نقابة الصحافيين التونسيين تتهم مستشارا لرئيس الحكومة بقيادة «حملة تحريض» ضد الإعلاميين

حركة النهضة ترد على المعلم و تنفي تلقيها مبلغ 150 مليون دولار من قطر لتمويل حملتها الانتخابية

TT

اتهمت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين (غير حكومية) لطفي زيتون، عضو حركة النهضة الإسلامية الحاكمة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي، المكلف بقطاع الإعلام، بقيادة «حملة تحريض» ضد صحافيي تونس، فيما دعا رئيس حزب سياسي معارض إلى «إعفاء» زيتون من مهامه.

واستنكرت النقابة في بيان صادر عنها أمس «التصريحات المتتالية للمستشار السياسي سواء عبر وسائل الإعلام أو في لقاءاته المباشرة مع قواعد (حركة) النهضة في إطار حملته الرامية إلى التشويش على النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والتشكيك في نضاليتها وتحريف مواقفها وتشويه صورتها». وقالت النقابة «تحمل هذه التصريحات غير المسؤولة والتي تتنافى مع موقعه كمسؤول حكومي اتهامات لا أساس لها من الصحة، مثل تصنيف النقابة في خانة المعارضة الراديكالية والدفاع عن الفاسدين والتستر عليهم والصمت على الأخطاء المهنية المخلة بأخلاقيات المهنة».

ونبهت النقابة إلى أن «بعض تصريحات» زيتون «تحمل تحريضا ضمنيا عليها وعلى الصحافيين، وتدخل ضمن حملة تهييج شعبي قد تشكل خطرا على سلامتهم». وطالبت النقابة المستشار السياسي «بضرورة الاعتذار للنقابة ولعموم الصحافيين» التونسيين، وقالت إنها «تحتفظ بحقها في متابعته أمام القضاء».

وهدد زيتون مؤخرا بنشر «قوائم سوداء» للصحافيين الذين خدموا نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أو تورطوا في قضايا فساد في عهده. وجاءت التهديدات مباشرة إثر احتجاج صحافيين على تعيين الحكومة وجوها محسوبة على نظام بن علي في مناصب قيادية بالتلفزيون العمومي وصحيفتين خاصتين.

وقال عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب «المجد» المعارض، في تصريح لإذاعة «تطاوين» الحكومية «هناك دعوة للتجييش ضد الإعلام ككل وليس ضد رموز الفساد فقط وهذا خطر كبير». ودعا الهاني إلى إحالة ملفات الفساد في قطاع الإعلام إلى «العدالة» و«إخراج ملف الإعلام في أقرب وقت من يد المستشار السياسي لرئيس الحكومة». ولفت إلى أن الفساد في قطاع الإعلام «أصبح مادة للتوظيف السياسي والانتخابي»، وأن وضع ملف الفساد في يد زيتون «يدخل بعدا سياسيا على العملية». وقال إن زيتون الذي ينتمي إلى «شق المتشددين» في حركة النهضة «معروف بالتوتر والعجز عن ضبط النفس وخلط الأشياء بين الأبعاد الشخصية والأبعاد الحزبية».

وتساءل الهاني «لا أفهم لماذا اختارت الحكومة أن يكون ملف الإعلام بيد المستشار السياسي، وكأننا لا نريد أن نقطع مع النظام السابق الذي ألحق ملف الإعلام والإعلاميين بالمستشار السياسي عبد الوهاب عبد الله. لا أفهم لماذا هذه الرغبة في المواصلة وعدم إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق!». وأضاف «المطلوب إذا فشل وزير أو مستشار في إدارة ملف من الملفات أن يعفى من مهامه وأن يسحب منه الملف». وتابع «يذكرنا زيتون بتصريحاته وبأفعاله وبمجرد عنوان وظيفته كمستشار سياسي لدى رأس السلطة التنفيذية بممارسات الماضي». وقال «نحن بصدد إنتاج عبد الوهاب عبد الله جديد»، في إشارة إلى المستشار السياسي السابق لابن علي الذي قمع الإعلام في عهد الرئيس المخلوع. وحذر الهاني من تحول زيتون إلى «مستشار سياسي يراقب الإعلام ويتحكم في أنفاس الإعلاميين».

إلى ذلك، يتهم نشطاء على الإنترنت زيتون بتحريك «الميليشيات الرقمية» لحركة النهضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وهي تهمة نفاها زيتون. ويقول مراقبون إن هذه «الميليشيات الرقمية» متخصصة في تشويه صورة الخصوم السياسيين لحركة النهضة وتلميع صورة الحركة ورموزها.

على صعيد آخر، نفى راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، الاتهامات التي وجهها إليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وأكد فيها أنه تلقى 150 مليون دولار من أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني لتمويل الحملة الانتخابية للحركة الإسلامية. وكان المعلم ساق هذا الاتهام في مقابلة نشرتها أول من أمس صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

وقال زبير الشهودي، مدير مكتب الغنوشي، في تصريح نشرته جريدة «التونسية» أمس، إنه «لا أساس للخبر من الصحة»، مؤكدا أن هذه الاتهامات ما هي إلا «مجرد افتراءات من النظام السوري». وأضاف أن «الانتخابات جرت بصفة منظمة وشفافة، ولا وجود لتمويلات أجنبية في حسابات حركة النهضة».

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم للصحيفة البريطانية «قابلت الأمير (حمد) في الدوحة على ما أعتقد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وفي الوقت نفسه الذي كنت أنتظر فيه الدخول للقاء الأمير، كان هناك زعيم (النهضة) التونسية، حيث أمر الأمير بتقديم 150 مليون دولار لمساعدته في الانتخابات.. كان هذا عمله».

وبدوره، نفى نور الدين العرباوي، القيادي في حركة النهضة المكلف بالعلاقات مع الأحزاب، نفيا قاطعا ما ذكره المعلم. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الخبر كاذب، وهو موجه لضرب مصداقية الأحزاب الإسلامية التي وصلت إلى السلطة على أنقاض الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي. وأضاف أن حركة النهضة لن تنزلق إلى مثل هذه المتاهات على حد قوله، وقال إنها قد لا تسعى إلى تتبع الصحيفة البريطانية التي نشرت الخبر. واعتبر العرباوي أن مواقف الغنوشي من النظام السوري قد تفسر في جزء كبير اتهامات المسؤول السوري لحركة النهضة.