تونس: المكتب التنفيذي لحركة النهضة يكلف حمادي الجبالي التنسيق بينها وبين الحكومة

الحكومة ترد على منتقديها بفتح ملفات الفساد

TT

كشفت حركة النهضة الإسلامية، الحزب الحاكم في تونس ضمن ائتلاف ثلاثي، عن هيكلة جديدة لمكتبها التنفيذي تم بمقتضاها إسناد مهمة تنسيق العمل بين حركة النهضة التي تقود إدارة البلاد والحكومة التي يترأسها حمادي الجبالي إلى الجبالي نفسه، باعتباره أمينا عاما لحركة النهضة. وقال زياد الدولاتلي، القيادي بالحركة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولية الجديدة تم إقرارها في إطار الهيكلة الجديدة، كما أن تركيبة المكتب التنفيذي قد عرفت بدورها تقليصا في عدد أعضائها من 32 عضوا إلى 17 عضوا فقط.

ولقي هذا الخبر انتقادات عدة من قبل القيادات السياسية للأحزاب المعارضة التي اعتبر البعض منهم في تصريحات إعلامية أن هذه المهمة الجديدة الموكولة لحمادي الجبالي ستؤكد التداخل بين الحكومة والحزب الحاكم من جديد. وتوجه الأقلية المعارضة من ناحيتها انتقادات إلى راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، تتهمه برئاسة تونس من وراء الستار وإبداء الرأي في كل القرارات الحكومية والحسم في الكثير منها.

من ناحية أخرى، يستعد شباب حركة النهضة لتنظيم مظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبلة بساحة الحكومة بالقصبة تحت شعار «المحاسبة والتطهير»، هدفها المطالبة بإيقاف المتورطين في قضايا الفساد وفي قتل شباب الثورة التونسية، ونفت قيادات حركة النهضة عبر موقعها الإلكتروني أية صلة لها بتلك المظاهرة. وكانت مجموعة من الوزارات التونسية قد انطلقت في الإعلان تباعا عن الكشف عن ملفات فساد مالي وإداري، وعقد وزراء الخارجية والفلاحة والتشغيل لقاءات إعلامية للإعلان عن فتح ملفات الفساد ومتابعة مرتكبيها لدى القضاء التونسي. كما أعلنت وزارتا أملاك الدولة والتجارة بدورهما عن قرب الكشف عن ملفات فساد صنفوها ضمن الأحداث التي ستفاجئ الرأي العام التونسي. فبعد تباطؤ الحكومة في التعامل مع أحد مطالب الثورة، فاجأت الحكومة الشارع التونسي بتواتر عمليات الكشف عن ملفات الفساد، وصرح عبد الوهاب معطر، وزير التكوين المهني والتشغيل، بأن الوزارة ستكشف عن ملفات فساد وأن الرئيس السابق «أغدق أموالا طائلة على وجوه إعلامية بارزة» في مواصلة للحرب الدائرة بين الحكومة والإعلاميين. وكشف سليم بن حميدان، وزير أملاك الدولة، عن اعتزام الوزارة مصادرة الأملاك والعقارات التي أهداها الرئيس التونسي السابق إلى شخصيات نقابية وإعلامية وسياسية، وهدد بالكشف عن أسماء المنتفعين بتلك العطايا.

وأفردت بعض الوزارات ملفات خاصة للسياسيين والنقابيين والإعلاميين في ما يشبه عملية «لي ذراع» بين حركة النهضة التي تقود البلاد بعد فوزها بـ89 مقعدا من جملة 217 مقعدا بالمجلس التأسيسي (البرلمان)، ومنتقدي محاولة استفرادها بالحكم والهيمنة على مفاصل الدولة التونسية. واعتبر محللون سياسيون أن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة الهجوم المعاكس الذي تشنه حكومة الجبالي على قادة «الثورة المضادة» الذين تتهمهم بتعطيل الثورة والسعي إلى إبطال عمليات التنمية والتشغيل في الجهات تمهيدا لاتهامها بالعجز عن إدارة البلاد وعدم تنفيذ أهداف الثورة. بينما رد وزراء من الحكومة بأن الفترة الماضية كانت مخصصة للاطلاع على الملفات واستكمال التحقيقات القضائية، وقد حان الوقت للكشف عن خفايا ملفات الفساد التي شاركت فيها فئات اجتماعية كثيرة وانتفعت بالكثير من أموال التونسيين دون وجه حق. في هذا السياق، قال عادل الشاوش، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد المعارضة، إن الحركة توافق على فتح ملفات الفساد دون استثناء، ولكنها تقف ضد استعمال تلك الملفات بصفة انتقائية وتهديد معارضي الحكومة بالكشف عن ملفات قد يكون البعض منها وهميا أو وراءه وشايات مغرضة. وطالب الشاوش في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» بضرورة توخي الحذر وألا تستثني الحكومة بعض قيادات الأحزاب السياسية وبعض الشخصيات الموالية لها، وقال إن بعضهم قد يكون متورطا بدوره في تلك الملفات وألا تحمي أي طرف لكونه مشاركا لها في قيادة البلاد.

ومن ناحيته، أشار بلقاسم حسن، الأمين العام لحزب الثقافة والعمل، إلى حق الحكومة في الكشف عن ملفات الفساد والرشوة في أي موعد تراه مناسبا، بل إن هذا الملف من أهم أولوياتها، على حد قوله.