولين عن حرق المصاحف، رفض مسؤولون عسكريون أميركيون ذلك. وقالوا إنهم، بدلا عن ذلك، اتخذوا خطوات إجراءات تأديبية ضد ستة جنود لما وصفوه بأنه «خطأ غير مقصود».

وأشار التقرير إلى غياب، وقلة، الوعي الديني والثقافي وسط القوات الأميركية بالظروف التي يحاربون فيها في أفغانستان. وأن كثيرا من الجنود، قبل إرسالهم إلى أفغانستان، شاهدوا شريط فيديو حول الإسلام طوله ساعة، أو محاضرة بالفيديو طولها أيضا ساعة. وأن الجنود، والذين دربوهم، على الرغم من أنهم «يدركون عموما أن القرآن نص مقدس»، يجهلون الجريمة الثقافية المتطرفة التي يمكن أن يسببها امتهان القرآن الكريم.

وأمس، لم يكشف البنتاغون أسماء الجنود الستة الذين اشتركوا في حرق المصحف. وذلك لأنهم عوقبوا عقوبات إدارية (لم تحدد)، ولم يواجهوا تهما جنائية.

وأيضا، أعلن البنتاغون أمس عقوبات تأديبية أخرى على ثلاثة من أفراد مشاة البحرية لأن شريط فيديو أظهرهم وهم يتبولون على جثث جنود تابعين لحركة طالبان. وقال البنتاغون إن هؤلاء الجنود وقعت عليهم «عقوبات غير قضائية في إطار الاتفاقيات الموقعة» بين الحكومتين الأميركية والأفغانية. عادة، تتضمن العقوبات غير القضائية تخفيض رتبة العسكريين، أو فرض قيود على تحركاتهم، أو تكليفهم بأعمال إضافية، أو دفع غرامة مالية، أو توبيخ، أو مجموعة من هذه العقوبات، وبالنسبة لحادث التبول على الجثث، أقر واحد من الجنود الثلاثة بالتبول على جثة مقاتل من طالبان، بينما اعترف ثاني بتصوير الحادث الذي نشر في الإنترنت، واعترف الثالث بعدم الإبلاغ عن هذا التمثيل بالجثث.

وكان التسجيل المصور، ومدته 39 ثانية، وانتشر في الشبكة العنكبوتية في يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهر أربعة على الأقل من جنود مشاة البحرية وهم يتبولون على الجثث في مكان غير معلوم بأفغانستان.

في ذلك الوقت، أثار تصرف الجنود انتقادات وحملات انتقام عنيفة في أفغانستان وباكستان. وأدانها كبار المسؤولين الأميركيين، ومن بينهم وزير الدفاع ليون بانيتا. كما أدان الحادث الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. ووصف كرزاي تصرف الجنود الأميركيين بالسلوك «غير الإنساني». وطالب الحكومة الأميركية بـ«التحقيق العاجل». وأيضا «توقيع أشد عقوبة على أي شخص يدان في هذه الجريمة».

وبالنسبة لحرق المصاحف، أوضح تقرير البنتاغون أنه حدث بسبب «سلسلة من الحماقات لضباط الجيش والشرطة العسكرية الأميركية الذين لا يتكلمون أي لغات محلية.» وأنهم «عن طريق الخطأ»، افترضوا إمكانية التخلص من مواد اعتبروها متطرفة كانوا وجدوها في مكتبة سجن «باروان». ويقع هذا السجن عند حافة قاعدة باغرام الأميركية الجوية العملاقة خارج العاصمة كابل.

وأنه، بعد الاشتباه في أن السجناء كتبوا ملاحظات غير مشروعة على هوامش كتب المكتبة، طلبت القوات الأميركية من مترجم أفغاني مراجعة الكتب. وأن المترجم «عن طريق الخطأ»، كما كتب التقرير، قال إن أغلبية المواد في المكتبة «متطرفة».

وبناء على ذلك، كما كتب التقرير، جمع حراس السجن أكثر من 2.000 من «الكتب»، منها 474 مصحفا، و1.100 من الكتب الدينية الأخرى. وأن البقية كانت «علمانية».

وأنه، عندما علم الجنود والحراس في السجن نية التخلص من هذه الكتب، «اعترضوا بأصوات عالية». لكن، رفضت القوات الأميركية الاستجابة لأنها كانت تنفذ أوامر غير واضحة، ولأنها كانت تشك في حلفائها الأفغان. وقررت نقل المواد إلى حفرة حرق في القاعدة.

وحسب التقرير، أنقذت أغلبية الكتب «في اللحظة الأخيرة عن طريق العمال الأفغان في القاعدة، والذين، سريعا، أوقفوا نار المحرقة، وصبوا الماء عندما علموا أن كومة القمامة اليومية فيها كتب مقدسة». غير أن التقرير اعترف بأن «ما يصل إلى 100» من المصاحف وغيرها من الكتب الدينية كانت أحرقت.

وحسب التقرير، سارع الأفغان، وأخفوا ما تبقى من المصاحف تحت السجاد، وفي أدراج، وحتى في أفران مايكروويف في المطبخ.

وفي نهاية التقرير، كتب ضابط التحقيق، الجنرال بريان واتسون، أنه لم يعثر على أدلة عن وجود «نوايا خبيثة لازدراء القرآن، أو التشهير بالإسلام من جانب القوات الأميركية». وأضاف: «في نهاية المطاف، سبب هذا الحادث المأساوي هو قلة الوضوح بين القادة والضباط، وعدم مشاركة قادة كبار في القرار، وانعدام الثقة بيننا وبين شركائنا».