الحكومة المصرية تنفي أي نية لإعادة «حالة الطوارئ»

وزير الشؤون القانونية لـ «الشرق الأوسط» : ما يجري مناقشات مجتمعية لدراسة تعديل القانون الحالي من عدمه

صورة أرشيفية تظهر حرس الحدود المصريين بالقرب من معبر رفح على الحدود مع غزة (أ.ب)
TT

نفت الحكومة المصرية الجديدة وجود أي نية في الوقت الحالي لإعادة فرض «حالة الطوارئ»، التي ألغاها المجلس العسكري، الحاكم سابقا في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، رغم اعترافها بوجود مناقشات لتعديل القانون، الذي تم وضعه عام 1958.

وقال الدكتور محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، لـ«الشرق الأوسط»: «من غير المطروح فكرة إقرار حالة الطوارئ حاليا.. كل ما يجري في الوقت الحالي هو مناقشات مجتمعية عامة لدراسة تعديل القانون الحالي من عدمه، مع إبقائه في الأدراج كما هو».

وكان وزير العدل المستشار أحمد مكي، قد أعلن إعداده مشروع قانون جديدا للطوارئ بغرض مواجهة حالات انتشار البلطجة وأعمال العنف وقطع الطرق في البلاد، مما أثار استياء القوى السياسية في البلاد، واعتبرته محاولة لإعادة القبضة الأمنية، ومنع المظاهرات المناوئة لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي.

وتعيش مصر حاليا، وللمرة الأولى منذ 31 عاما، من دون حالة الطوارئ، التي بدأ تطبيقها آخر مرة منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 وحتى 13 مايو (أيار) من العام الحالي.

وتنص المادة «59» من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا، والصادر في مارس (آذار) العام الماضي، على أن «يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون.. ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه». ويتولى الرئيس محمد مرسي السلطة التشريعية حاليا بعد حل مجلس الشعب (البرلمان).

وشدد الدكتور محسوب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، على أن «هذه الحكومة لن تعلن حالة الطوارئ، ولن تكون طرفا في مثل هذا الأمر، وليس من أولويتها».

وأكد محسوب أن ما يجري مجرد مناقشات مجتمعية، وأن الحكومة طرف فيها فقط، لتعديل القانون الحالي الذي «ينتمي إلى العصور الوسطى»، على حد قوله. مشيرا إلى «أنه في حال تعديله، الذي لن يتم قبل وجود برلمان جديد على الأقل، سيكون جاهزا إذا اضطرت الظروف لتطبيقه بعد 10 سنوات أو أكثر، فهو ليس للتطبيق الآن».

وأضاف محسوب أن «هناك مناقشات دائرة حاليا داخل الحكومة لدراسة كل القوانين الموجودة لتنقيتها من أي عوار، وحتى لا تمس هذه القوانين أي حريات، أو تمنع التظاهر».

وكان رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل قد أكد أن تطبيق قانون الطوارئ ليس مطروحا على أجندة الحكومة حاليا، مضيفا، خلال حواره مع التلفزيون المصري مساء أول من أمس، أنه لا يوجد أي طرح رسمي لإعلان حالة الطوارئ، وقال: «نستطيع بقانون العقوبات المعتاد إعادة الأمن والانضباط للشارع المصري»، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة هو الملف الأمني وتطبيق القانون والحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان.

ويمنح مشروع القانون الجديد، الذي يعتزم وزير العدل المستشار أحمد مكي تقديمه للحكومة لمناقشته، رئيس الجمهورية حق إعلان حالة الطوارئ داخل البلاد خلال مدة زمنية، يتم تحديدها، على أن لا تزيد هذه الفترة الزمنية على ستة أشهر يحق خلالها للسلطات الأمنية إلقاء القبض على المشتبه فيهم والخطرين على الأمن العام، دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.

كما يمنح المشروع الجديد السلطات الأمنية الحق في فرض حظر التجوال في الأماكن التي تعاني من الاضطرابات أو الكوارث أو الوباء، كما يمنح السلطات الحق في وضع قيود على حرية المواطنين في عقد الاجتماعات والانتقال والإقامة، لكنه يعطي الحق لكل من ألقي القبض عليهم أو اعتقالهم الاطلاع على أسباب القبض عليهم واحتجازهم مع وجوب تمكينهم من الاتصال بمحام أو بمن يريدون على أن تتم معاملتهم معاملة المحبوسين احتياطيا.

وقال المستشار مكي إن «مشروع القانون يهدف إلى الحفاظ على أمن البلاد وتحقيق الأمن للمواطنين دون أن يكون قيدا أو محاولة لإحياء ما كنا عليه من قبل في تفعيل الدولة البوليسية»، مشيرا إلى أن المشروع عرض على العديد من خبراء حقوق الإنسان ولاقى استحسانا كبيرا لديهم، وأنه قام بإعداد هذا المشروع بصفته مواطنا وقاضيا وقبل تكليفه بحقيبة العدل، بهدف معالجة قانون الطوارئ القديم الذي وصفه بأنه يعد قانونا معيبا و«سيئ السمعة».

في المقابل، أعرب حزب التجمع عن رفضه القانون، مؤكدا أن القوانين العادية فيها ما يكفي ويزيد من فرض عقوبات قاسية ومغلظة على الحالات التي «يزعم وزير العدل أن قانونه يستهدفها»، قائلا: «مرض الطوارئ نجح في أن يصيب حكامنا الجدد في سعيهم نحو أخونة الدولة».

وشدد الحزب، في بيان له، على أن «المقترح الجديد يعود ليفتح أبواب المعتقلات من جديد، وليهدر العديد من حريات المواطنين في التظاهر والاجتماع وحرمة مساكنهم وحقوقهم في التعبير والإعلام وفى حماية كرامتهم وحقهم في التمتع بحماية قانونية ضد تعسف السلطة».

كما عبر حزب «المحافظين» عن دهشته من مقترح مكي، وقال في بيانه: «في الوقت الذي تتطلع فيه مصر لمستقبل يعيش فيه أبناؤها مناخا ديمقراطيا حقيقيا، ونسيان ما عانوه من ويلات جراء تطبيق قانون الطوارئ، فوجئ الحزب بمقترح وزير العدل حول قانون الطوارئ الذي اعتبره الحزب يعيد إلى الأذهان صورة النظام السابق وبطشه بادعائه حالة الطوارئ».