«هيومان رايتس»: القوات السورية قصفت «عمدا» مواطنين في طوابير للمخابز

تشكيل أول مجلس انتقالي ثوري في الداخل بحلب

سوريون في طوابير بانتظار الحصول على رغيف الخبز أمام احد المخابز في مدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

بينما يحيي اليوم السوريون جمعة «الوفاء لطرابلس الشام وأحرار لبنان»، ويشيعون ما يزيد على 76 قتيلا سقطوا بالأمس نتيجة العمليات العسكرية التي تشنها قوات الأمن السورية على مجمل المحافظات، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» القوات الحكومية السورية بالقيام بقصف بالمدفعية وإسقاط القنابل من طائرات على عشرة مخابز على الأقل في محافظة حلب على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، مما أدى إلى مقتل وإصابة الكثير من المدنيين الذين كانوا يقفون أمام المخابز لشراء الخبز.

واعتبرت المنظمة أن الهجمات العشوائية المتهورة والاستهداف المتعمد للمدنيين يصنفان تحت جرائم الحرب، وناشدت كلا من روسيا والصين عدم عرقلة جهود مجلس الأمن من أجل حماية المدنيين في سوريا. وطالبت «هيومان رايتس ووتش» مجلس الأمن بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية وفرض حظر أسلحة على الحكومة السورية وتبني عقوبات محددة ضد المسؤولين المتورطين في الانتهاكات.

وقالت المنظمة في تقرير أصدرته الخميس في نيويورك إن هجمات القوات الحكومية السورية كانت عشوائية بشكل متهور، وأوضحت أن الوقائع المتكررة لقصف المخابز ونمطها يؤكد أن القوات الحكومية كانت تستهدف المدنيين. وأشار التقرير إلى أن المخابز العشرة تقع في أحياء وبلدات لم تشهد قتالا بين القوات الحكومية والمعارضة. ووضع التقرير أسماء المخابز وأماكنها، ونقل عن شهود عيان أنه في أغلب الحالات كان هناك عدد قليل من مقاتلي الجيش السوري الحر عند المخابز للحفاظ على النظام والمساعدة في عملية توزيع الخبز.

وأشار الشهود إلى حالة واحدة، حيث كانت هناك منشأة تابعة للجيش السوري الحر على مسافة 150 مترا من المخبز لكنها لم تتضرر من الانفجار، وفي خمس حالات أخرى قالت المنظمة إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية في منطقة الهجوم باستثناء عدد قليل من مقاتلي الجيش السوري الحر الذين شوهدوا يحافظون على النظام في الطوابير.

وقالت المنظمة إن وجود بعض مقاتلي الجيش السوري الحر عند تلك المخابز لا يجعل من هذه الهجمات قانونية نظرا للعدد الكبير من المدنيين الموجودين معهم. واتهمت المنظمة القوات الحكومية بعدم بذل جهد لاستهداف المقاتلين فقط وتقليص الأضرار اللاحقة بالمدنيين، واعتبرت أن وجود مروحيات فوق المنطقة في بعض الحالات قبل الهجوم يعني أن القوات النظامية كانت تعلم بوجود أعداد كبيرة من المدنيين.

وقال أولي سولفانغ، الباحث بالمنظمة، بعد رصده للواقع في حلب «يقف سكان حلب للحصول على الخبز لأسرهم، وبدلا من الخبز تأتيهم الشظايا من قنابل وقذائف الحكومة وتخترق أجسادهم». وأضاف «قصف عشرة مخابز ليس مسألة عشوائية، وهو يظهر عدم المراعاة للمدنيين بل محاولة استهدافهم». وأوضح سولفانغ أن كل طيار يطلق عندا صاروخا على طابور خبز يقف فيه مدنيون، وكل قائد يعطي هذا الأمر، لا بد أن يقف أمام العدالة للمحاسبة عن جرائمه».

من جهة أخرى، وفي تطور سياسي داخلي، أعلنت مجموعة من الناشطين في الثورة في مدينة حلب (تضم مدنيين وسياسيين وعسكريين) عن تشكيل المجلس الانتقالي الثوري في مدينة حلب وريفها، ليكون ممثلا شاملا للثورة في جوانبها السياسية والمدنية والعسكرية للفترة الانتقالية الراهنة، وهو «ممهد» لمجلس انتقالي وطني يضم المحافظات السورية كافة.

