فرنسا وبريطانيا: إنشاء مناطق عازلة يواجه صعوبات.. لكننا لا نستبعد أي أفكار

هيغ: نتحمل مسؤولية تقديم المسؤولين عن الجرائم في سوريا إلى العدالة

أعمدة الدخان تتصاعد وسط حلب بعد انفجار في مركز المدينة (رويترز)
TT

أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مع نظيره البريطاني ويليام هيغ، أمس، أن مجلس الأمن سيناقش الأوضاع الإنسانية عند الحدود السورية مع تركيا والأردن ولبنان والعراق، وإمكانية إنشاء منطقة حظر طيران ومناطق عازلة في سوريا لحماية المدنيين والصعوبات التي تواجه ذلك. وأوضح هيغ أن أي تحرك يتطلب تدخلا عسكريا يواجه صعوبات كثيرة، لكن كلا من فرنسا وبريطانيا لا تستبعدان أي أفكار، بينما أشار فابيوس إلى أن فرنسا ستقترح عقد اجتماع رفيع المستوى لبحث سبل تمويل منظمات الإغاثة، والعمل مع المعارضة السورية لتقديم المساعدات غير القتالية لهم.

وقال الوزيران، في مؤتمر صحافي قبيل انعقاد الجلسة الوزارية لمجلس الأمن مساء أمس، إن المبدأ خلال مناقشة ذلك هو الاستناد إلى أرضية شرعية دولية، وتأكيد أن الرئيس السوري بشار الأسد «مجرم يجب أن يواجه العدالة الدولية». وقلل الوزيران من تأثير غياب وزيرة الخارجية الأميركية ونظيريها الروسي والصيني، مشيرين إلى مشاركة عدد كبير من وزراء الخارجية في الجلسة، إضافة إلى السفراء الدائمين لدى الأمم المتحدة.

وحول إنشاء مناطق آمنة، قال فابيوس: «إننا نناقش هذه القضية مع الدول الشريكة ومع الدول المجاورة لسوريا، وقد طرح الأتراك هذه الأفكار، وسننظر إلى جوانب هذا الموقف، فهناك جانب جغرافي، إضافة إلى بحث توافر المصادر العسكرية، وهي عناصر يجب النظر فيها بعمق». وأضاف أنه «وفقا للظروف الحالية، فإننا يجب أن ننظر إلى المناطق التي تحررت من سيطرة القوات الحكومية السورية وتقديم العون لها، وتقدم فرنسا 5 ملايين يورو، إضافة إلى 20 مليون يورو التي سبق أن قدمتها، بحيث تذهب تلك الأموال إلى المناطق المحررة من السيطرة الحكومية، والتي ستلعب دورا مهما».

وأوضح فابيوس أن هناك اتفاقا فرنسيا - بريطانيا حول ضرورة العمل لمواجهة الوضع الإنساني الحرج ونزوح أكثر من مليون شخص من ديارهم في سوريا، بما يشكل وضعا لا يمكن تحمله لدى الدول المجاورة. وقال: «متفقون على تأكيد حقيقة أن الأسد والمقربين منه يجب أن يمثلوا أمام العدالة لارتكابهم جرائم وانتهاكات، والحاجة إلى تنسيق دعمنا للشعب السوري بعد رحيل نظام الأسد، ووضع حجر الأساس للخطوات الواجب القيام بها لمساعدة الشعب السوري ومساءلة جميع مرتكبي الجرائم في سوريا، وتشجيع المسؤولين على الانشقاق عن نظام الأسد، ومساعدة المعارضة على توحيد صفوفها والاستعداد لما بعد رحيل الأسد». وأضاف: «نواصل الحوار مع روسيا والصين، ونركز على الجهود لمساعدة آلاف وملايين المتضررين من الأزمة».

وحول ضعف أداء الأمم المتحدة إزاء الأزمة السورية، قال فابيوس: «عند تقييم عمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، نجد أن المجلس قام بدوره، لكنه تعرض للتصويت بالفيتو ثلاث مرات، ولم يقدم موقفا موحدا. وأؤمن أنا وزميلي هيغ بأن العمل الدولي مهم، لكن هذا لا يعني أننا غير قادرين على القيام بعمل إنساني، ولذا نناشد مجلس الأمن أن يحرز تقدما، وعلينا بذل كافة الجهود لكي يعلم السوريون أننا نقف بجوارهم وأن الأسد سيسقط.. لكننا لن نسقط الشعب السوري من اهتمامنا».

وشدد فابيوس على ضرورة توحيد صفوف المعارضة السورية، وقال: «البديل أن تتوحد المعارضة، وتحاول كل من فرنسا وبريطانيا تشجيع المعارضة لتوحيد صفوفها، وتأسيس جبهة تكون هي القوة البديلة، وتأكيد ضمان المعارضة لحقوق واحترام الأقليات من الشيعة والعلويين والمسيحيين داخل سوريا، وأن يشعروا بأنهم يحظون بالحماية والرعاية في ظل النظام الجديد».

من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، إن بلاده تطالب مجلس الأمن بتوفير مساعدات إنسانية عاجلة لأكثر من مليون ونصف المليون سوري (مهجرين بالداخل)، وأكثر من 200 ألف لاجئ عند الحدود السورية، معلنا تقديم بريطانيا ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، إضافة لمبلغ 27 مليونا الذي قدمته من قبل لوكالات الإغاثة في سوريا والأردن، وخاصة الوكالات التي تساعد النساء اللاتي تعرضن لجرائم الاغتصاب.

وقال هيغ: «سنواصل العمل مع المعارضة السورية لتوفير المساعدات غير القتالية ودعم المبادرات للفت الانتباه إلى الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة». وأضاف: «إننا نتحمل مسؤولية تقديم المسؤولين عن تلك الجرائم للعدالة، وعلى من يساند الأسد أن ينأي بنفسه وإلا فإنه سيواجه المساءلة عن أفعاله».

وشدد هيغ على رفض بلاده لاستخدم الأسلحة الكيماوية، وقال: «طلبنا من الأمين العام للأمم المتحدة دارسة الآليات لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية، ونعمل مع المعارضة للتخطيط لما بعد الأسد وترسيخ حرية التعبير، وندعم جهود المجتمع الدولي في مساعدة الدول المجاورة لسوريا، ونقوم بمساعدة الحكومة والجيش اللبناني لإحلال الاستقرار والأمن، ونقدم الدعم لمهمة الأخضر الإبراهيمي لتحقيق عملية الانتقال في سوريا».

وأكد هيغ أن دور الوسيط الأممي الإبراهيمي صعب، لكن أحد الأشياء التي ينبني عليها جهوده هو أنه يجب أن تكون هناك حكومة انتقالية في سوريا تضم أفرادا من الحكومة الحالية والمعارضة، وأن تقوم بالعمل على تحقيق الانتقال السياسي. لكن، لا يوجد اتفاق بين الحكومة والمعارضة، ولا يوجد قرار قوي من مجلس الأمن لتحقيق ذلك.

وأشار هيغ إلى تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي خلال قمة دول عدم الانحياز، التي أكد خلالها أن النظام السوري فقد شرعيته، وقال: «نحن نأمل أن يتمكن مجلس الأمن من أن يضع ثقله وراء تلك المبادرة المصرية».