انطلاق قمة عدم الانحياز في طهران ومحاولات لـ«كسر العزلة» وإنقاذ الأسد

بان كي مون ينتقد انتهاك حقوق الإيرانيين ويبحث الملف النووي

الرئيس الإيراني مستقبلا أمس بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة لدى حضوره للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي تبدأ أعمالها في طهران اليوم (أ.ف.ب)
TT

تنطلق في العاصمة الإيرانية طهران اليوم أعمال قمة عدم الانحياز التي تستمر يومين ويحضرها ممثلون من نحو مائة دولة من حركة عدم الانحياز بينهم ثلاثون رئيس دولة أو حكومة، وبمشاركة أمين عام الأمم المتحدة وأمين عام الجامعة العربية، في حين دعمت إيران إدانة التهديد باستخدام القوة ضدها في مسودة البيان الختامي، ودعت إلى تشكيل لجنة ثلاثية من أعضاء منظمة دول عدم الانحياز لحل الصراع في سوريا.

ووصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى طهران أمس رغم انتقادات الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن بان كي مون أعلن بوضوح أنه سيستفيد من فرصة لقاءاته الثنائية المرتقبة مع القادة الإيرانيين لتذكيرهم بالضرورة «الملحة» للعمل على تبديد قلق المجموعة الدولية من البرنامج النووي الإيراني. وقد أعلن فرحان حق المتحدث باسم الأمم المتحدة أول من أمس أن زيارة بان كي مون إلى طهران ستتيح «نقل مخاوف المجتمع الدولي وتوقعاته بشان مواضيع تتطلب بإلحاح تعاونا وتقدما سواء من أجل الاستقرار الإقليمي أو من أجل مصلحة الشعب الإيراني نفسه».

وأعرب بان كي مون، عن «قلقه العميق» إزاء ملف حقوق الإنسان في إيران، في وقت حث فيه طهران على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيجاد حل سلمي لبرنامجها النووي، وعلى الرغم من أن مون ذكر قبل الزيارة أنه لن يجامل الإيرانيين في الملفات المطروحة، فإن تصريحاته جاءت صادمة للقادة الإيرانيين وللرئيس أحمدي نجاد على وجه الخصوص، حيث سمع نجاد تصريحات مون في مؤتمر صحافي مشترك عقداه بعد لقائهما في طهران أمس. وقال مون في مؤتمر صحافي عقده إلى جانب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: «ناقشنا كيف يمكن أن تعمل الأمم المتحدة مع إيران لتحسين ملف حقوق الإنسان في إيران»، وأضاف: «لدينا قلق عميق من انتهاكات ضد حقوق الإنسان في البلاد»، وبدا نجاد متجهما لدى سماعه تصريحات ضيفه التي أدلى بها عقب وصوله طهران بساعات.

وقد ناشدت المعارضة الإيرانية أمين عام الأمم المتحدة بأن يستغل فرصة وجوده في طهران لانتقاد إيران على خلفية قمعها للمعارضين وفرض الإقامة الإجبارية على زعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي.

ومن المفترض أن يستغل مون وجوده في طهران للضغط عليها لكي تبدي تعاونا أكثر، وتسمح بقدر أكبر من التسهيلات للمفتشين الدوليين في زيارة المواقع النووية الإيرانية، بما في ذلك موقع بالقرب من طهران يشتبه في أنه استخدم لإجراء تجارب على تفجيرات قد تكون مؤشرا على محاولات لتفجير صواعق نووية. وتنفي إيران اتهامات الغرب لها بالسعي لامتلاك سلاح نووي، غير أن الغربيين لديهم مخاوف من أن تقترب معامل تخصيب اليورانيوم في إيران من التخصيب الذي يهيئ لصنع أسلحة نووية. وصرح مون بأنه سيناقش الأزمة السورية مع القادة الإيرانيين الذين يعدون حليفا وثيقا للرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة. وقال مون «يمكن لإيران أن تلعب دورا مهما في حل الصراع في سوريا، بما يتوافق مع إرادة الشعب السوري، وبطريقة سلمية، وهذه واحدة من أهم القضايا التي سأناقشها مع القادة الإيرانيين».

وقد التقى مون المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، بالإضافة إلى لقائه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، حسب ما أورد التلفزيون الإيراني.

كما وصل نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية إلى طهران أمس عن طريق الكويت للمشاركة في فعاليات القمة. إلى ذلك، أعلنت إيران أنها ستقدم خلال مؤتمر القمة المنعقدة حاليا في الجمهورية الإسلامية اقتراح تشكيل لجنة ثلاثية من حركة عدم الانحياز، مع اثنتين من دول الجوار أيضا، للمساهمة في تسوية الأزمة السورية. وقال علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن «اقتراحنا المحدد لحركة عدم الانحياز هو تشكيل لجنة ثلاثية من أجل سوريا، تضم مصر وإيران وفنزويلا». وأضاف بروجردي أن اللجنة ستضم أيضا العراق ولبنان - المجاورين لسوريا. وفي السياق ذاته، أعلن مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أمس أن مؤتمر قمة طهران يسعى للتوصل إلى نتيجة في ما يخص الأزمة السورية وتطبيق مبادرة طهران الرامية لوقف أعمال العنف في هذا البلد. وأوضح أمير عبد اللهيان في تصريح صحافي أن المقترح المطروح يشمل إعلان هدنة لمدة ثلاثة أشهر يتم خلالها عقد مفاوضات بين المعارضة التي تؤمن بالحوار، وممثلين عن الحكومة بهدف تحقيق مطالب الشعب السوري وصولا إلى تشكيل لجنة وطنية.

وفي الموضوع ذاته، قال أحمدي نجاد إن قمة عدم الانحياز فرصة جيدة لتعزيز التعاون بين الدول المستقلة، وأكد ضرورة الاستفادة من طاقات هذه الحركة من أجل تعزيز التعاون في ما بينها.

ويدين مشروع البيان الختامي، الذي عرض الثلاثاء والأربعاء على وزراء خارجية دول الحركة، كل أشكال «العقوبات الاقتصادية» و«الضغوط السياسية» و«الأعمال العسكرية» خصوصا «الهجمات الوقائية» التي تهدد كل من إسرائيل والولايات المتحدة بشنها ضد الدولة الإسلامية.

من ناحية ثانية انتخب المغرب أمس (الأربعاء) نائبا لرئيس القمة السادسة عشرة لعدم الانحياز المنعقدة في طهران، وذلك خلال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة التي ستعقد اليوم (الخميس). وسيخصص موضوع هذه القمة للتداول حول «سلام دائم عبر حكامة شمولية موحدة».

ويترأس الوفد المغربي المشارك في القمة يوسف العمراني، الوزير في وزارة الخارجية.