خامنئي يعتبر الحكومة السورية ضحية ويحمل أميركا وإسرائيل مسؤولية الأزمة

بان كي مون يطالب طهران بإطلاق قادة المعارضة والنشطاء والصحافيين

رئيس الوزراء السوري مع أعضاء وفده في قمة عدم الإنحياز أمس (إ.ب.أ)
TT

اعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي أمس عند استقباله رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي على هامش قمة عدم الانحياز في طهران أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما «أبرز المسؤولين الخفيين» عن الأزمة السورية.

وقال خامنئي كما أورد موقعه الإلكتروني إن «أبرز المسؤولين الخفيين عن المشكلات المؤلمة في سوريا هم أميركا والنظام الصهيوني اللذان أغرقا سوريا بالأسلحة ودعما ماليا المجموعات غير المسؤولة» من المعارضة. وأضاف «إن الحكومة السورية هي الضحية في هذه الأزمة».

ودعا دمشق إلى «مواصلة الإصلاحات السياسية للقضاء على كل حجج المعارضة» و«كشف خفايا المؤامرة السورية للرأي العام العالمي والعربي».

جاء ذلك في اليوم الثاني لقمة عدم الانحياز التي اختتمت مساء أمس بوثيقة للدول الـ120 الأعضاء تؤكد على المواقف التقليدية لهذه الحركة التي تم إنشاؤها خلال الحرب الباردة ردا على هيمنة الدول العظمى: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و«إضفاء الطابع الديمقراطي» على مجلس الأمن الدولي وإدانة العقوبات الأحادية ودعم قيام دولة فلسطينية أو نزع الأسلحة النووية.

وعلى الرغم من أن ثلاثين رئيس دولة أو حكومة فقط شاركوا في القمة، فإن طهران اعتبرت أن عقدها دليل على فشل الجهود الغربية لفرض عزلة عليها بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. لكن ملف إيران النووي ألقى بظلاله على القمة.

وردا على انتقادات المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي لـ«ديكتاتورية» مجلس الأمن الذي أدان إيران وفرض عقوبات عليها مرارا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طهران إلى احترام القرارات الدولية التي تطلب منها وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم التي تثير قلق الأسرة الدولية.

وحذر بان من أن «دوامة من العنف» قد تفضي «سريعا» إلى نزاع عسكري منددا بالتهديدات الإسرائيلية بضرب المواقع النووية الإيرانية وأيضا بالتصريحات الإيرانية الحاقدة «غير المقبولة» التي تهدد بتدمير دولة إسرائيل في حال تعرضت لهجوم.

وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إيران على الإفراج عن قادة المعارضة والنشطاء السياسيين والصحافيين، كخطوة باتجاه تحسين سجل حقوق الإنسان الضعيف في البلاد.

وقال بان كي مون في وقت متأخر أول من أمس في خطاب بمدرسة العلاقات الدولية في طهران: «من المهم على وجه التحديد الاستماع إلى أصوات شعب إيران خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة».

وأضاف: «هذا هو السبب وراء قيامي بحث السلطات خلال زيارتي هذه المرة على إطلاق سراح قادة المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والنشطاء في المجال الاجتماعي لخلق المناخ لتحقيق حرية التعبير وفتح مناقشات».

وأجرى بان كي مون محادثات مع قائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد.

وقبل المغادرة، قال بان للصحافيين في طهران اليوم «أدعو إيران أيضا إلى التعاون مع مبعوث الأمم المتحدة لحقوق الإنسان».

ورفضت الحكومة الإيرانية استقبال مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أحمد شهيد الذي انتقد انتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية.

وتقول منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان إن إيران استهدفت الصحافيين والمحاميين والنشطاء الحقوقيين والطلاب في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2009 والتي أثارت مظاهرات جماعية من جانب أنصار الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي.

وكانت هناك تكهنات أيضا أن بان كي مون سوف يطلب زيارة موسوي وكروبي اللذين هما قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) عام 2011.

وقال بان للصحافيين قبل مغادرته طهران اليوم إنه نقل قلقه إزاء وضع حقوق الإنسان إلى الحكومة الإيرانية وخاصة بشأن انتخابات الرئاسة العام المقبل، حسبما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا).

من جهة أخرى قال بان كي مون خلال لقاء أمس مع رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي إن الحكومة السورية يجب أن تكف عن استخدم الأسلحة الثقيلة.

وقال بان في مؤتمر صحافي بثه تلفزيون «برس تي في» الإيراني الناطق بالإنجليزية «ذكرت بأنه على جميع الأطراف وقف كل شكل من أشكال العنف والجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق الحكومة السورية التي عليها الكف عن استخدام أسلحة ثقيلة».

والتقى بان الحلقي والمعلم على هامش قمة عدم الانحياز.

وأدان بان خلال القمة التصريحات «العنصرية» و«المهينة» للقادة الإيرانيين الذين يدعون بانتظام إلى تدمير دولة إسرائيل أو ينكرون المحرقة.

كما دعا لهذه المناسبة النظام الإيراني إلى الإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين محذرا من أن «تضييق حرية التعبير وإلغاء عمل الناشطين الاجتماعيين لا يؤدي سوى إلى عرقلة التطور وزرع بذور عدم الاستقرار».

على صعيد آخر أعرب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن استعداد بلاده لاحتضان حوار بين الفصائل الفلسطينية.

وذكرت وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية أمس أن تصريحات أحمدي نجاد جاءت خلال اجتماع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هامش قمة حركة عدم الانحياز التي تستضيفها العاصمة الإيرانية طهران.

وقال الرئيس الإيراني «عندما تكونون أنتم وأشقاؤنا الفلسطينيون الآخرون في الفصائل المختلفة مستعدين للجلوس من أجل الحوار مع بعضكم البعض، فنحن نرحب بحرارة بكم في إيران ونضع الأساس للتوصل إلى اتفاق وتحقيق الوحدة بين جميع الفصائل الفلسطينية».

يشار إلى أن اجتماعات الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتا فتح وحماس، عقدت في شهر فبراير (شباط) الماضي في القاهرة دون تحقيق إنجاز بخصوص تشكيل حكومة توافق وطني.

كانت العلاقات بين إيران والسلطة الفلسطينية قد توترت قبيل انعقاد القمة على خلفية دعوة طهران لحركة حماس لحضور القمة ما أدى إلى تهديد عباس بعدم الحضور.

وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان صرح الأسبوع الماضي بأن بلاده وجهت دعوة لرئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية لحضور قمة عدم الانحياز غير أنه اعتذر بسبب ارتباطاته. غير أنه أضاف «وجهنا دعوة رسمية أخرى لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للمشاركة في قمة عدم الانحياز».

واتهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إيران بالسعي إلى تكريس الانقسام الفلسطيني من خلال دعوة هنية للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز. وقال فياض في بيان صحافي إن دعوة هنية «تمثل تصعيدا خطيرا في موقف إيران المناوئ لوحدة الأرض الفلسطينية المحتلة ولدور السلطة الوطنية في رعاية مصالح أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس».