الرئيس السوداني يعد بتنمية الشرق.. وبدستور يضمن الحكم الرشيد

الحركة الشعبية بشمال السودان تشدد على إسقاط نظام البشير وتحقيق الكونفدرالية مع الجنوب

TT

دعا الرئيس السوداني عمر البشير إلى ضرورة العمل في بناء «سودان يسع الجميع»، وكشف أن البلاد مقبلة على إعداد «دستور دائم» يلبي متطلبات الحكم الرشيد. ودعا الرئيس أيضا إلى رفع معاناة مناطق شرق البلاد من ثلاثي «التخلف والجهل والمرض»، مبديا استعداد حكومته لدعم مشاريع التنمية في المنطقة بأموال رصدت لصندوق «إعمار الشرق».

وقال البشير أثناء مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث لـ«حزب مؤتمر البجا» في الخرطوم أمس، إن شرق البلاد حدثت فيه نقلة تنموية بعد توقيع «اتفاق شرق السودان» بالعاصمة الإريترية أسمرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2006. وأشاد البشير بأحزاب «جبهة الشرق»، وقال إنها التزمت ببنود الاتفاقية، وإن أبناء الشرق أهل عهود ومواثيق، متمنيا أن يخرج المؤتمر العام لحزب مؤتمر البجا بنتائج تسهم في بناء سودان «يلبي تطلعات شعبه».

من جهته، قال موسى محمد أحمد، مساعد رئيس الجمهورية ورئيس حزب مؤتمر البجا، في كلمته لمؤتمر حزبه، إن «اتفاق سلام الشرق» لم يشهد خرقا واحدا لتوافر الإرادة السياسية لدى الأطراف الموقعة عليه. ودعا محمد أحمد، في كلمته، إلى الاستناد إلى «الاتفاق النفطي» مع دولة جنوب السودان، واعتباره مدخلا للتكامل الاقتصادي بين البلدين، وفي الوقت ذاته إلى اعتبار «اتفاق الدوحة» بين حركة التحرير والعدالة والحكومة السودانية طريقا لإحلال السلام الشامل في دارفور، مناشدا الحركات التي تحمل السلاح كافة للحاق بـ«وثيقة الدوحة».

وحدد مساعد الرئيس أولويات، قال إن على الحكومة المركزية الانتباه لها في ما يتعلق بتنمية الإقليم الذي يمثله «الشرق»، وهي الاهتمام بالزراعة الآلية في القضارف، ومشروع سدي نهري عطبرة وستيت، وإعادة تأهيل مشروع القاش الزراعي، وحل مشكلة مياه ولاية البحر الأحمر، وتوفير الخدمات الأساسية في شرق السودان. ويشهد حزب «مؤتمر البجا» صراعات داخلية، وتتهم مجموعات داخله موسى محمد أحمد رئيس الحزب الحالي ومساعد الرئيس ومجموعته بأنهم موالون لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وأنهم تخلوا عن قضية الشرق. وتصف المجموعات المناوئة المؤتمر بأنه «مؤامرة» ضد الشعب البجاوي، وبأنه تمثيلية بطلها المؤتمر الوطني، لتقوية المجموعات البجاوية الخاضعة لتعليماته. وسخرت تلك المجموعات في نشرة محدودة من إقامة المؤتمر في الخرطوم، وقالت إن الهدف منه ترتيب الأوضاع لإعادة انتخاب الرئيس الحالي مرة أخرى، وإن الرئيس موسى محمد أحمد يخشى جماهيره. واستغربت من عقد مؤتمر لحزب إقليمي ثقله الجماهيري في شرق البلاد في الخرطوم، معتبرة الأمر مثيرا لأكثر من علامة استفهام. وفي سياق آخر، قالت السلطات في ولاية شمال دارفور إنها حررت خمسة رهائن اختطفتهم مجموعة تنتمي لحركة تحرير السودان قبل 67 يوما في منطقة «قلاب»، أثناء قيامهم بمهمة رسمية بصفتهم موظفين في محلية «طويلة». وحسب وكالة الأنباء السودانية، أقامت ولاية شمال دارفور احتفالا خاصا بعودة المخطوفين خاطبه الفاتح عبد العزيز عبد النبي نائب الوالي، وشكر خلاله الجهات التي أسهمت في إطلاق سراح المخطوفين كافة من دون أن يسميها. فيما انتقد عبده داود سليمان، وزير المالية بالولاية، في الاحتفال، ما سماه بـ«الأعمال العدائية» التي تنتهجها الحركات المسلحة الرافضة للسلام، ووصفها بأنها «لا تمت بصلة» لقضية الإقليم التي تزعم أنها حملت السلاح من أجله.

