خطاب الرئيس المصري أحبط القيادة الإيرانية والتلفزيون قطع البث الحي له

جعفري قائد الحرس الثوري حاول جذب انتباه مرسي ولم ينجح

الرئيس مرسي خلال صلاة الجمعة في مسجد أبو بكر في حي مصر الجديدة أمس (رويترز)
TT

«احذر من أحلامك» هذا هو القول المأثور الذي تفكر فيه القيادة في إيران مليا فيما يتعلق بالرئيس المصري محمد مرسي. فعلى مدى أشهر، قرعت طهران الطبول لصالح مرسي، أولا لانتخابه رئيسا لمصر، ثم بوصفه الرجل الذي سيضع مصر تحت لواء الثورة الخمينية. وكان من المفترض أن يمثل حضور مرسي مؤتمر قمة دول عدم الانحياز عودة إلى العاصمة السياسية التي استثمرتها طهران في الرئيس المصري الجديد. ومع ذلك، فمن خلال الخطاب الذي ألقاه في طهران يوم الخميس الماضي، قوض آمال إيران في إرساء «جبهة صحوة إسلامية».

لقد بذلت القيادة الإيرانية جهدا هائلا في الإعداد لما وصفه «المرشد الأعلى» علي خامنئي باسم «انتصار» منظور آية الله الخميني للإسلام. ولا يركز ذلك المنظور على المحتوى الديني للإسلام، فيما يسلط الضوء على الدور السياسي الذي قد حاول أن يلعبه في المعتاد.

وفي خطابه الافتتاحي في قمة طهران، أثار خطاب خامنئي ثلاثة موضوعات أخرى.

أولا، يرغب في تغيير تسمية الثورات الأخيرة التي اندلعت في الشرق الأوسط، والتي توصف بمصطلح «الربيع العربي» إلى اسم «الصحوة الإسلامية»، وربطها، على نحو يناقض المنطق تماما، بالمذهب الخميني في إيران. وقد أقام خامنئي أمانة عامة للصحوة الإسلامية أملا في تهميش منظمة المؤتمر الإسلامي.

ويتمثل الموضوع الثاني في إنكار محرقة الهولوكوست، إلى جانب دعوات إلى «إبادة إسرائيل» بوصفها «خلية سرطانية». وفي النهاية، تطالب طهران بـ«دعم قوي» للرئيس السوري بشار الأسد.

وفي خطابه الذي ألقاه في طهران أثناء زيارة قصيرة استمرت أربع ساعات، أحبط مرسي القيادة الإيرانية على جميع المستويات.

أولا، حرص الرئيس على عدم السماح بأي جرعة من معاداة أميركا في خطابه.

ثانيا، رفض مرسي تسمية «الصحوة الإسلامية» وأصر على وصف الثورات في تونس وليبيا ومصر واليمن باسم «الربيع العربي». وشدد على أن الثورات كانت تهدف إلى الديمقراطية والكرامة الإنسانية، ولم تكن لها دوافع دينية بحتة، فما بالك بمنظور الخميني الغريب للإسلام. بعدها، نكأ جرح أتباع النهج الخميني بتأكيده على أن الثورة في سوريا تعد «امتدادا للربيع العربي» لا «مؤامرة أميركية صهيونية» مثلما يزعم خامنئي. وبينما يعتبر خامنئي الإبقاء على نظام الأسد باعتباره واحدا من الأهداف الاستراتيجية الرئيسية لطهران, وصف مرسي نظام الأسد بأنه «قمعي ظالم فقد الشرعية»، معبرا عن دعم مصر للثورة السورية.

هذا وقد تضمن خطاب مرسي ضربة أخرى , فقد بدأ خامنئي خطابه الافتتاحي في المؤتمر بالثناء على «الرسول وآل الرسول». وبدوره، رد مرسي بالثناء على الرسول وآل الرسول والخلفاء الراشدين الأربعة واحدا تلو الآخر.

ويبدو أن ذلك فاجأ الإعلام الإيراني، إذ على نحو مفاجئ، قطع تلفزيون طهران بثا حيا لخطاب مرسي بإعلان عن إحدى شركات الغاز.

وبسرعة فائقة، حشدت وسائل الإعلام في طهران إمكاناتها من أجل «التلاعب» في خطاب مرسي، بتحريف أجزاء منه واختلاق أجزاء أخرى. فبدلا من إبراز دعوة مرسي الصريحة لإسقاط نظام الأسد، نقلت وسائل الإعلام في طهران عن القائد المصري دعمه للأسد.

وبالأمس، لم تستطع وسائل الإعلام في طهران إخفاء غضبها من مرسي. وفي البرنامج الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية في طهران، كان المفترض أن يذهب مرسي لزيارة قبر الخميني «لوضع إكليل من الزهور والقيام بمراسم التكريم». ولكنه لم يفعل. وكان من المفترض أيضا أن «يستقبله رسميا المرشد الأعلى» الإيراني. يذكر أن التكوين المسرحي لتلك المناسبات معقد جدا. يجلس خامنئي على مقعد مرتفع، بينما يجلس الزائرون الأجانب الذين «يستقبلهم» على مقاعد منخفضة. ومن ثم، يظهر «المرشد الأعلى» على شاشة التلفزيون ناظرا للأسفل إلى هؤلاء الذين قد أتوا «لتقديم فروض الاحترام» له. ويبدو المسؤولون الإيرانيون في حال أسوأ. فعندما يستقبلهم خامنئي، يتعين عليهم الجلوس على الأرض، بينما يرنو إليهم «المرشد الأعلى» من مقعده المرتفع.

وبرفضه الذهاب إلى خامنئي، الذي كان يجلس في غرفة في قاعة الاجتماعات التي تبعد بضعة أمتار، لم يلعب مرسي التمثيلية.

كانت وسائل الإعلام في طهران قد وعدت بـ«مفاجآت» أثناء زيارة مرسي، مشيرة إلى أنه ربما يعلن عن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران. يذكر أن الخميني كان قد أفتى بعدم جواز عودة العلاقات مع مصر ما لم تلغ اتفاقية كامب ديفيد.

ومؤخرا، تجاهلت طهران فتوى الخميني ولمحت إلى أنها ستكون مستعدة لعودة العلاقات من دون أي شروط. إلا أن مرسي لم يكن متحمسا. وفي قاعة الاجتماعات، كان يجلس خلف مرسي مباشرة طوال الوقت الجنرال محمد علي عزيز جعفري، قائد قوات الحرس الثوري الإسلامي، العمود الفقري للنظام الخميني. وفي مناسبات عدة، حاول الجنرال جذب انتباه مرسي، ولكنه فشل.