رئيس هيئة الأركان الأميركية: مقابلة الأسد التلفزيونية الأخيرة شابها التكبر والغطرسة

الجنرال ديمبسي: ضربة إسرائيلية للمفاعل النووي الإيراني قد تعطله.. ولكن لن تقضي عليه بالكامل

الجنرال مارتين ديمبسي
TT

قال الجنرال مارتين ديمبسي رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي: «نحن نتعاون مع دول جوار سوريا بطرق عدة في مجال مشاركة الاستخبارات والتخطيط التعاوني العسكري. لقد دخلنا في مشاورات معها بشأن المناطق الآمنة الإنسانية والإجراءات المطلوبة لإنشاء مثل هذه المناطق ومدلولاتها. في الأغلب، كنا ننظر في الأجزاء الداخلية من تركيا أو الأردن لمد يد العون لهم في مشكلة اللاجئين. لم أجر أي محادثات عن إنشاء منطقة آمنة داخل سوريا. من المؤكد أن هذا سيكون قرارا مهما له مدلولات بالنسبة لقانون النزاعات المسلحة».

وقال: «أجريت مشاورات مع نظيري التركي، وأخبرني أن أي مناقشة أوسع نطاقا للأنشطة الجارية داخل سوريا يجب أن تجري عبر حلف الناتو.. وأنهم لم يجروا تلك المناقشة بعد، على حد علمي».

وقال الجنرال ديمبسي الذي يُعد أرفع مسؤول في القوات الأميركية، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أنشأت منطقة إنسانية، فستكون بحاجة لتأمينها. وقد يقتضي هذا فرض منطقة حظر جوي. إذا ما أنشأت منطقة إنسانية، فإنك تلزم نفسك بتأمين هؤلاء الذين يلجأون إليها كملاذ». وبالنسبة لتسليح المعارضة، قال الجنرال ديمبسي: «لم أُسأل عما إذا كنت أؤيد المساعدات القتالية أم لا، لكن.. إذا ما تحولت المعركة إلى حرب بالوكالة، فستكون بمثابة كارثة مروعة بالنسبة للشعب السوري». وبالنسبة لضربة من القوات الجوية الإسرائيلية للمفاعل النووي الإيراني، قال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «إنها قد تعطل المفاعل النووي الإيراني, ولكنها لن تجهضه بالكامل أو تقضي عليه», مشيرا أيضا إلى أن الإسرائيليين ربما لن يبلغوا حلفاءهم الأميركيين عن موعد تلك الضربة, على حد تعبيره.

وبالنسبة للمقابلة الأخيرة للرئيس بشار الأسد مع قناة «الدنيا» السورية قال أرفع مسؤول عسكري أميركي في لقاء حضره عدد محدود من ممثلي وسائل الإعلام الغربية بالعاصمة لندن، أمس: «كانت هناك درجة من التكبر والغطرسة من جانبه في تلك المقابلة، مما جعلني أخشى أنه لا يسعى لحل المشكلة عبر عملية سياسية».

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قلل في مقابلة بثتها قناة «الدنيا» من أهمية الانشقاقات التي شهدها نظامه، مؤكدا أن هذه الانشقاقات «تنظف» الدولة والنظام؛ فالشخص الوطني والجيد لا يهرب. لا يفر خارج الوطن، فالعملية إيجابية وهي تنظيف ذاتي للدولة أولا وللوطن عموما، مشيرا إلى أن الوضع في سوريا «أفضل عمليا»، والحسم العسكري «بحاجة إلى وقت»، مشددا في الوقت عينه على أن الحديث عن إقامة مناطق عازلة في بلاده أمر «غير واقعي».

وحول أمد النزاع في سوريا على الأرض، قال الجنرال الأميركي ديمبسي: «ثمة قدر كبير من تضارب الآراء بشأن المدة التي يمكن أن يستمر فيها هذا النزاع. ثمة إجماع على أنه كلما طال النزاع، بات أسوأ بالنسبة للشعب السوري من حيث إنك تتعامل مع تلك النقطة، حيث تبدأ مؤسسات سوريا في التداعي ويتجلى خطر انهيار الدولة».

وحول الأسلحة الكيماوية والبيولوجية السورية، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «كنا واضحين جدا بشأن تحميلنا النظام المسؤولية عن تأمين ذلك المخزون من الأسلحة. لدينا فرق تخطيط تعمل مع شركاء إقليميين في حال سقوط نظام الأسد». وأضاف: «تتعلق جهود التخطيط بكيفية ضمان أمن واستقرار ذلك المخزون أيا كانت الظروف. لكن مثلما تعلم، فإن هذا مخزون هائل منتشر عبر عدة مواقع.. ومن ثم، يشكل تحديا صعبا».

وبالنسبة لرأي الرئيس أوباما بشأن الأسلحة الكيميائية، قال الجنرال ديمبسي: «لم يكن الرئيس يقول إن استخدام الأسلحة الكيميائية سوف يؤدي حتما إلى استخدام القوة. بل قال إن هؤلاء الذين اختاروا استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد السكان سوف يتحملون المسؤولية. لم يكن يشير إلى أن أي شيء حتى تلك النقطة مقبول».

