السلطة تشكك في تقارير حقوقية تتهم الرئاسة وأجهزة الأمن بـ«القمع»

«هيومان رايتس ووتش» طلبت إعادة النظر في تمويل أجهزة تابعة لها أفلتت من العقاب

TT

شككت السلطة الفلسطينية في توقيت نشر تقارير حقوقية، دولية ومحلية، تتهم الرئاسة الفلسطينية بالوقوف وراء حوادث اعتداء على متظاهرين في رام الله قبل نحو شهرين، وتطالب بوقف الدعم الغربي لأجهزة الأمن الفلسطينية وإعادة النظر في العلاقة معها.

وقال الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية والمفوض السياسي العام، اللواء عدنان الضميري، ردا على هذه التقارير «إنها غير موضوعية». وأضاف في مؤتمر صحافي في رام الله «تزامُن توقيت نشر هذه التقارير (محلية)، مع تقرير (هيومان رايتس ووتش) الأميركية، واستخدام الكلمات والجمل والعبارات والاتهامات نفسها، ومطالبة الأخيرة بوقف الدول المانحة دعمها للسلطة، تثير تساؤلات».

وكانت تقارير انتقدت قيام قوات من الشرطة بلباس عسكري ومدني، بالاعتداء بالضرب المبرح والعنيف، على متظاهرين في رام الله يومي السبت والأحد، 30 يونيو (حزيران) والأول من يوليو (تموز) الماضيين، كانوا يحتجون على زيارة مفترضة لنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك، شاؤول موفاز، وعلى «حكم العسكر».

ورغم أن لجنة توصيات رئاسية محلية أدانت الشرطة والمسؤولين، وطالبت بمحاسبة عسكريين كبار، فإن الرئيس الفلسطيني لم يأخذ أي قرار بعد.

وإثر ذلك، دعت «هيومان رايتس ووتش» الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بصفتهما المانحين الرئيسيين للسلطة الفلسطينية، إلى إعادة تقييم مساعداتهما الأمنية.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش»، التي تتخذ من لندن مقرا لها «يتعين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاطلاع على سجل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الحافل بالإفلات من العقاب، واشتراط تقديم الدعم لهذه القوات بفتح تحقيقات ذات مصداقية ومقاضاة الانتهاكات التي ترتكبها». وأضاف «بعد مرور شهرين على الاعتداءات وصدور أربعة تقارير، لم تطبق السلطة الفلسطينية العدالة على ضباط الشرطة المسؤولين عن الاعتداءات الوحشية على المتظاهرين في الساحة الرئيسية في رام الله، ويجب على السلطة الفلسطينية وضع حد للتباطؤ، وفتح تحقيق على وجه السرعة لمحاكمة عناصر قوات الأمن المتورطين في الانتهاكات».

وكانت اللجنة الرئاسية المحلية نشرت في تقريرها الذي سلمته إلى الرئيس عباس في 24 يوليو (تموز) الماضي، أسماء ضباط الشرطة المسؤولين عن الاعتداءات، وطلبت من الرئيس محاسبتهم وضمان حرية الرأي والتعبير. ودعت «هيومان رايتس ووتش» السلطة إلى ضمان مقاضاة ضباط الشرطة جنائيا، وقالت «خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) 2009 إلى يوليو 2012، تلقت اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي المراقب الرسمي لحقوق الإنسان في فلسطين، 584 شكوى تتعلق بالتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة على يد قوات الأمن بالضفة الغربية، بما في ذلك الضرب الشديد، وضرب رؤوس المعتقلين في الحائط، وإرغامهم على الوقوف أو الجلوس في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وحرمانهم من النوم». وتابعت أنه «من بين 109 قضايا متعلقة بمزاعم حول حصول انتهاكات سنة 2012، تم ارتكاب 62 منها على يد محققي الشرطة التابعة للسلطة».

وبعد ساعات من ذلك، أصدر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية تقريرا للجنة تقصي الحقائق التي شكلها من 11 مؤسسة حقوقية فلسطينية، وخرج بنتائج تؤكد على وجود معلومات دقيقة وموثوقة بأن هناك أوامر أعطيت من مسؤولين نافذين ومستشارين في مكتب الرئاسة بالتصرف ومنع وصول المتظاهرين الرافضين لزيارة موفاز إلى رام الله، إلى مقر الرئاسة.

وقال مدير مركز الحق عضو المجلس شعوان جبارين، إن «النتائج بينت أن القمع لم يكن تصرفا فرديا من رجال الشرطة، وإنما جاء بقرار واضح عبر عن نفسه بوجود مدير شرطة محافظة رام الله والبيرة، ومدير شرطة مدينة رام الله، وحتى هؤلاء المسؤولون لم يأخذوا القرار على عاتقهم، بل جاءت من مستوى أعلى منهم». وأضاف جبارين أن «الجريمة مغطاة»، وطالب بضرورة مساءلة ومحاسبة كل من تورط في هذا الحادث «بدءا من مكتب الرئاسة وما دون».

ومن جهته، قال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عصام العاروري، إن المستوى السياسي «متورط بشكل أو بآخر» في القمع الذي تعرضت له المسيرة السلمية. وأوصت اللجنة في ختام تقريرها بمساءلة ومحاسبة كل من أمر بانتهاك حق التجمع السلمي وقمع الممارسين له.

وأقلقت مثل هذه التقارير رام الله، في وقت تسعى فيه السلطة لإظهار قدر عال من الشفافية والمسؤولية والجاهزية لإقامة دولة فلسطينية. وقال الضميري «اتهامها المباشر لمكتب الرئاسة بإصدار تعليمات باستعمال العنف والقوة، يمثل هجوما واضحا على الرئاسة، ويمثل موقفا سياسيا مستهجنا في هذا الوقت ولا يمثل موقفا قانونيا البتة». ولمح الضميري إلى حزبية وسياسة هذه المنظمات، وموقفها السياسي. وقال «سنقوم بالمحاسبة واستخلاص العبر في مجال التجمع السلمي، وفعلا تم تعريض 9 ضباط لعقوبات تأديبية قاسية جدا من السجن إلى وقف الترقيات وما بينهما من عقوبات تأديبية».