من جهة أخرى، شددت الحركة الشعبية - قطاع شمال السودان - على أنها تعتزم إسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير عبر تطوير آلياتها وإقامة نظام ديمقراطي بديل ووحدة كونفدرالية مع دولة جنوب السودان. وكشفت القيادة العسكرية للحركة عن استعدادها لشن حملات مسلحة على الحكومة السودانية خلال الأيام المقبلة في ما أطلق عليه الهجوم الصيفي بالتعاون مع حلفائها في تنظيمات دارفور تحت مظلة الجبهة الثورية.

وقال مالك عقار، رئيس الحركة، في خطاب أمام اجتماع المجلس القيادي لحركته عقد في كاودا ليومين تحت شعار «توحيد العمل المعارض وإسقاط النظام» واختتم أول من أمس، أرسلت الحركة نصه عبر تعميم صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الحركة ستعمل في تقوية التحالف مع الجبهة الثورية التي شكلتها مع الحركات المسلحة الأخرى (حركة العدل والمساواة، فصيلي تحرير السودان بقيادة مني آركو مناوي وعبد الواحد محمد نور) لقيادة عملية التغيير في البلاد. وقال إن الجبهة الثورية وجدت لتبقى وتقود وتنتصر، إلى جانب تعزيز العمل المشتركة مع قوى المعارضة الأخرى. وأرسل تطمينات إلى الشعب السوداني بأن الحركة ستكون متسامحة. وأضاف أن الحركة ستضع خطة مفصلة لإكمال التحالف مع قوى المعارضة بهدف إسقاط النظام الحاكم.

وحمل عقار الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان مسؤولية الحروب التي شهدتها البلاد منذ استقلالها عام 1956. وقال إن حركته ستعالج هذا الخلل بإقامة المؤتمر الدستوري وإعادة صياغة الدولة السودانية على أسس جديدة تقوم على رغبات الشعب السوداني، معلنا عن عزم حركته بعد إسقاط النظام الحاكم العمل على قيام وحدة كونفدرالية بين دولتي السودان وجنوب السودان تخلق التعايش بينهما وتحقق المصالح المشتركة بفتح الحدود وتنسيق سياسي واقتصادي.

من جانبه، أكد الفريق عبد العزيز آدم الحلو، رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي نائب رئيس الحركة والذي يشغل رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجبهة الثورية، على انتظام اجتماع أركان الجيش الشعبي. وقال إن الاجتماع اتخذ العديد من الإجراءات والبدء فعليا في تنفيذ برنامجها المشترك (للجيش الشعبي وهياكلها السياسية) والقيام بواجباتها في الجبهة الثورية. وقال الحلو في كلمته أمام الاجتماع إن الهجوم الصيفي القادم لقوات المؤتمر الوطني غير خاضع لمقاييس الفشل، وقطع بأنه سيزلزل أركان النظام - على حد تعبيره. وأضاف «استعداداتنا تجري على قدم وساق للقيام بعمل ميداني مشترك في إطار الجبهة الثورية بشكل لم تشهده ميادين القتال من قبل». وقال «نحن على اطلاع تام على أوضاع المؤتمر الوطني العسكرية والسياسية والاقتصادية»، بعد أن وصف المؤتمر الوطني بالعصابة المتغطرسة والمستبدة بالسلطة.

وقال ياسر عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الشعبي، إن حركته لا تعرف المستحيل وإنها نجحت في تطوير نفسها واستمرت في النضال رغم الصعاب. وأضاف أن الحركة ستحرر السودان وتقيم علاقات جيدة مع دولة جنوب السودان. وقال «العلاقة مع جنوب السودان ستكون لصالح الشعب السوداني». وأضاف أن الحركة الشعبية ظلت موجودة في الشمال رغم العنف والقهر الذي تنتهجه مؤسسات الدولة السودانية، معتبرا أن الخرطوم لم تحترم تنوع السودان. وقال إن المؤتمر الوطني يعيش أسوأ حالاته، وإن دارفور تشهد أحداثا وتطورات متسارعة، وإن المظاهرات قامت في أكثر من أربعين مدينة وقرية في الشمال، مشيرا إلى أن نظام المؤتمر الوطني قام باعتقال أكثر من 3000 ناشط من الكوادر الشبابية والطلابية بالخرطوم. وسخر عرمان من تهديدات الخرطوم، وقال إن «صلاة الرئيس السوداني عمر البشير حتى في القصر الجمهوري ستكون صعبة في الأيام القادمة دعك عن كاودا ويابوس». وقال إن الحركة الشعبية نجحت في تأسيس 14 مكتبا في الخارج لتوصيل رسالة السودان الجديد والتصدي لمحاولات المؤتمر الوطني على المستوي الدولي والدبلوماسي.