وبث ناشطون فيديو يظهر مجموعة من الناشطين تضم أكثر من ثلاثين شخصا مدنيا، وتلا أحد المشاركين بيان إعلان تشكيل المجلس الانتقالي، الذي يهدف بحسب البيان إلى «قيادة المرحلة الانتقالية على الصعيد العسكري والسياسي والمدني، وتوجيه الإسهام الشعبي في العمل الثوري وترشيده، وتأمين حماية المواطنين وتوفير الخدمات الحيوية لهم، وحماية المنشآت الأساسية وتفعيلها، وتأمين البيئة المناسبة لعودة الفعاليات الاقتصادية إلى العمل وضمان سير الحياة بشكل طبيعي، وتأمين الإغاثة الحيوية والطبية للمناطق المنكوبة، وإعادة تأهيل المناطق المحررة والمتضررة، والإشراف على العمل العسكري وتوجيهه وضبطه، والتواصل والتنسيق مع الجهات الفاعلة داخل سوريا وخارجها، والسعي لتوسيع رقعة المناطق المحررة في حلب وخارجها بغية تأمين بيئة آمنة ومناسبة للعاملين في الثورة، وترسيخ الوحدة الوطنية والرؤية الشاملة لسوريا الحرة، وتحقيق الكرامة والحرية والعدالة التي هي من المبادئ الإنسانية الشاملة ومن ثوابت الحضارة العربية والإسلامية».

وأشار البيان إلى أن المجلس يضم مجموعة من العاملين في الثورة، من مدنيين وسياسيين وعسكريين، ويعد خطوة أولى وتجربة رائدة «ليتم توحيد مجالس الثورة السورية في الداخل». ولفت إلى أن هذا المجلس يتميز بكونه «لصيقا بالثوار الميدانيين من العسكريين والمدنيين والتنسيقيات، كما يتميز بانفتاحه لاستيعاب جميع القوى الثورية في محافظة حلب».

وفي سياق متصل، وفي تصريح هو الأول من نوعه، قال مدير مستشفى تشرين العسكري في دمشق، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «أكثر من ثمانية آلاف عنصر أمني وعسكري سوري قتلوا منذ بداية النزاع في سوريا قبل 17 شهرا».

وبينما يحيي اليوم السوريون جمعة «الوفاء لطرابلس الشام وأحرار لبنان»، فإنهم يشيعون ما يزيد على 70 قتيلا سقطوا بالأمس نتيجة العمليات العسكرية التي تشنها قوات الأمن السورية على مجمل المحافظات. وأفادت لجان التنسيق المحلية باندلاع «اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام» في حي التضامن في جنوب دمشق، مشيرة إلى «إطلاق نار من رشاش الدوشكا ومدفعية دبابات النظام على الحي».

وقد تحدثت شبكة «شام» الإخبارية عن رتل من الدبابات اقتحم شارع الثلاثين في مخيم اليرموك في دمشق فجرا استعدادا على ما يبدو لاقتحام حيي التضامن والحجر الأسود. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات اندلعت بين القوات النظامية والمعارضين المسلحين بأطراف حي القابون شمال شرقي دمشق. وأفاد ناشطون بأن ليل الأربعاء الخميس شهد اشتباكات عنيفة في منطقة السيدة زينب في دمشق بين كتائب من الجيش الحر وجيش النظام.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن عن مقتل 12 شخصا «جراء القصف على بلدات زملكا وحزة وكفربطنا وعربين ويبرود والبويضة والغوطة الشرقية والحجيرة وعقربا» في ريف دمشق.

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «وحدات من جيشنا الباسل دخلت بناء على طلب الأهالي إلى مدينة زملكا في ريف دمشق لتخليصها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي عاثت فيها فسادا وتخريبا». وأضافت أن «المواطنين عبّروا عن ارتياحهم الكبير لعودة الأمن والأمان إلى المدينة بعد دخول الجيش إليها ودحر المجموعات الإرهابية المسلحة منها».

وفي مدينة دير الزور، دارت، بحسب المرصد، اشتباكات عنيفة «بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة الثائرة والقوات النظامية السورية في مناطق جسر الجورة وبالقرب من مقر الأمن العسكري، فيما تعرضت أحياء الجبيلة والبعاجين إلى قصف عنيف من قبل القوات النظامية»، مشيرا إلى أن «عناصر من الكتائب المقاتلة قامت بقصف مقر الأمن العسكري في مدينة البوكمال» الواقعة على الحدود مع العراق، بقذائف الهاون.

وقد شهدت مدينة حلب اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في حي بستان الباشا الذي حاولت القوات النظامية عبوره، فيما استهدفت المدفعية وقذائف الطائرات حيي هنانو وسيف الدولة. كما سجلت بالأمس إعدامات ميدانية بحيث قال ناشطون إن عشرة قتلهم الأمن السوري قرب ملعب في درعا، في حين أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى مقتل 16 شخصا بنيران قوات النظام في أنحاء سوريا اليوم.

أما وكالة الأنباء السورية فتحدثت من جهتها عن عمليات نوعية قام بها الأمن السوري أسفرت عن مصرع ثلاثين «إرهابيا» في حمص.