مرسي يصف نظام الأسد بأنه «ظالم فقد الشرعية».. وبان كي مون يندد بإنكار إيران للمحرقة

خامنئي ينتقد ديكتاتورية مجلس الأمن

الرئيس المصري محمد مرسي يحيي قادة الدول وممثليها حيث غادر فور التقاط صورة تذكارية جماعية لهم أمس (رويترز)
TT

ألقت الأزمتان السورية والنووية الإيرانية، وإعادة النظر في هيكلة الأمم المتحدة وبنية مجلس الأمن، بظلالها على الجلسة الافتتاحية لقمة دول عدم الانحياز في طهران أمس، وخلق الرئيس المصري محمد مرسي الحدث حينما وصف النظام السوري بأنه نظام قمعي ظالم فقد الشرعية، إذ ساهم خطابه في جعل الأوضاع في سوريا حاضرة بقوة في القمة التي تحتضنها إيران - الحليف الرئيسي لنظام بشار الأسد في المنطقة. وبينما تفادى كل من المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، التطرق إلى الأزمة السورية، ولم يصدر أي رد فعل منهما إزاء ما قاله الرئيس المصري، لم يفوت بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الفرصة للتنديد بشدة بإنكار إيران لمحرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية ولحق إسرائيل في الوجود.

وقال كي مون أمام القادة الإيرانيين الرئيسيين: «أرفض بحزم أي تهديد من دولة عضو (في الأمم المتحدة) بتدمير أخرى أو تعليقات مهينة تنكر حقائق تاريخية مثل الهولوكوست». وأضاف أن «القول إن دولة أخرى، عضوا في الأمم المتحدة، ليس لها الحق في الوجود أو وصفها بعبارات عنصرية، ليس فقط أمرا سيئا، وإنما يهدد أيضا المبادئ التي التزمنا الدفاع عنها».

إلى ذلك، طالب مرسي خلال كلمته دول قمة عدم الانحياز بدعم نضال الشعب السوري، واصفا نظام الرئيس بشار الأسد بـ«القمعي»، وأنه نظام ظالم فقد شرعيته. وأعرب عن اعتقاده أن نزيف الدم في سوريا لا يمكن أن يتوقف بغير «تدخل فاعل» من الخارج.

ودعا الرئيس مرسي، إلى ضرورة توسيع دائرة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بما يتناسب مع واقع الدول الآن، مطالبا بضرورة تمثيل أفريقيا في مجلس الأمن، ومعالجة سلبيات استخدام حق الفيتو، الذي يعطل المنظمة الدولية عن اتخاذ كثير من المواقف، أبرزها ما يحدث حاليا في سوريا.

وأكد مرسي، وهو أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير، دعم الشعب السوري ونضاله ضد «النظام القمعي»، معتبرا ذلك حقا وواجبا أخلاقيا، داعيا دول الحركة جميعا إلى أن تعلن دعمها الكامل غير المنقوص لمطالب الحرية في سوريا، وأن يتم ترجمة ذلك في خطوات عملية تدعم الانتقال السلمي لنظام ديمقراطي وبطريقة سلمية، وبما يحفظ سوريا من الحرب الأهلية أو التقسيم.

وطالب مرسي المعارضة السورية بتوحيد صفوفها دون تفرقة أو تمييز، مضيفا أن مصر على أتم استعداد للتعاون مع كل الأطراف سعيا لحقن الدماء والاتفاق على سوريا الجديدة التي يتوق إليها كل سوري، منوها إلى أن مصر تقدمت بمبادرتها لحل الأزمة السورية، داعيا الأطراف المختلفة لإيجاد الحل المناسب لهذه المحنة، قائلا: «علينا أن ندرك أن هذا الدم وأولياءه، لا يمكن أن يتوقف بغير تدخل منا جميعا لوقف هذا النزيف».

وقال مرسي إن «الثورة المصرية مثلت حجر الزاوية في حركة الربيع العربي ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية لنقل السلطة إلى الحكم المدني»، مضيفا أنها بدأت بعد أيام من ثورة تونس، وتلتها ليبيا واليمن، واليوم «الثورة في سوريا ضد النظام الظالم».

