الإفراج عن لبناني معتقل منذ 27 سنة يحرك قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا

رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان: لدينا معلومات تؤكد وجود عشرات المعتقلين اللبنانيين في سجونها

TT

على وقع المعارك الدائرة في سوريا، وعمليات الخطف والخطف المضاد بين اللبنانيين من جهة والمعارضة السورية من جهة أخرى، جاء الإفراج عن اللبناني يعقوب شمعون بعد اعتقاله 27 عاما ليعيد الأمل إلى العائلات اللبنانية التي تطالب بأبنائها المعتقلين في السجون السورية منذ عشرات السنين.

ورغم إصرار شمعون على عدم الكلام، باستثناء بعض المعلومات التي أدلى بها مؤكدا وجود عدد من اللبنانيين في سوريا كان قد التقاهم خلال تنقله بين السجون، فإن ظهوره أعاد تحريك هذه القضية التي لا يزال أهالي المعتقلين يحملون لواءها مستمرين في الاعتصام في خيمة في وسط بيروت منذ ست سنوات دون كلل أو ملل.

وفي هذا الإطار، أكد عبد الكريم ريحاوي، رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، أن عشرات المعتقلين اللبنانيين موجودون في السجون السورية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حصلنا على معلومات مؤكدة من عدد من المعتقلين السوريين الذين خرجوا من السجون السورية تفيد بوجود عشرات اللبنانيين في المراكز الأمنية والسجون، لا سيما في سجن صيدنايا العسكري، وكان آخر هذه الإفادات في شهر سبتمبر (أيلول) 2011»، مضيفا «مع العلم بأن هناك عددا من اللبنانيين أيضا موجودون في زنزانات منفردة في عدد من فروع الأمن، حيث يعرّف السجن من خلال رقم محدد وليس اسمه».

وفي حين أعلن وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي أن «الوزارة تضع اللمسات الأخيرة على مشروع مرسوم الهيئة الوطنية المستقلة للمخفيين قسرا تمهيدا لإحالته إلى مجلس الوزراء قبل نهاية الأسبوع»، وأنّ «اللجنة القضائية المكلفة بمتابعة قضية المفقودين في السجون السورية ستستمع إلى أقوال شمعون لمعرفة ما إذا كانت لديه معطيات عما إذا كان ثمة مساجين لبنانيون معه في سوريا»، اعتبر إبراهيم نجار، وزير العدل اللبناني السابق، أنه على السلطات اللبنانية أن تتخذ من الوقائع انطلاقة جديدة للمطالبة السياسية، وعلى وزارة الخارجية أن تتحرك، مبديا خشيته من أن تزيد هذه القضية من التوتر في العلاقات اللبنانية السورية.

وقال النجار لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون ظهور شمعون سرّع باتخاذ قرار بشأن مشروع الهيئة الوطنية، وبالتالي إذا ثبت أنه كان من المخفيين قسرا فهذا يفتح المجال أمام الحكومة اللبنانية لمساءلة الحكومة السورية، وذلك ضمن إطار الاتفاقات المعقودة بين البلدين»، معتبرا أن إثبات هذا الأمر «ستكون له نتائج خطيرة؛ بعدما كانت سوريا ولسنوات طويلة تنفي وجود معتقلين لبنانيين لديها».

من جهته، اعتبر رئيس منظمة «سوليد» غازي عاد أن عودة يعقوب شمعون دليل فاضح على تلكؤ الدولة اللبنانية وكل الفرقاء اللبنانيين - على اختلاف توجهاتهم - تجاه قضية اللبنانيين المخفيين قسرا في السجون السورية، بعدما كانوا يرفضون الاعتراف بوجود هؤلاء أو يعتبرون أنهم ليسوا على قيد الحياة. وقال عاد لـ«الشرق الأوسط»: «كمنظمة، لم نكن ننتظر دليلا على وجود أبنائنا في السجون السورية. وعودة شمعون الذي أكد أنه كان موجودا مع عدد من المعتقلين اللبنانيين، تثبت بدورها كذب ادعاءات الدولة السورية وعدم اعترافها بوجود هؤلاء لديها. وهذا الأمر يجب أن يشكل حافزا للدولة اللبنانية لأخذ الموضوع بجدية والتصرف بأسرع وقت ممكن».

وعن المعلومات التي حصلت عليها المنظمة من شمعون الذي لا يزال يرفض إعطاء المزيد من المعلومات خوفا على نفسه وعلى عائلته، قال عاد «بعد خروجه بثلاثة أشهر من السجن، وبعدما كان رافضا الإدلاء بأي تصريح أو إعطاء معلومات، استطعنا إقناعه بالكلام شرط إخفاء اسمه.. لكن عادت وسائل الإعلام اللبنانية وكشفت عن هويته، الأمر الذي انعكس سلبا على معنويات شمعون وبات اليوم يعيش حالة خوف من استهدافه».

وأشار عاد إلى أن «شمعون اعتقل في عام 1985 بتهمة انتمائه إلى حزب الكتائب اللبنانية، ثم حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وتنقل خلال سنوات اعتقاله بين المعتقلات وسجون فروع الاستخبارات السورية المختلفة، وكان آخرها صيدنايا ثم الحسكة. ولم يتمكن أهله من معرفة شيء عنه إلا في عام 2006 إثر خروج صديق له سوري كان مسجونا ليبلغهم بمكان وجوده، ودفعوا أموالا طائلة حينها لزيارته. واستطاعوا في عام 2010 تكليف محام للدفاع عنه، إلى أن نجحوا في تحويل ملفه من عسكري إلى مدني، وأخلي سبيله منذ ثلاثة أشهر». وأوضح عاد أن اسم شمعون لم يكن مدرجا على لائحة المعتقلين الموجودة لدى «سوليد»، كما أسماء الأشخاص الذين أعلن أنهم كانوا موجودين معه في السجن.

وعما إذا كان هناك تحرك أو تواصل تم بين المنظمة والسلطات اللبنانية المعنية بعد ظهور شمعون، قال عاد «نتواصل مع وزير العدل شكيب قرطباوي، وقد وعدنا بأنه سيقدم مشروع إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمخفيين قسرا في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بعدما انتظرناها سنوات طويلة على أمل أن يتم التوصل عبرها إلى نتائج إيجابية».