الخلافات السياسية تهدد انتخابات مجالس المحافظات في العراق

الأمم المتحدة تحذر من تعرض الانتخابات إلى «خطر جدي»

TT

تهدد الخلافات المريرة بين الكتل السياسية في العراق مستقبل استقلال مفوضية الانتخابات في البلاد، وتثير شكوكا حول إمكانية إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر العام المقبل. وتواجه الأحزاب السياسية مأزقا منذ أشهر في اختيار أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الأمر الذي يثير الشكوك في أن يتمكن الأشخاص المنتخبون لهذا المنصب من ممارسة عملهم باستقلال.

وأعرب سياسيون عن قلقهم من تأجيل انتخاب أعضاء المفوضية في الوقت المحدد. وقال النائب الكردي المستقل محمود عثمان «بالتأكيد هؤلاء (الأعضاء) لن يكونوا مستقلين». وأضاف بأسف «إنها طريقة سيئة لبناء المؤسسات، ولكن هذا ما يحدث».

وقال النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك لوكالة الصحافة الفرنسية «نرغب بمفوضية انتخابات مستقلة بصورة كاملة». وأضاف «لكن لسوء الحظ أن ما يجري الآن ليس مثاليا، والمفوضية تتشكل على أسس حزبية وطائفية».

وبحسب دبلوماسيين ونواب، فإن انعدام الثقة ناجم عن الأزمة السياسية المستمرة منذ أشهر بين كتلة رئيس الوزراء نوري المالكي وخصومه، وجميعهم أعضاء في حكومة شراكة وطنية.

وخصوم المالكي يتهمونه بالاستبداد وقد حاولوا خلال الأشهر الماضية سحب الثقة من حكومته ولكن من دون جدوى. في المقابل، يؤكد رئيس الوزراء أنه غير قادر على تنفيذ سياساته بسبب كبر حجم التحالف الحكومي.

ويقول دبلوماسي غربي رفض كشف اسمه بهذه الصدد إن «أعضاء المفوضية لم يتم اختيارهم حتى الآن، لذا لا نعرف كيف ستعمل، لكن الجدل الآن يوحي أنها ستعمل على أسس طائفية». وتمكن النواب والمسؤولون بعد أشهر من المقابلات أجريت مع 7200 شخص من حصر عدد المتقدمين إلى 60 مرشحا للتنافس على تسعة مناصب يتألف منها مجلس المفوضية.

ومنذ ذلك الحين لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن من ينبغي أن يشغل هذه المناصب مع تمحور الجدل حول كيفية ضمان أن يعكس المرشحون الوضع الطائفي والسياسي في العراق.

وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بغداد مارتن كوبلر «نريد أن نحافظ على موعد الانتخابات المقرر في مارس (آذار) 2013».

وأضاف «للحصول على انتخابات جيدة، نحتاج إلى مفوضية قوية، والمفوضية القوية تحتاج إلى وقت لتنظيم الانتخابات».

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها من أن ينتقل هذا الخلاف إلى الشارع، وأصدرت بيانا في الخامس من أغسطس (آب)، حذر فيه كوبلر من أن مزيدا من التأخير «قد يعرض العملية الانتخابية إلى خطر جدي».

وازداد الأمر تعقيدا عندما اقترحت أطراف سياسية زيادة عدد أعضاء مجلس المفوضين من تسعة إلى 15، لكي ترسخ على ما يبدو سطوة الأحزاب على المرشحين.

ومجلس المفوضين الحالي مكون من تسعة أعضاء، هم أربعة من الشيعة واثنان من السنة واثنان من الأكراد وتاسع مسيحي.

وقد يحدث تقسيم في المجلس الجديد على أساس حزبي يتجاوز التقسيم الطائفي، ففي الجانب الشيعي على سبيل المثال، فإن قائمة دولة القانون برئاسة المالكي ستختار مرشحا واحد على الأقل، وكتلة التيار الصدري ستختار مرشحا آخر، فيما تختار باقي الكتل الشيعية مرشحين آخرين.

وسيحدث التقسيم نفسه في حال توسيع مجلس المفوضين إلى 15 نائبا، وذلك بضم بعض الأحزاب الصغيرة.

وقد صدر حكم بحق رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب مكافأة مالية لموظفين عموميين.

من هنا، عبر دبلوماسيون عن قلقهم من أن يكون أعضاء المفوضية مستقلين حقا في عملهم، وخصوصا أنهم سيكونون مدينين للحزب الذي اختارهم.

ويقول دبلوماسي غربي رفض كشف اسمه بهذه الصدد «ستسعى الأحزاب السياسية من خلال هذه العملية إلى استغلال مناصب مرشحيها».

ويضيف هذا الدبلوماسي «لا يوجد شيء مستقل في العراق، فلماذا نعتقد أن مفوضية الانتخابات سوف تكون مستقلة».

من جهته اعتبر دبلوماسي آخر لم يكشف هويته أنه «في أحسن الأحوال فإن مجلس المفوضين الجديد يحتاج إلى ستة أشهر على الأقل لتنظيم انتخابات».

في المقابل، يشدد النواب على ضرورة إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها، أي في مارس (آذار) 2013.

ويقول المطلك إن «جميع الكتل السياسية متفقة على إجراء الانتخابات في موعدها، لأن الجميع يعي أن تأجيلها لا يخدم مصالح البلاد».

ويحذر دبلوماسي غربي قائلا «إذا تأجلت الانتخابات أشهرا فإن ذلك ليس مشكلة، لكن إذا تأجلت حتى الصيف المقبل فلا أعرف ماذا سيحدث».