وأكد مرسي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأهمية دور حركة عدم الانحياز في دعم الحق الفلسطيني، والاعتراف بحق الفلسطينيين في عضوية كاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، ومساعدة الشعب الفلسطيني، ومساعدة السجناء الفلسطينيين لنيل حريتهم.

وتعهد بدعم مصر لأي خطوة تتخذها فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعم المصالحة، داعيا الفلسطينيين لإتمام المصالحة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لكي يركزوا على قضيتهم الحقيقية وهي مقاومة الاحتلال والتحرر منه، وانتقد الرئيس قرار إسرائيل بمنع بعض وزراء دول عدم الانحياز من دخول رام الله.

وأكد مرسي أن دول الحركة تواجه تحديات تتطلب التعاون لدعم دور الحركة، ومنها مبادرات نزع السلاح النووي ومنع انتشاره، بما ينطبق على الجميع، خاصة أن دول المنطقة انضمت جميعها للمعاهدة باستثناء إسرائيل، مشيرا إلى حق دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وتسلمت إيران أمس رئاسة قمة دول حركة عدم الانحياز. وقدم مرسي تقريرا عن قيادة مصر للحركة خلال السنوات الثلاث الماضية منذ قمة شرم الشيخ عام 2009، داعيا الحضور إلى انتخاب الرئيس نجاد رئيسا للحركة في قمتها السادسة عشرة التي تستمر مدة 3 سنوات. وأكد أنه جاء إلى طهران لتسليم إدارة الحركة من مصر إلى إيران الشقيقة، مؤكدا أمله في قدرتها على قيادة الحركة بما يدعم تماسكها في إطار من الشفافية والواقعية، والحفاظ على الإنجازات التي تحققت على مدار نصف قرن، لافتا إلى أن مصر ستظل ملتزمة دعم دور الحركة لتحقيق السلام الدائم والشامل العادل.

ومن جهته، اعتبر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الظروف الراهنة في العالم فرصة قد لا تتكرر لحرکة عدم الانحياز، مشيرا إلى أن غرفة عمليات العالم يجب ألا تدار بديكتاتورية عدة بلدان غربية، مشددا على ضرورة التمكن من تشكيل وتأمين مشارکة ديمقراطية عالمية على صعيد الإدارة الدولية. وشدد خامنئي على القول خلال افتتاح قمة دول عدم الانحياز في طهران أمس: «هذه هي حاجة کل البلدان التي تضررت وتتضرر بشکل مباشر وغير مباشر من تطاول عدة بلدان تسلطية متعسفة».

وفي غضون ذلك، وصف خامنئي مجلس الأمن الدولي بأنه ذو بنية وآليات غير منطقية وغير عادلة وغير ديمقراطية بالمرة. وقال منتقدا المجلس: «هذه ديكتاتورية علنية ووضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاکه»، مشيرا إلى أن أميركا استغلت هذه الآليات المغلوطة، فاستطاعت فرض تعسفها على العالم بلبوس المفاهيم النبيلة.

وانتقد خامنئي البلدان المالكة لأکثر مقدار من الأسلحة النووية، وقال إنها لا تحمل إرادة جادة وحقيقية لإلغاء هذه الأدوات الإبادية من مبادئها العسكرية، ولا تزال تعتبرها عاملا لصد التهديدات، ومؤشرا مهما في تعريف مكانتها السياسية والدولية، وهذه رؤية مرفوضة تماما، حسب ما قال. وزاد قائلا: «السلاح النووي لا يضمن الأمن ولا يحقق تکريس السلطة السياسية، إنما هو تهديد لکلا هذين الأمرين».