وعن الوجود الأميركي في المنطقة، وخصوصا إرسال حاملة طائرات أميركية إلى المنطقة؛ هل بسبب التوتر مع إيران أو استعدادا لسقوط النظام السوري؟ قال الجنرال ديمبسي: «ليست الأصول العسكرية الأميركية في المنطقة متوفرة فيما يتعلق بسوريا. إنها متوفرة لدعم جهود حلف الناتو في أفغانستان ولمنع إيران من القيام بأي نشاط يهدف لإغلاق مضيق هرمز أو حظر الموارد البحرية».

وبالنسبة لما يعرف إعلاميا بهجمات «الأخضر على الأزرق» أو هجمات الجنود الأفغان على مدربيهم من قوات «إيساف» والناتو، قال الجنرال الأميركي ديمبسي: «من المعروف أن حركة طالبان تطالب منذ سنوات قوات الأمن الأفغانية بالهجوم على القوات الأجنبية. ويعود تصاعد الهجوم الآن إلى أننا قمنا بزيادة عملية التجنيد بسرعة كبيرة، مما أدى إلى معاناتنا من بعض نقاط الضعف في عملية الفحص والتدقيق، علاوة على أن حركة طالبان قد كثفت من جهودها للوصول للشباب عبر وسائل الإعلام». وأصبحت الهجمات التي ينفذها جنود أفغان ضد زملائهم في الجيش أو قوات التحالف، التي أصبحت تعرف باسم هجمات «الأخضر على الأزرق»، وكذلك العبوات الناسفة، تهدد الوجود الأميركي.

وقال: «لو كانت أهدافنا صحيحة ولم نسمع أي شخص يعارض هذه الأهداف، لكان الطريق واضحا. يتعين علينا أن نعمل على تطوير قوات الأمن الأفغانية حتى تتحمل المسؤولة بنهاية عام 2014، وسوف نقوم بذلك». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لم نقرر بعد حجم وجودنا بعد عام 2014. بعد عام 2014 ستكون هناك طريقة جديدة للمهمة وسنقلل من تعرضنا للمخاطر».

وأضاف: «يتعين علينا أن نعمل بشجاعة، ونصرّ على أنه يتعين على شركائنا الأفغانيين مساعدتنا حتى نتمكن من التغلب على تلك المشكلة، لأنه لا يمكن لنا أن نحلها بمفردنا. وستكون هذه هي الأولوية القصوى لوزير الدفاع الجديد بمجرد تعيينه».

واتفق على أن 75 في المائة من الهجمات نابعة من الاختلافات الشخصية والثقافية، و25 في المائة من حركة طالبان.

وبالنسبة لبيان الملا عمر حاكم حركة طالبان الأصولية الهارب في شهر رمضان، التي سقطت في أفغانستان نهاية عام 2001 مع دخول قوات الحلفاء، قال الجنرال ديمبسي إن عناصر حركته اخترقوا القوات الأفغانية، قال الجنرال الأميركي: «يقوم الأفغان بتغيير طريقة التجنيد وتدريب القوات. في الماضي كان الجنود المتغيبون من دون إجازة يفترض أن يكونوا في المنزل أو مع عوائلهم، ولكن بعضهم كان متطرفا.. يتعين على الأفغان أن يتخذوا بعض الإجراءات لفهم ما يجري داخل تشكيلات قواتهم. لا يمكننا فعل الكثير حيال ذلك. يتعين عليهم أن يتحلوا بنفس الجدية التي نتحلى بها في هذا الإطار».

وبالنسبة للوضع العسكري في أفغانستان مع الاستعداد لرحيل القوات الأميركية عام 2014، ومقتل عدد من الجنود الأميركيين على يد الجنود الأفغان، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية: «بعد عودتي مباشرة من أفغانستان، أستشعر أن تطوير قوات الأمن الأفغانية يتجاوز ما توقعناه». يُذكر أن طائرة ديمبسي، وهي من طراز «سي - 17»، تعرضت إلى أضرار جراء هجوم صاروخي وهي متوقفة في قاعدة باغرام، مما أدى إلى إصابة جنديين أميركيين, وكان قد وصف الهجوم الصاروخي الذي استهدف طائرته بأنه قد يكون «ضربة حظ» حققتها طالبان.

ودفع الهجوم الذي وقع لدى وجود طائرة ديمبسي في مطار باغرام الشاسع الذي يعد أكبر قاعدة عسكرية جوية أميركية في أفغانستان، رئيس الأركان الأميركي إلى استقلال طائرة أخرى للتوجه إلى بغداد. وكان ديمبسي قد وصل لإجراء محادثات مع قادة الأطلسي والقوات الأفغانية بشأن حوادث إطلاق النار التي يرتكبها أفراد من القوات الأفغانية ضد عسكريي التحالف (الناتو)، وأيضا ضد زملائهم في الجيش الأفغاني, وغادر في طائرة أخرى، بعدما التقى نظيره الأفغاني الجنرال شير محمد كريمي.