وفي سياق ذلك، ذكر أن إيران تعتبر استخدام الأسلحة النووية والكيماوية وأمثالها «ذنبا کبيرا لا يغتفر». قبل أن يضيف: «لقد أطلقنا شعار (شرق أوسط خال من السلاح النووي) ونلتزم هذا الشعار. وهذا لا يعني غض الطرف عن حق الاستفادة السلمية من الطاقة النووية وإنتاج الوقود النووي. الاستخدام السلمي لهذه الطاقة حق لكل البلدان حسب القوانين الدولية. يجب أن يستطيع الجميع استخدام هذه الطاقة السليمة في شتى مجالات الحياة لبلدانهم وشعوبهم، ولا يكونوا تابعين للآخرين في تمتعهم بهذا الحق. لكن بعض البلدان الغربية التي تمتلك السلاح النووي وترتكب هذا العمل غير القانوني ترغب في أن تحتكر القدرة على إنتاج الوقود النووي. ثمة تحرك غامض مريب راح يتكون لتكريس واستمرار احتكار إنتاج وبيع الوقود النووي داخل مراکز تُسمى دولية، لكنها في الواقع في قبضة بضعة بلدان غربية». وزاد قائلا: «إن أميركا وشركاءها الغربيين زودوا إسرائيل بالأسلحة النووية، وخلقوا تهديدا کبيرا لهذه المنطقة الحساسة، لكن نفس هذه الجماعة المخادعة لا تطيق الاستخدام السلمي للطاقة النووية من قبل البلدان المستقلة، بل تعارض بكل قدراتها إنتاج الوقود النووي لغرض الأدوية وسائر الاستهلاکات السلمية الإنسانية، وذريعتهم الكاذبة الخوف من إنتاج سلاح نووي».

وجدد خامنئي التأكيد على أن بلاده «لا تسعى أبدا للتسلح النووي، کما لن تغض الطرف أبدا عن حق شعبها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. شعارنا هو (الطاقة النووية للجميع، والسلاح النووي ممنوع على الجميع). وسوف نصر على هذين القولين، ونعلم أن کسر احتكار عدة بلدان غربية لإنتاج الطاقة النووية في إطار معاهدة حظر الانتشار هو لصالح کل البلدان المستقلة بما في ذلك البلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز».

وحول العقوبات الاقتصادية الغربية الهادفة إلى الضغط على إيران في الملف النووي، قال المرشد الأعلى الإيراني إن «عقوبات مثل تلك التي يقولون إنها (تصيب بالشلل) ليس فقط لا، ولن تشلنا، وإنما تجعل خطواتنا أثبت وتزيد من تصميمنا وتعزز ثقتنا».

ومن جهته، انتقد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأمم المتحدة، ودعا إلى إقامة نظام عالمي جديد. وقال أحمدي نجاد، وقد جلس إلى جواره الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون: «تقع جرائم قتل وحروب، وجميعها يبررها مجلس الأمن الدولي». وأضاف أن «حكام العالم اليوم هم الذين ساقوا العبيد بالأمس، ومن أعلنوا الحروب وأذلوا الأمم، أضعفوها وقتلوا الأبرياء. ومن ثم، ينبغي لنا اتخاذ موقف من أجل نظام وإدارة جديدة للعالم».

وذكرت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية أن أحمدي نجاد اعتبر انعدام الأمن في العالم نتيجة للإدارة السائدة على المجتمع العالمي، ونقلت عنه قوله إن الاحتكار في إدارة مجلس الأمن الدولي عامل شجع إسرائيل على ارتكاب ومواصلة جرائمها، وقال إن الشعوب في الدول الصناعية أسيرة عدد من الأحزاب الطامعة في السلطة واللاهثة وراءها.

ومن جهته، قال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة في كلمة وزعت على المشاركين في أعمال القمة، إنه لا يمكن أن يكون تطلع الشعب السوري للحرية والكرامة والعدل استثناء، بل يجب دعم مطالب هذا الشعب ومساندتها، ووضع حد لمأساته، وتنفيذ القرارات والمبادرات العربية والدولية بوقف أعمال العنف وقتل المدنيين الأبرياء، ونقل السلطة من خلال اتفاق سياسي يحقق طموح ومطالب الشعب السوري المشروعة.

وقال أمير قطر «إن انشغالنا بقضايا الربيع العربي، خاصة مطالب الشعب السوري البطل، لا يجب أن تلهينا عن قضية العرب المركزية فلسطين»، ولفت إلى أن إسرائيل تقوم حاليا بتكثيف أنشطتها الاستيطانية وتصعيد وتيرة تهويد القدس والتضييق على الفلسطينيين، في تحد واضح فاضح للشعوب العربية وللمجتمع الدولي.